الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة
إِذا لم يمْتَنع الْجمع بَين مدلولي الْمُشْتَرك فَهَل يجوز اسْتِعْمَاله فيهمَا
فِيهِ مذهبان
3 -
الصَّحِيح وَهُوَ الَّذِي ذهب إِلَيْهِ الشَّافِعِي وَاخْتَارَهُ ابْن الْحَاجِب يجوز وَاخْتَارَ الإِمَام فَخر الدّين أَنه لَا يجوز
وَقيل يمْتَنع فِي اللَّفْظ الْمُفْرد وَيجوز فِي التَّثْنِيَة وَالْجمع لتعدده
وَفِي الإحكام للآمدي عَن ابي الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ أَنه يجوز فِي
النَّفْي دون الْإِثْبَات لِأَن السَّلب يُفِيد الْعُمُوم فيتعدد بِخِلَاف الْإِثْبَات وَحَكَاهُ الْبَيْضَاوِيّ أَيْضا وَهُوَ غَرِيب
وَتوقف الْآمِدِيّ فَلم يخْتَر شَيْئا
إِذا علمت ذَلِك فَهَل يجب حمل اللَّفْظ الصَّالح للمعنيين عَلَيْهِمَا مَعًا إِذا لم تقم قرينَة على شَيْء
فِيهِ مذهبان
مَذْهَب الشَّافِعِي أَنه يجب احْتِيَاطًا فِي تَحْصِيل مُرَاد الْمُتَكَلّم لأَنا إِن لم نحمله على وَاحِد مِنْهُمَا لزم التعطيل أَو حملناه على وَاحِد لزم التَّرْجِيح بِلَا مُرَجّح
وَفِي الْبُرْهَان لإِمَام الْحَرَمَيْنِ أَن الشَّافِعِي يُوجب حمل اللَّفْظ على حَقِيقَته ومجازه أَيْضا قَالَ وَلَقَد اشْتَدَّ نَكِير القَاضِي على الْقَائِل بِهِ
إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة
1 -
مَا إِذا قَالَ لزوجته أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي خَمْسَة اشهر مثلا إِذا صححنا الظِّهَار الْمُؤَقت وَهُوَ الصَّحِيح فَإِنَّهُ يكون أَيْضا موليا على الصَّحِيح وَقيل لَا بل يحمل على الظِّهَار خَاصَّة لِأَنَّهُ لَيْسَ بحالف
2 -
وَمِنْهَا قَوْلهم إِن الْكِتَابَة لَا تسْتَحب إِلَّا فِي عبد عرف كَسبه وأمانته لقَوْله تَعَالَى {فكاتبوهم إِن علمْتُم فيهم خيرا} وَالْخَيْر يُطلق على الْعَمَل الصَّالح كَقَوْلِه تَعَالَى {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} وعَلى المَال لقَوْله تَعَالَى {وَإنَّهُ لحب الْخَيْر لشديد}
وَقَوله تَعَالَى {إِن ترك خيرا} الْآيَة وَيصِح أَن يُقَال حملناه عَلَيْهِمَا لِأَن الْخَيْر نكرَة وَقعت فِي سِيَاق الشَّرْط فعمت
3 -
وَمِنْهَا مَا قَالَه أَصْحَابنَا فِي عُمُوم قَوْله تَعَالَى {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} أَنه شَامِل للمستطيع بِنَفسِهِ وَبِغَيْرِهِ وَهُوَ المعضوب إِذا وجد من يحجّ عَنهُ وَاسْتَدَلُّوا بِهِ على وُجُوبه عَلَيْهِ مَعَ أَن إِقَامَة فعل الْغَيْر مقَام فعل الشَّخْص مجَاز وَهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ مَبْنِيّ على إِعْرَاب الْآيَة وللنحاة فِيهَا ثَلَاثَة أَقْوَال حَكَاهَا ابْن عُصْفُور وَغَيره
أَحدهَا أَن الْمصدر وَهُوَ حج مُضَاف إِلَى الْمَفْعُول وَمن هُوَ الْفَاعِل وَالتَّقْدِير أَن يحجّ المستطيع الْبَيْت
وَالثَّانِي كَذَلِك إِلَّا أَن من شَرْطِيَّة وجزاؤها مَحْذُوف وَالتَّقْدِير من اسْتَطَاعَ اليه سَبِيلا فَلْيفْعَل
وَالثَّالِث أَن من بدل من النَّاس على أَنه بدل بعض من كل التَّقْدِير وَللَّه على المستطيع من النَّاس حج الْبَيْت
فعلى الأول يكون ذَلِك جمعا بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز
وعَلى الثَّانِي وَالثَّالِث لَا يكون جمعا بَينهمَا لِأَن قَوْله {حج الْبَيْت} صَادِق
على الْحَج بِنَفسِهِ وَبِغَيْرِهِ
4 -
وَمِنْهَا أَن الشَّفق يُطلق على الْأَحْمَر والأصفر وَقد ورد أَنه عليه الصلاة والسلام صلى الْعشَاء حِين غَابَ الشَّفق
فَإِن كَانَ الشَّفق مُشْتَركا فَيَنْبَغِي حمله عَلَيْهِمَا حَتَّى لَا يدْخل إِلَّا بِالثَّانِي وَإِن كَانَ متواطئا فقد دخلت عَلَيْهِ أل وَهِي للْعُمُوم عندنَا فَلَا بُد مِنْهُ إِلَّا أَن يُقَال صدنَا عَن ذَلِك كُله مَفْهُوم قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام وَقت الْمغرب مَا لم يسْقط ثَوْر الشَّفق فَإِن الثور بالثاء الْمُثَلَّثَة الْمَفْتُوحَة هُوَ الثوران وَرُوِيَ بِالْفَاءِ أَيْضا وَهُوَ بِمَعْنَاهُ وهما يدلان على أَن المُرَاد هم الْأَحْمَر
5 -
وَمِنْهَا اخْتلَافهمْ فِي المُرَاد من قَوْله عليه السلام فَلْيقل إِنِّي صَائِم وَقد تقدم إيضاحه فِي أول الْكتاب الأول
6 -
وَمِنْهَا إِذا قَالَ السَّيِّد لعَبْدِهِ إِن رَأَيْت عينا فَأَنت حر فَإِنَّهُ
يعْتق بِمَا يرَاهُ من الْعُيُون وَلَا يشْتَرط رُؤْيَة الْجَمِيع كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي كتاب التَّدْبِير ثمَّ قَالَ عقبه إِن الْأَشْبَه أَن الْمُشْتَرك لَا يحمل على جَمِيع مَعَانِيه
7 -
وَمِنْهَا إِذا وقف على الموَالِي وَله موَالِي من أَعلَى وموالي من أَسْفَل فوجوه
أَصَحهَا كَمَا قَالَه فِي الرَّوْضَة والمنهاج أَنه يقسم بَينهمَا وَقيل يصرف إِلَى الموَالِي من أَعلَى لقرينه مكافأتهم وَقيل من أَسْفَل لجَرَيَان الْعَادة بذلك لأجل احتياجهم غَالِبا وَقيل لَا يَصح بِالْكُلِّيَّةِ وَفِي قَول حكاء الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْوَصِيَّة عَن رِوَايَة حَكَاهَا الْبُوَيْطِيّ أَنه يُوقف إِلَى الصُّلْح وَحَكَاهُ فِي الرَّوْضَة من زوائده فِي كتاب الْوَقْف وَجها عَن حِكَايَة الدَّارمِيّ ثمَّ قَالَ إِنَّه لَيْسَ بِشَيْء فتفطن لذَلِك فَلَو لم يعبر الْوَاقِف بِالْجمعِ بل عبر بالمفرد فَقَالَ على الْمولى فَكَذَلِك عِنْد القَاضِي أبي الطّيب وَابْن الصّباغ فَإِنَّهُمَا ذكرا الْخلاف فِي حَالَة الْإِفْرَاد وَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَة لَا يتَّجه الِاشْتِرَاك وتنقدح مُرَاجعَة الْوَاقِف
قلت وَسَببه أَن الأَصْل أَن من كَانَ القَوْل قَوْله فِي شَيْء كَانَ القَوْل قَوْله فِي صفة ذَلِك الشَّيْء كَمَا لَو قَالَ هَذِه الدَّار بَينهمَا أَو اخْتلفُوا فِي شَرط الْوَاقِف وَهُوَ مَوْجُود وَقد سبق فِي أول الْمَسْأَلَة أَن جمَاعَة منعُوهُ فِي حَال الْإِفْرَاد دون مَا عداهُ وَهُوَ هَذَا الْخلاف