الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشهر، طلقت ولا شيء له، نص عليه؛ لأنه إخبار بإيقاع الطلاق من غير عوض. وإن قالت: لك علي ألف على أن تطلقني متى شئت من الآن إلى شهر، فطلقها قبل رأس الشهر، وقع الطلاق، واستحق الألف؛ لأنه أجابها إلى ما سألت. وقال القاضي: تبطل التسمية وله صداقها؛ لأن زمن الطلاق مجهول.
فصل:
وإن قالت إحدى زوجتيه: طلقني وضرتي بألف، ففعل، صح الخلع فيهما؛ لأن الخلع مع الأجنبي صحيح. وإن طلق إحداهما لم يستحق شيئا؛ لأنه لم يجبها إلى ما سألت، فلم يستحق ما بذلت، كما لو قال في المناضلة: من سبق بسهمين فله ألف، فسبق أحدهما. وقال القاضي: تبين المطلقة على الباذلة حصتها من الألف، كما لو قال: من رد عبدي فله ألف، فرد أحدهما، وإن قالت: طلقني بألف على أن تطلق ضرتي بألف، فكذلك سواء. وقال القاضي: إذا لم يف بشرطها، فله الأقل من المسمى في صداقها، أو الألف.
فصل:
وإن قال لزوجتيه: أنتما طالقتان بألف، فقبلتا، طلقتا، وتقسطت الألف بينهما على قدر صداقهما، وعلى قول أبي بكر يكون بينهما نصفين، كقوله فيما إذا تزوجهما بألف. وإن قبلت إحداهما، بانت، ولزمتها حصتها من الألف، وإن كانت إحداهما غير رشيدة، فقبلتا، بانت الرشيدة بحصتها، ولم تطلق الأخرى؛ لأنها بذلها للعوض غير صحيح. وإن قال: أنتما طالقتان بألف إن شئتما، فقالتا: قد شئنا، فهي كالتي قبلها، إلا أن إحداهما إذا شاءت وحدها، لم تطلق واحدة منهما؛ لأن مشيئتهما معا شرط لطلاقهما، فلا يوجد بدون شرطه، فإن قالتا: قد شئنا، وإحداهما صغيرة أو مجنونة، فكذلك؛ لأن مشيئتها غير صحيحة، وإن كانت سفيهة، طلقتا؛ لأن مشيئتهما صحيحة، وعلى الرشيدة حصتها من العوض، ويقع طلاق السفيهة رجعيا، ولا عوض عليها؛ لأن بذلها غير صحيح.
[فصل في بيان عوض الخلع]
فصل:
وكل ما جاز صداقا، جاز جعله عوضا في الخلع، قليلا كان أو كثيرا، وقال أبو بكر: لا يأخذ أكثر مما أعطاها، فإن فعل، رد الزيادة، والأول المذهب، لقول الله تعالى:{فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] .
وروت الربيع بنت معوذ قالت: اختلعت من زوجي بما دون عقاص رأسي، وأجازه
عثمان؛ ولأنه عوض عن ملك منافع البضع، أشبه الصداق. ولا يستحب أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها؛ لأنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أمر ثابت بن قيس أن يأخذ من زوجته حديقته ولا يزداد، رواه ابن ماجه. وحكمه حكم الصداق في أنه إذا وجد به عيبا، خير بين قيمته وأخذ أرشه، وفي أنه إذا خالعها على عبد فبان حرا، أو خلا فبان خمرا، فله قيمة العبد، ومثل الخل. وإن خالعها بحر، أو خمر يعلمانه وهما مسلمان، فهو كالخلع بغير عوض؛ لأنه رضي منها بما ليس بمال، بخلاف ما إذا لم يعلم، فأنه لم يرض بغير مال، فرجع بحكم الغرور. فإن كانا كافرين فأسلما، أو تحاكما إلينا بعد قبضه، فلا شيء له؛ لأن حكمه مضى قبل الإسلام، فإن أسلما قبله، فظاهر كلام الخرقي أنه يجب له عوض؛ لأنه لم يرض بغير عوض فأشبه المسلم إذا اعتقده عبدا، أو خلا. وقال القاضي في الجامع: لا شيء له؛ لأنه رضي بما ليس بمال، فأشبه المسلم. وقال في المجرد: لها مهر المثل؛ لأن العوض فاسد يرجع إلى قيمة المتلف، وهو مهر المثل، ويحتمل أن يجب لها قيمة الحر لو كان عبدا، وقيمة الخمر عند الكفار؛ لأنه رضي بمالية ذلك، فأشبه المسلم إذا اعتقده عبدا أو خلا.
فصل:
ويصح الخلع على عوض مجهول في ظاهر المذهب. وقال أبو بكر: لا يصح؛ لأنه عقد معاوضة فلا يصح بالمجهول، كالبيع. ولنا أن الطلاق معنى يصح تعليقه بالشرط، فجاز أن يستحق به المجهول، كالوصية، وفيه مسائل خمس:
أحدها: أن تخالعه على ما في يدها من الدراهم، فإن كان في يدها دراهم، فهي له، وإن لم يكن فيها دراهم، فله ثلاثة، نص عليه أحمد؛ لأنه أقل ما يقع عليه اسم الدراهم حقيقة، ولفظها دل على ذلك فاستحقه، كما لو وصى له بدراهم.
الثانية: تخالعه على ما في بيتها من المتاع. فإن كان فيه متاع، فهو له قليلا كان أو كثيرا؛ لأن الخلع على المجهول جائز، فهو كالوصية به، وإن لم يكن فيه متاع، فله أقل ما يقع عليه اسم المتاع كالمسألة قبلها، وكالوصية. وقال القاضي وأصحابه: له المسمى في صداقها؛ لأنها فوتت عليه البضع بعوض مجهول، فيجب قيمة ما فوتت عليه وهو صداقها، وهو تعليل يبطل بالمسألة التي قبلها.
الثالثة: خالعها على دابة، أو حيوان، أو بعير، أو ثوب، ونحو ذلك. أو قال: إن
أعطيتني دابة أو بعيرا أو بقرة، فإنها تطلق، ويملك ما أعطته من ذلك. فإن اختلفا فيما يجب له، فالواجب أقل ما يقع عليه الاسم في قياس قول أحمد. وفي قول القاضي وأصحابه: يجب له صداقها، ووجه القولين ما تقدم.
الرابعة: خالعها على عبد مطلق، أو قال: إن أعطيتني عبدا، فأنت طالق، فالحكم فيها كالتي قبلها. قال أبو الخطاب: نص أحمد على أنه يملك العبد الذي أعطته. وقال القاضي: له عبد وسط بناء على قوله في الصداق. وقال أبو الخطاب: يجب له صداقها، ووجههما ما تقدم.
الخامسة: خالعها على ما يثمر نخلها، أو على ما تحمل أمتها، أو على ما في بطن الأمة من الحمل، أو ما في ضرع الشاة من اللبن، أو على ما في النخلة من التمر، فله ما سمي له إن وجد منه شيء، وإن لم يوجد منه شيء فقال القاضي في الجامع: لا شيء له؛ لأنهما دخلا في العقد مع تساويهما في العلم بالحال، ورضاه بما فيه من الاحتمال، فلم يكن له شيء، كما لو خالعها على ما ليس بمال. فإذا لم يستحق شيئا، كان كالخلع بغير عوض. وقد قال أحمد: إذا خلع امرأته على ثمر نخلها سنين، فجائز ترضيه بشيء قبل حمل نخلها. قيل له: فإن حمل نخلها؟ قال: هذا أجود من ذاك. قيل له: يستقيم هذا؟ قال: نعم جائز. قال القاضي: قوله: ترضيه بشيء على طريق الاستحباب؛ لأنه لو كان واجبا لتقدر بتقدير يرجع إليه، وقال: وفي معنى هذا إذا خالعها على حكم أحدهما، أو حكم أجنبي، أو على ما في يدها، أو بيتها، أو بمثل ما خالع به فلان زوجته ونحو ذلك. وقال أبو الخطاب: يرجع عليها بصداقها، وقال ابن عقيل: إن خالعها على حمل أمتها، فلم يخرج الولد سليما، فله مهر المثل في هذه المواضع كلها لما تقدم.
فصل:
إذا قال: إذا أعطيتني عبدا، فأنت طالق، فأعطته عبدا لها، ملكه، وطلقت، سليما كان أو معيبا، قنا أو مدبرا؛ لأن اسم العبد يقع عليه، فقد وجد شرط الطلاق، وإن دفعت إليه حرا لم تطلق؛ لأنها لم تعطه عبدا، ولم تملكه شيئا، وإن دفعت إليه عبدا مغصوبا، لم تطلق؛ لأن معنى العطية هاهنا التمليك، ولم تملكه شيئا. وإن قال: إن أعطيتني هذا العبد فأنت طالق، فدفعته إليه، فإذا هو حر، أو مغصوب، لم تطلق كذلك. وعنه: تطلق، وله قيمته. وإن خرج معيبا، لم يرجع عليها بشيء، ذكره أبو الخطاب؛ لأنه شرط لوقوع الطلاق، فأشبه ما لو قال: إن ملكته، فأنت طالق، ثم ملكه. وقال القاضي: له رده، والرجوع بقيمته، أو أخذ أرشه؛ لأنها خالعته عليه، أشبه ما لو