الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قول المرأة في انقضاء عدتها، فعلى هذا إن عاد بعد نكاح المرأة، فقال: أنا امرأة انفسخ نكاحه، لإقراره ببطلانه، ولزمه نصف المهر إن كان قبل الدخول، وجميعه إن كان بعده، ولا يحل له بعد ذلك أن ينكح؛ لأنه أقر بقوله: أنا رجل بتحريم الرجال، وأقر بقوله: أنا امرأة بتحريم النساء. وإن تزوج رجلاً ثم قال: أنا رجل لم يقبل قوله في فسخ نكاحه؛ لأنه حق عليه، فإذا زال النكاح فلا مهر له؛ لأنه يقر أنه لا يستحقه، وسواء دخل به أو لم يدخل. ويحرم عليه النكاح بعد ذلك لما ذكرناه.
فصل:
النوع العاشر: التحريم للإحرام. فلا يحل نكاح محرم ولا محرمة، ولا يجوز عقد المحرم نكاح غيره. ومتى عقد أحد نكاحاً لمحرم، أو على محرمة، أو عقد المحرم نكاحاً لغيره، أو لنفسه فالعقد باطل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب» رواه مسلم؛ ولأنه عارض منع الطيب فمنع النكاح، كالعدة. وعنه: أن عقد المحرم النكاح لغيره صحيح؛ لأنه محرم، لكونه من دواعي الوطء، ولا يحصل ذلك بكونه ولياً. والأول أصح، لعموم الخبر، فأما إن كان شاهداً في النكاح انعقد بشهادته؛ لأنه من أهل الشهادة، فأشبه الحلال. وتكره له الشهادة والخطبة، للخبر في الخطبة، والشهادة في معناها؛ لأنها معونة على النكاح.
[باب الشروط في النكاح]
وهي قسمان صحيح وفاسد. فالصحيح نوعان:
أحدهما: شرط ما يقتضيه العقد، كتسليم المرأة إليه، وتمكنه من استمتاعها، فهذا لا يؤثر في العقد. ووجوده كعدمه.
والثاني: شرط ما تنتفع به المرأة، كزيادة على مهرها معلومة، أو نقد معين، أو أن لا يتزوج عليها ولا يتسرى، أو لا يسافر بها ولا ينقلها عن دارها ولا بلدها، فهذا صحيح يلزم الوفاء به، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج» متفق عليه. وروي أن رجلاً تزوج امرأة وشرط لها دارها، ثم أراد نقلها، فخاصموه إلى عمر، فقال: لها شرطها. فقال الرجل: إذاً يطلقننا. فقال
عمر: مقاطع الحقوق عند الشروط، ولأنه شرط لها، فيه نفع ومقصود لا ينافي مقصود النكاح فصح، كالزيادة في المهر. فإن لم يف به فلها فسخ النكاح لأنه شرط لازم في عقد، فثبت حق الفسخ بفواته، كشرط الرهن في البيع.
فصل:
القسم الثاني: فاسد وهو ثلاثة أنواع:
أحدها: ما يبطل في نفسه، ويصح النكاح، مثل أن يشرط عليها أنه لا مهر لها، أو الرجوع عليها بمهرها، أو لا نفقة لها عليه، أو أن نفقته عليها، أو لا يطؤها، أو يعزل عنها، أو يقسم لها دون قسم صاحبتها، أو ألا يقسم لها إلا في النهار، أو ليلة في الأسبوع ونحوه، فهذه الشروط باطلة في نفسها؛ لأنها تتضمن إسقاط حق يجب بالعقد قبل انعقاده فلم يصح، كإسقاط الشفعة قبل البيع. وقد نقل عن أحمد في النهاريات والليليات: ليس هذا من نكاح أهل الإسلام، وهذا يحتمل إفساد العقد، فيتخرج عليه سائر الشروط الفاسدة أنها تفسده؛ لأنها شروط فاسدة، فأفسدت العقد، كما لو زوجه وليته بشرط أن يزوجه الآخر وليته. وهذا يحتمل أن يفسد بشرطها عليها ترك الوطء؛ لأنه ينافي مقتضى العقد ومقصوده. ولو شرط عليها ألا يطأها، لم يفسد؛ لأن الوطء حقه عليها وهي لا تملكه.
فصل:
النوع الثاني: ما يفسد النكاح من أصله، وهو أربعة أمور:
أحدهما: أن يشرطا تأقيت النكاح، وذلك نكاح المتعة، مثل أن يقول: زوجتك ابنتي شهراً أو نحوه فالنكاح باطل نص عليه، لما روى الربيع بن سبرة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:«نهى عن المتعة في حجة الوداع» وفي لفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حرم متعة النساء» رواه أبو داود؛ ولأنه لم يتعلق به أحكام النكاح من الطلاق وغيره فكان باطلاً، كسائر الأنكحة الباطلة. قال أبو بكر: فيه رواية أخرى: أنها مكروهة؛ لأن أحمد قال في رواية ابن منصور يجتنبها أحب إلي، فظاهرها الكراهة، لا
التحريم وغيره من أصحابنا يقول: المسألة رواية واحدة في تحريمها. ولو شرط أن يطلقها في وقت بعينه لم يصح النكاح؛ لأنه شرط يمنع بقاء النكاح، فأشبهت التأقيت. ويتخرج أن يصح النكاح ويبطل الشرط؛ لأن النكاح وقع مطلقاً، وشرط على نفسه شرطاً لا يؤثر فيه، فأشبه ما لو شرط ألا يطأها.
فصل:
الأمر الثاني: أن يزوجه وليته بشرط أن يزوجه الآخر وليته، فهذا نكاح الشغار. ولا تختلف الرواية عن أحمد في فساده، لما روى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى عن نكاح الشغار» . والشغار: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته وليس بينهما صداق. متفق عليه؛ ولأنه جعل كل واحد من العقدين سلفاً في الآخر فلم يصح، كما لو قال: بعني ثوبك على أن أبيعك ثوبي. فإن سميا مع ذلك صداقاً، فقال: زوجتك أختي على أن تزوجني أختك، ومهر كل واحدة مائة، فالمنصوص عن أحمد صحته لحديث ابن عمر. وقال الخرقي: لا يصح، لما روى الأعرج «أن العباس بن عبيد الله بن العباس: أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته، وأنكحه عبد الرحمن ابنته: وكانا جعلا صداقاً، فكتب معاوية إلى مروان: يأمره أن يفرق بينهما. وقال في كتابه: هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم» رواه أبو داود ولأنه شرط عقد في عقد فلم يصح، كما لو باعه ثوبه بشرط أن يبيعه ثوبه، وإن سمي لإحداهما مهراً، دون الأخرى، فقال أبو بكر: النكاح فاسد فيهما، وقال القاضي: يجب أن يكون في التي سمى لها مهراً روايتان.
فصل:
الشرط الثالث: أن يشرط عليه إحلالها لزوج قبله، ثم يطلقها فيكون النكاح حراماً باطلاً، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لعن الله المحلل والمحلل له» قال الترمذي: هذا حديث صحيح. فإن تواطآ على ذلك قبل العقد فنواه في العقد ولم يشرطه فالنكاح باطل أيضاً. نص عليه. وقال: متى أراد بذلك الإحلال فهو ملعون،