الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كتاب الخلع]
ومعناه: فراق الزوج امرأته بعوض. فإن خالعها بغير عوض، لم يصح، لكن إن كان بلفظ الطلاق، أو نواه به، فهو طلاق رجعي، ولم يقع به شيء، وعنه: يصح الخلع بغير عوض. اختاره الخرقي. فإذا سألته خلعها، فقال: خلعتك، انفسخ النكاح ولا شيء له؛ لأنه فرقة، فجازت بغير عوض، كالطلاق. فإن قال: خلعتك من غير سؤال الزوجة، لم يكن خلعا، وكان كناية في الطلاق لا غير. قال أبو بكر: لا خلاف عن أبي عبد الله أن الخلع ما كان من قبل النساء. فإذا كان من قبل الرجال، فلا نزاع في أنه طلاق يملك به الرجعة. ووجه الرواية الأولى أنه فسخ للنكاح بغير عوض ولا عيب، فلم يملكه الزوج، كما لو لم تسأله المرأة.
[فصل في حكم الخلع]
فصل:
والخلع على ثلاثة أضرب: مباح: وهو أن تكره المرأة زوجها لبعضها إياه، وتخاف ألا تؤدي حقه، ولا تقيم حدود الله في طاعته، فلها أن تفتدي نفسها منه، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] . وروى البخاري بإسناده، قال:«جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ما أنقم على ثابت من دين ولا خلق، إلا أني أخاف الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ فالت: نعم. فردت عليه، وأمره ففارقها» . ولأن حاجتها
داعية إلى فرقته، ولا تصل إليها إلا ببذل العوض، فأبيح لها ذلك، كشراء المتاع.
الثاني: المخالعة لغير سبب مع استقامة الحال، فذهب أصحابنا إلى أنه صحيح مع الكراهة، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] . ويحتمل كلام أحمد تحريمه وبطلانه؛ لأنه قال: الخلع مثل حديث سهلة، تكره الرجل، فتعطيه المهر، فهذا الخلع. ووجه ذلك قَوْله تَعَالَى:{وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: 229] . وروى ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة» رواه أبو داود. ولا يلزم من الجواز في غير عقد، الجواز في عقد بدليل عقود الربا.
الثالث: أن يعضل الرجل زوجته بأذاه لها، ومنعها حقها ظلما، لتفتدي نفسها منه، فهذا محرم، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء: 19] . فإن طلقها في هذه الحال بعوض، لم يستحقه لأنه عوض أكرهت على بذله بغير حق، فلم يستحقه، كالثمن في البيع. ويقع الطلاق رجعيا. وإن خالعها بغير لفظ الطلاق، وقلنا: هو طلاق، فحكمه ما ذكرنا، وإلا فالزوجية بحالها. فإن أدبها لتركها فرضا أو نشوزها، فخالعته لذلك، لم يحرم؛ لأنه ضربها بحق. وإن زنت فعضلها لتفتدي نفسها منه، جاز وصح الخلع، لقول الله تعالى:{إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19] . والاستثناء من النفي إثبات. وإن ضربها ظلما لغير قصد أخذ شيء منها، فخالعته لذلك، صح الخلع؛ لأنه لم يعضلها ليأخذ مما آتاها شيئا.
فصل:
ويصح الخلع من العبد والسفيه والمفلس، وكل زوج يصح طلاقه؛ لأنه إذا ملك الطلاق بغير عوض، فبعوض أولى. والعوض في خلع العبد لسيده؛ لأنه من كسبه، لا يجوز تسليمه إلى غيره، إلا بإذنه، ولا يجوز تسليم العوض في خلع السفيه إلا إلى