الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا فَتَر في العبادة ضرب ساقه سوطاً أو سوطين (1) ، وأما التراخي والتعلّل فلا يورث إلا حرماناً من القُربُات، وقد يعتبر عن العزيمة بالهمة، والحق أن العزيمة فرع عن الهمة، فمن ارتفعت همته صحت عزيمته، والعكس صحيح، والله أعلم.
رابعاً: إقامة الحقوق الأخرى:
لابد من إقامة الحقوق الأخرى قبل القيام بالعبادات التطوعية، وأعني بها حقوق الزوج والأولاد وما يماثلها مما يتعلق بذمّة الشخص، فقد قال أبو الدرداء رضي الله عنه:
((كنت تاجراً قبل المبعث، فلما جاء الإسلام جمعت التجارة والعبادة فلم يجتمعا، فتركت التجارة ولزمت البعادة)).
فقال الذهبي معلقاً على هذا:
((قلت: الأفضل جمع الأمرين مع الجهاد، وهذا الذي قاله هو طريق جماعة من السلف، ولا ريب أن أمزجة الناس تختلف في ذلك، فبعضهم يقوى على الجمع كالصَّديق وعبد الرحمن بن عوف، وكما كان ابن المبارك،
(1)((نزهة الفضلاء)): 1/ 318 - 319.
وبعضهم يعجز ويقتصر على البعادة، وبعضهم يقوى في بدايته، ثم يعجز وبالعكس، وكل سائغ، ولكن لا بد من النهضة بحقوق الزوجة والعيال)) (1).
وأخرج الإمام البخاري رحمه الله بسنده عن عون بن أبي جُحيفة (2) عن أبيه (3) ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى الدرداء مُتبذلة، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء، فصنع له طعاماً فقال: كل، قال: فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل، فلمّا كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نم، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نم، فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قم الآن، فصلَّيا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي
(1) المصدر السابق: 1/ 157.
(2)
السُوائي الكوفي ثقة. توفي سنة 116 رحمه الله تعالى. انظر ((التقريب)): 433.
(3)
وهب بن عبد الله السُوائي، مشهور بكنيته، ويقال له وهب الخير. صحابي معروف رضي الله عنه، مات سنة 74: المصدر السابق: 585.