الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لغزو بعض القلوب الصَّدئة ونحو ذلك.
ويحسن بالدعاة ألا يتأثروا من قلة زيارة إخوانهم لهم؛ إذ المعيار هو الأخوّة وتقارب القلوب، وليس الدليل على المحبة كثرة الزيارة، فقد جاء يوسف القاضي (1) إلى الإمام إبراهيم الحربي (2) فقال له:
يا أبا إسحاق، لو جئناك على مقدار واجب حقِّك لكانت أوقاتنا كلها عندك. فقال:
((ليس كل غيبة جفوة، ولا كل لقاء مودة، وإنما هو تقارب القلوب)) (3).
خامساً: التوازن في الحرص على الناس:
بعض الدعاة بسبب كثرة مخالطته للناس ومعرفته بمشاكلهم قد يضعف شعوره بمشاكلهم وتجاوبه معها، وبعض الدعاة على العكس من ذلك يكاد يتمزق كلما سمع مشكلة أو رأى منكراً، والمطلوب التوازن.
(1) لعله يوسف بن يعقوب بن إسماعيل، الإمام الحافظ المتوفى سنة 297 كما في ((سير أعلام النبلاء)): 14/ 86.
(2)
الشيخ الإمام، الحافظ العلامة، شيخ الإسلام، أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم البغدادي الحربي، صاحب التصانيف، ولد سنة 198. كان إماماً في العلم، رأساً في الزهد، عارفاً بالفقه، بصيراً بالأحكام، حافظاً للحديث، مميزاً للعلة، صنف كتباً كثيرة، توفي سنة 258 رحمه الله تعالى.= انظر ((سير أعلام النبلاء)): 13/ 356.
(3)
المصدر السابق: 2/ 982.
فقد حث الله سبحانه وتعالى رسوله الأعظم صلى الله عليه وسلم على ألا يهلك نفسه حسرة على قومه فقال:
((لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين*)(1).
وقال سبحانه:
((فلعلك باخع نفسك على ءاثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً*)) (2).
والبَخْع: الهلاك.
ولكنه قد غلب الناس في هذه الأزمنة تبلد شعورهم بمشاكل المسلمين، فيا حبّذا أن يتوازن هذا الأمر في الداعية، فلا يتأثر تأثراً يفضي به إلى عدم القدرة على العمل وإلى الإحباط واليأس، ولا يضعف هذا الشعور في نفسه فيتبلد حسه.
كان أويس القَرَنيّ (3)((إذا أمسى تصدّق بما في بيته من الفضل من الطعام والشراب، ثمّ قال: اللهم من مات جوعاً فلا تؤاخذني به، ومن مات عُرياً فلا تؤاخذني به)) (4).
(1) سورة الشعراء: [3].
(2)
سورة الكهف: [6].
(3)
القدوة الزاهد، سيد التابعين في زمانه، المرادي اليماني. من أولياء الله المتقين وعباده المخلصين. أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث صحيحه. وانظر ((سير أعلام النبلاء)): 4/ 19 - 33.
(4)
((نزهة الفضلاء)): 1/ 324.