الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[وفاة قانبك الأزدمري]
[2972]
- وفيه مات قانبك الأزدمري (1)، الحاجب الثاني، وأحد الطبلخانات، بطّالا.
وله نحوا (2) من تسعين سنة.
وكان عاقلا، أدوبا، عارفا، حشما، ساكنا.
[رمضان]
[المجلس بشأن كنيس اليهود]
وفي رمضان لما صعد القضاة والمشايخ إلى القلعة لتهنئة السلطان أمر بعقد مجلس، فعقد بين يديه بسبب كنيس اليهود الذي هدم بالقدس. وكان قد أمر السلطان بطلب كل من له حظ في هذه الحادثة من المعيّنين. ثم سأل كاتب السرّ عن لسان السلطان بأن هدم الكنيس المذكور هل كان بوجه سائغ شرعا أم [لا](3)، وإذا هدمت بغير إذن الإمام ماذا يجب على من فعل ذلك؟
فما استتمّ السلطان كلامه حتى بدر الأمين الأقصرائيّ - جوزي خيرا عن دينه - فقال: المقادسة مظلومين (4). أو ما هو في معنى ذلك. فتغيّر مزاج السلطان، ثم تكلّم
= عليه منارة، وهو بلصق كنيسة اليهود من جهة القبلة، ويتوصّل إلى المسجد من زقاق مستطيل من جهة القبلة وبجوار المسجد من جهة الغرب دار من جملة أوقاف اليهود، فوقع المطر في زمن الشتاء، ولعلّه في شهر جمادى الآخرة، فهدمت الدار المذكورة فكشف باب المسجد من جهة الشارع المسلوك فيكون أقرب للمصلّين، فقصد المسلمون الاستيلاء على الدار المنهدمة، وأن الاستطراق إلى المسجد منها لكونها على الشارع المسلوك، فيكون أقرب للمصلّين من الاستطراق من ذلك الزقاق القبلي لبعده بالنسبة إلى هذا المكان، وامتنع اليهود من ذلك، ورفعوا أمرهم للقضاة، وأظهروا من أيديهم المستند الشاهد لهم باستحقاقهم الدار المذكورة، واتصل ثبوته بحكام الشريعة، فنازعهم المسلمون في ذلك وزعموا أن الدار المذكورة من حقوق المسجد، وانتهى الحال إلى أن القضاة توجّهوا بأنفسهم لكشف ذلك وتحريره، فجلسوا بالمسجد المذكور، وهم: القاضي شهاب الدين بن عبيّة الشافعي، والقاضي خير الدين بن عمران الحنفي، والقاضي كمال الدين النابلسي الحنبلي، وكنت حاضرا ذلك المجلس، فحرّر أمر الدار فيها، وانفصل المجلس على ذلك، وكان في شهر رجب. فلم يرض المسلمون بذلك، واعتصب بعض العوام، وتوجّه إلى القاهرة ووقف للسلطان، فأنهى أن الكنيسة التي لليهود بالقدس محدثة، وأن الدار المذكورة من جملة حقوق المسجد، وهي بأيدي اليهود بغير حق، فبرز مرسوم السلطان: بالنظر في ذلك وتحريره، وورد الأمر بذلك إلى القدس الشريف في شهر رمضان». (الأنس الجليل 2/ 426).
(1)
انظر عن (قانبك الأزدمري) في: بدائع الزهور 3/ 102، ولم يذكره السخاوي في الضوء اللامع.
(2)
الصواب: «وله نحوّ» .
(3)
إضافة يقتضيها السياق.
(4)
الصواب: «مظلومون» .
بكلمات، وتكلّم من كان حاضر (1) هذا المجلس من العلماء، كلّ بما ظهر له. / 260 ب / ووقع القال والقيل والخباط واللّغط الكثير.
وآل الأمر إلى أنه يعقد (مجلس)(2) بدار يشبك الدوادار تحرّر فيه الحال، وانفضّوا على ذلك، فأخذ الناس في التشنيع على السلطان وعلى من أفتى بعدم جواز هدمها وبإعادتها. وأنشد الشعراء في ذلك أشعارا، من جملة ذلك ما قيل في القلجانيّ، من جملة أبيات:
تفتي بعود كنيس يا مغربيّ
…
ما أنت إلاّ (3). . . . . . . . . . . .
وثار الكثير ممّن له جرأة من أهل الطلب ومن ينتسب للعلم بعضا (4) على بعض، ونالوا من أعراض بعضهم البعض، ووقع التنافس والتدابر. ومن الجزئيات ما لو عددناها لطال المجال، وكلّ قصده إظهار نفسه وإطفاء غيره، وأنه هو العالم، ومن خالفه الجاهل. ولله الأمر.
ثم عقد المجلس ثانيا في رابعه بدار يشبك الدوادار، وحضر القضاة الأربع (5) والمشايخ وجميع من بمصر من العلماء ممّن له ميل إلى مثل حضور مثل هذه المجالس والكثير من طلبة العلم، وكان مجلسا حافلا جدا. ثم دار الكلام بينهم في هذه المسألة (6)، وقصد كلّ إلا القليل منهم ترويج نفسه والتعجّب على غيره، وتكلّم كلّ بما يهواه في هذه الحادثة، وكثر اللغط، وتكلّم يشبك بكلمات، فكلّمه بعض من حضر من أهل العلم بما يرد فيه عليه الحق، فحنق منه وأمر أعوانه بالقبض عليه، وكّل به بعد أن أراد أن يبطش به حتى شفع فيه، فدام في التوكيل به حتى احتدّ الأمين الأقصرائيّ لما رأى ذلك، وكلّم يشبك بكلمات مواجهة فيها بمكاتبة، وقام من المجلس مغضبا متوجّها إلى حال سبيله، ثم طال الكلام بين الحاضرين أيضا في ذلك.
وآل الأمر إلى أن نقض قاضي القدس حكمه بنفسه، ورجع عنه، فقيل له: احكم بإعادة الكنيس، فعورض في ذلك، ووقع بين اللقّاني والقلجاني كلمات، وكذا بينه وبين
(1) الصواب: «من كان حاضرا» .
(2)
عن هامش المخطوط.
(3)
بدائع الزهور 3/ 103 وفي الأنس الجليل 2/ 435. تفتي بعود كنيس وكان ذلك جهلا وتدّعي فرط علم والله ما أنت إلاّ وممّا هجي به السراج العبادي، لبعضهم: أيا سراج اليهود طرا ومن لدين العزيز أفتى عصبة أهل الكتاب قالوا لن ترضى عنك اليهود حتى
(4)
الصواب: «بعضهم» .
(5)
الصواب: «القضاة الأربعة» .
(6)
في المخطوط: «المسلة» .