المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثانيا: وجوب الاستعداد للجهاد: - التنازع والتوازن في حياة المسلم

[محمد بن موسى الشريف]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الخامسة

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌المبحث الأولالنوازع وأهمية التوفيق بينها

- ‌معنى التوازن والنوازع:

- ‌المبحث الثانيالنوازع: ذكرها وبيانها

- ‌النازع الأول: طلب العلم الشرعي:

- ‌جوانب التوازن في طلب العلم الشرعي:

- ‌أولاً: التوازن في طلب العلوم المختلفة وتفضيل بعضها على بعض:

- ‌ثانياً: التوازن بين طلب العلم وطلب ترقيق القلب:

- ‌ثالثاً: التوازن بين طلب العلم وحقوق الأهل والأولاد:

- ‌رابعاً: التوازن بين طلب العلم وفعل التطوعات:

- ‌خامساً: التوازن بين طلب العلم الشرعي وبين طلب الثقافة الإسلامية والواقعية:

- ‌النازع الثاني: كثرة العبادة:

- ‌جوانب التوازن في التعبد:

- ‌أولاً: الأولوية إقامة الفرائض:

- ‌ثانياً: فعل بعض التطوعات أمر لازم لطالب الدرجات العلى:

- ‌ثالثاً: العزيمة القوية:

- ‌رابعاً: إقامة الحقوق الأخرى:

- ‌خامساً: الشمولية في العبادة:

- ‌النازع الثالث: الدعوة إلى الله تعالى:

- ‌جوانب التوازن في الدعوة:

- ‌أولاً: التوازن بين الدعوة وأداء القربات:

- ‌ثانياً: عدم الانجراف مع الناس حال دعوتهم:

- ‌ثالثاً: الإقلال من مخالطة المدعوِّين إلا لغرض صحيح:

- ‌رابعاً: الإقلال من مخالطة الدعاة إلا لغرض صحيح:

- ‌خامساً: التوازن في الحرص على الناس:

- ‌سادساً: التوازن بين كره التصدي والشهرة وبين وجوب قيادة الناس:

- ‌النازع الرابع: الجهاد في سبيل الله:

- ‌جوانب التوازن في الجهاد:

- ‌أولاً: العلم والدعوة قد يفضلان الجهاد الكِفائي:

- ‌ثانياً: وجوب الاستعداد للجهاد:

- ‌ثالثاً: معرفة أنواع الجهاد:

- ‌النازع الخامس: طلب المال:

- ‌أهمية المال:

- ‌أولاً: وجوب كون المال في اليد لا في القلب:

- ‌ثانياً: عدم الإغراق في طلب المال:

- ‌ثالثاً: المسارعة في إنفاقه لوجه الله تعالى:

- ‌رابعاً: وجوب التخصص في هذا الباب:

- ‌المبحث الثالثالتوازن والتنازع

- ‌واقعية هذا البحث:

- ‌أسس وضوابط لتحقيق التوازن:

- ‌الأسس والضوابط اللازم توفرها في بيئة الشخص:

- ‌أولاً: الطمأنينة والأمن:

- ‌ثانياً: الخلوّ من الكدورات والهموم:

- ‌ثالثاً: انتشار العلم والثقافة:

- ‌الأسس والضوابط اللازم توفرها في الشخص:

- ‌أولاً: الإعداد المبكر والعناية الإلهية:

- ‌ثانياً: النجابة والذكاء:

- ‌ثالثاً: توفر صفات خَلقية وخُلقية في الشخص تعينه على هذا المطلوب:

- ‌رابعاً: توفر التوازن الذاتي:

- ‌خامساً: الحفاظ على الوقت وعلو الهمّة:

- ‌سادساً: التنظيم والترتيب:

- ‌سابعاً: تنمية الأسس التفكيرية:

- ‌ثامناً: النظرة الشاملة للحياة:

- ‌تاسعاً: معرفة الأوليات:

- ‌عاشراً: عدم الخلط بين الأمنيات والإمكانات:

- ‌حادي عشر: عدم الاستعجال:

- ‌ثاني عشر: التفرغ ولو بقدر:

- ‌ثالث عشر: الإقلال من الاجتماع بالناس ومخالطتهم:

- ‌رابع عشر: معرفة أن النوازع يترتب بعضها على بعض:

- ‌مطلب في التفرغ

- ‌ الإرشادات في هذا الباب تعين على تحصيل التفرغ أو بعضه:

- ‌ضوابط لمسألة التفرغ:

- ‌مطلب في الترويح والاستجمام

- ‌فوائد الترويح وعلاقته بالمبحث:

- ‌أولاً: سدُّ حاجة الأهل والأولاد من جلوسهم مع عائلهم:

- ‌ثانياً: سدُّ حاجة الجسد من الحركة اللازمة له:

- ‌ثالثاً: الترويح عن النفس مدعاة لاستزادتها من الخير:

- ‌تنبيه مهم

- ‌خاتمة

- ‌عزاء

- ‌فهرس الأعلام

- ‌فهرست المصادر والمراجع

الفصل: ‌ثانيا: وجوب الاستعداد للجهاد:

فهذا رأي يحيى بن معين في ذلك الزمان؟ فكيف في هذا العصر الذي قلّ فيه من ينشر العلم ويدعو بصدق وحكمة.

‌ثانياً: وجوب الاستعداد للجهاد:

من كان الجهاد مفضولاً في حقّه فليس معنى هذا أنه ينسى الاستعداد له نفسيّاً وعقلياً وبدنياً، بل ينبغي له أن يكثر من ذكره ويتمنّى الشهادة ويرغب فيها، بل يجعلها أسمى أمانيه، ويتحسّر على الجهاد إذا فاته، فهذا يونس بن عبيد (1) الإمام التابعيّ ((نظر إلى قدميه عند الموت وبكى، فقيل: ما يبكيك أبا عبد الله؟ قال: قدماي لم تغبرَّ في سبيل الله)) (2).

ولقد كان الكثير من السلف مستعدين للجهاد،

(1) الإمام القدوة الحجة، من صغار التابعين وفضلائهم، العبدي - بالولاء - ثقة، ورع. توفي سنة 140 رحمه الله تعالى. انظر ((سير أعلام النبلاء)): 6/ 288 - 296.

(2)

((نزهة الفضلاء)): 2/ 903.

ص: 65

فهذا الإمام البخاري (1) رحمه الله تعالى كان يركب إلى الرمي كثيراً، وكان لا يُسبق في إصابته الهدف (2).

وهذا السلطان الصالح نور الدين محمود الشهيد (3)

((كان يكثر اللعب بالكرة فأنكر عليه فقير (4) فكتب إليه: والله ما أقصد اللعب، وإنما نحن في ثغر فربّما وقع الصوت (5) فتكون الخيل قد أدمنت على الانعطاف والكرِّ والفرّ)) (6).

وهذا سلطان الموحِّدين يوسف بن عبد المؤمن (7)((أمر العلماء أن يجمعوا أحاديث في الجهاد تُملى على الجند، وكان هو يملي بنفسه وكبار الموحِّدين يكتبون في ألواحهم)) (8).

(1) الإمام الحافظ العلم محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري الجعفي - بالولاء - توفي سنة 256 بقرية خَرْتَنْك، رحمه الله تعالى. انظر ((سير أعلام النبلاء)): 12/ 391 - 471.

(2)

((نزهة الفضلاء)): 2/ 904.

(3)

صاحب الشام، الملك العادل، ليث الإسلام، أبو القاسم محمود بن زنكي. ولد سنة 511. كان حامل رايتي العدل والجهاد، قلّ أن ترى العيون مثله. وكان بطلاً شجاعاً، وافر الهيبة، حسن الرمي، ذا تعبد وخوف وورع، وكان يتعرض للشهادة في غزوات كثيرة غزاها مع الإفرنج. توفي رحمه الله تعالى سنة 569. انظر ((سير أعلام النبلاء)): 20/ 531 - 539.

(4)

أي صوفي.

(5)

أي جاء العدوّ.

(6)

((نزهة الفضلاء)): 3/ 1454.

(7)

صاحب المغرب. كان حلو الكلام فصيحاً، حلو المفاكهة، عارفاً باللغة والأخبار والفقه، متفنناً، جواداً، شجاعاً، استشهد بالأندلس الذي دخلها للدفاع عنها سنة 580 رحمه الله تعالى. انظر ((سير أعلام النبلاء)): 21/ 98 - 103.

(8)

((نزهة الفضلاء)): 3/ 1473.

ص: 66

وهذا العالم الصالح حَيْوة بن شُريح (1) إمام المصريين قد قال مرّة لبعض نواب مصر:

((يا هذا، لا تخليَنّ بلادنا من السلاح، فنحن بين قبط لا ندري متى ينقضّ، وبين حبشي لا ندري متى يغشانا، وبين رومي لا ندري متى يحلّ بساحتنا، وبربري لا ندري متى يثور)) (2).

وأمّا سؤال الله الشهادة فقد كان الصالحون يكثرون منه، فهذا عتبة الغلام بات عند رياح القيسيّ (3) فسمعه يقول في سجوده:

((اللهم احشر عتبة من حواصل الطير وبطون السِّباع)) (4).

أي أن يستشهد في معركة ويُترك حتى تأكل الطير والسباع من لحمه.

وقد غفل كثير من الصالحين عن الاستعداد للجهاد، فهم إذ نادى مناديه لا أدري كيف سيستجيبون ولسان حالهم الناطق بالعجز أفصح من مقالهم.

(1) الإمام الرباني، أبو زرعة، التجيبي المصري، من البكائين، وكان ضيق الحال جداً، وصاحب كرامات. توفي رحمه الله تعالى سنة 158. انظر ((سير أعلام النبلاء)): 6/ 404 - 406.

(2)

((نزهة الفضلاء)): 1/ 553.

(3)

رياح بن عمرو القيسي العابد، أبو المهاصر، بصري زاهد، متألِّه، كبير القدر، وهو قليل الحديث، كثير الخشية والمراقبة.

انظر ترجمته في ((سير أعلام النبلاء)): 8/ 174 - 175.

(4)

((نزهة الفضلاء)): 1/ 564.

ص: 67