الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النازع الثالث: الدعوة إلى الله تعالى:
هذا مطلب لكثير من الملتزمين، وهو تأدية لحق العلم بالدعوة إلى الله تعالى، وهو أمر واجب في هذا العصر الذي ضلّ فيه كثير من الناس، واتّبعوا أهواءهم وشهواتهم، ونكصوا على أعقابهم، ونكثوا البيعة مع الله تبارك وتعالى.
وللدعوة (شروطها، ووسائلها، ومقوماتها، وآدابها) رسائلُ كثيرة، ولكن الذي هو مطلوب البحث ذكر بعض الأمور التي يتم بها للداعية أمر دعوته من حيث التوازن والاعتدال.
جوانب التوازن في الدعوة:
أولاً: التوازن بين الدعوة وأداء القربات:
حال خوض الداعية غمار الدعوة لا ينسى أن يوازن بين التقرب إلى الله بأداء بعض العبادات البدنية
وبين الدعوة كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل؛ وذلك لأن الدعوة بدون قُرَب جفاف، والقُرَب بدون دعوة تضييع، والجمع بينهما حال الأنبياء والرسل.
قال التابعي معاوية بن قُرّة (1):
((من يدلني على رجل بكّاء بالليل بسام بالنهار)) (2).
فهو يبكي بين يدي الله تبارك وتعالى حال قيام الليل، ويضحك في وجوه الناس في النهار تألُّفاً وتحبُّباً.
وقد سُئل أبو أسامة عن الإمامين الكبيرين الفُضَيْل بن عياض وأبي إسحاق الفزاري (3) فأجاب بما يصلح إيراده هاهنا، إذ قال:
((كان فضيلٌ رجل نفسه، وكان أبو إسحاق رجل عامّة)) (4).
وقال الشيخ عبد القادر الجيلاني (5) رحمه الله:
((أتمنى أن أكون في الصحاري والبراري كما كنت
(1) الإمام العالم الثبت، أبو إياس المزني البصري والد القاضي إياس. أدرك سبعين من الصحابة رضي الله عنه. وله كلام حسن. توفي سنة 113 وهو ابن 76 سنة. انظر ((سير أعلام النبلاء)): 5/ 153 - 155.
(2)
((نزهة الفضلاء)): 1/ 482.
(3)
الإمام الكبير، الحافظ المجاهد إبراهيم بن محمد بن الحارث الفزاريّ الشامي. كان من أئمة الحديث، صالحاً، آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر. مات سنة 186 عن ثمانين سنة تقريباً. انظر ((سير أعلام النبلاء)): 8/ 539 - 543.
(4)
المصدر السابق: 2/ 679.
(5)
الشيخ الإمام العالم الزاهد العارف القدوة، محي الدين أبو محمد عبد القادر بن عبد الله بن جنكي دوست الجيلي الحنبلي، شيخ بغداد، ولد بـ ((جيلان)) سنة 471، وتوفي ببغداد سنة 561. انظر ((نزعة الفضلاء)): 3/ 1573 - 1576.