الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاتمة
ثم في نهاية هذا المبحث إليك - أخي - هذه العبارات الذهبية من الحافظ الذهبي تبين لك أن التوازن بين النوازع هو طريق الصالحين وسمت المتقين:
قال الذهبي رحمه الله تعالى:
((فو الله إن تريل سبع القرآن في تهجد قيام الليل، مع المحافظة على النوافل الراتبة، والضحى، وتحية المسجد، مع الأذكار المأثورة الثابتة، والقول عند النوم واليقضة، ودبر المكتوبة والسحر، مع النظر في العلم النافع والاشتغل به مخلصً لله، مع الأمر بالمعروف، وإرشاد الجاهل وتفهيمه، وزجر الفاسق، ونحو ذلك، مع أداء الفرائض في جماعة بخشوع وطمأنينة وإنكسار وإيمان، مع أداء
الواجب، واجتناب الكبائر، وكثرة الدعاء والاستغفار، والصدقة، وصلة الرحم، والتواضع والإخلاص في جميع ذلك، لشغل (1) عظيم جسيم، ولمقام أصحاب اليمين، وأولياء الله المتقين، فإن سائر ذلك مطلوب)) (2).
وقال الأستاذ عبد الكريم زيدان فيما يُعدّ مكمّلاً لكلام الإمام الذهبي:
((المثالية في الإسلام تتصف بالشمول؛ لأن الإسلام يريد من المسلم أن يبلغ الكمال المقدر له بتناسق وفي جميع شؤونه، فلا يُقبل على جانب واحد أو عدة جوانب ويبلغ فيه المستوى العالي من الكمال بينما يهمل الجوانب الأخرى حتى ينزل فيها إلى دون المستوى المطلوب، إن مثله مثل من يقوي يديه ويترك سائر أعضائه رخوة هزيلة ضعيفة.
وعلى هذا الأساس فهم الصحابة الكرام مثالية الإسلام، فلم تأسرهم عبادة، ولم تقيدهم عادة، وإنما تقلبوا
(1) هذا هو خبر إن الواردة في افتتاح النقل.
(2)
((نزهة الفضلاء)): 1/ 226 - 227.
في جميع العبادات والأحوال، وبلغوا فيها المستوى العالي من الكمال، فلم يجبسوا أنفسهم في مكان، ولا على نوع من العبادة، ولا على نمط معين من الأعمال، وإنما باشروا الجميع، فعند الصلاة كانوا في المسجد يصلون، وفي حلقات العلم يجلسون معلمين أو متعلمين، وعند الجهاد يقاتلون، وعند الشدائد والمصائب يواسون ويساعدون، وهكذا كان شأنهم في جميع الأحوال)) (1).
(1)((أصول الدعوة)): 70.