الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
والاعتبار بحال وجوب الكفارة في أظهر الروايتين؛ لأنها تجب على وجه التطهير، فاعتبر فيها حال الوجوب، كالحد.
والثانية: الاعتبار بأغلظ الأحوال من حين الوجوب إلى الأداء، فأي وقت قدر على العتق، لزمه؛ لأنه حق يجب في الذمة، بوجود المال، فاعتبر فيه أغلظ الأحوال، كالحج. فإن لم يقدر حتى شرع في الصيام، لم يلزمه الانتقال إلى العتق؛ لأنه وجد المبدل بعد الشروع في صوم البدل، فأشبه المتمتع يجد الهدي بعد الشروع في الصيام.
وإن أحب الانتقال إليه بعد ذلك أو قبله على الرواية الأولى، فله ذلك؛ لأنه الأصل، فيجزئه كسائر الأصول، إلا العبد إذا أعتق بعد وجوب الكفارة عليه، فليس له إلا الصوم؛ لأنه لم يكن يجزئه غيره عند الوجوب، فكذلك بعده.
[فصل في شروط الرقبة في كفارة الظهار]
فصل:
ولا يجزئ في الكفارات كلها إلا رقبة مؤمنة، لقول الله تعالى:{وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] . نص على المؤمنة في كفارة القتل، وقسنا عليها سائر الكفارات؛ لأنها في معناها. وعنه: يجزئه في سائر الكفارات ذمية، لإطلاق الرقبة فيها.
فصل:
ولا يجزئ إلا رقبة سالمة من العيوب المضرة بالعمل ضرراً بيناً؛ لأن المقصود تمليك العبد منفعته، وتمكينه من التصرف، ولا يحصل هذا مع العيب المذكور، فلا يجزئ الأعمى؛ لأنه يعجز عن الأعمال التي يحتاج فيها إلى البصير، ولا الزمن، ولا مقطوع اليد أو الرجل؛ لأنه يعجز عن أعمال كثيرة، ولا مقطوع الإبهام أو السبابة أو الوسطى من اليد؛ لأن نفعها يبطل بهذا، ولا مقطوع الخنصر والبنصر في يد واحدة كذلك، وقطع أنملتين من أصبع كقطعها؛ لأن نفعها يذهب بذلك، ولا يمنع قطع أنملة واحدة؛ لأنها تصير كالإصبع القصيرة إلا الإبهام، فإنها أنملتان، فذهاب إحداهما كقطعها، لذهاب نفعها، وإن قطعت الخنصر من يد، والبنصر من أخرى، لم يمنع؛ لأن نفع اليد لا يبطل به. ولا يجزئ الأعرج عرجاً فاحشاً؛ لأنه يضر بالعمل، فهو كقطع الرجل، فإن كان عرجاً يسيراً، أجزأ؛ لأنه لا يضر ضرراً بيناً.
ولا يجزئ الأخرس الذي لا تفهم إشارته، فإن فهمت إشارته، فالمنصوص أن الأخرس لا يجزئ. وقال القاضي وأبو الخطاب: يجزئ، إلا أن يجتمع معه الصمم، فإنهما إذا اجتمعا أضرا ضرراً بيناً.
ولا يجزئ المجنون جنوناً مطبقاً؛ لأنه لا يصلح لعمل، ولا من أكثر زمنه الجنون؛ لأنه يعجز عن العمل في أكثر زمنه، فإن كان أكثره الإفاقة، ولا يمنعه من العمل، أجزأ لعدم الضرر البين.
فصل:
ويجزئ الأعور؛ لأنه يدرك ما يدركه ذو العينين، وأجدع الأنف والأذنين والأصم؛ لأنه كغيره في العمل. ويجزئ الخصي والمجبوب كذلك، ويجزئ المرهون والجاني والمدبر وولد الزنا كذلك، ويجزئ الأحمق وهو الذي يخطئ ويعتقد خطأه صواباً.
ويجزئ المريض الموجو برؤه، والنحيف القادر على العمل، فأما ما لا يرجى برؤه، أو لا يقدر على العمل فلا يجزئ؛ لأنه لا عمل فيه. ويجزئ عتق الغائب، المعلوم حياته؛ لأنه ينتفع بنفسه حيث كان، وإن شك في حياته، لم تبرأ ذمته؛ لأن الوجوب ثابت بيقين، فلا يزول بالشك، فإن تبين أنه كان حياً، تبينا أن الذمة برئت بعتقه.
فصل:
ولا يجزئ عتق الجنين؛ لأنه لم يثبت له أحكام الرقاب، فإن أعتق صبياً، فقال الخرقي: لا يجزئه حتى يصلي ويصوم؛ لأن الإيمان قول وعمل، ولأنه لا يصح منه عبادة، لفقد التكليف، فلم يجزئ في الكفارة كالمجنون.
وقال القاضي: لا يجزئ من له دون السبع في ظاهر كلام أحمد، وقال في موضع آخر: يجزئ عتق الصغير في جميع الكفارات، إلا كفارة القتل، فإنها على روايتين. وقال أبو بكر وغيره: يجزئ الطفل في جميع الكفارات؛ لأنه ترجى منافعه وتصرفه، فأجزأ كالمريض المرجو. ولا يجزئ عتق مغصوب؛ لأنه ممنوع من التصرف في نفسه، فأشبه الزمن.
فصل:
ولا يجزئ عتق أم الولد في ظاهر المذهب؛ لأن عتقها مستحق بسبب آخر، فلم يجزئ كعتق قريبه، ولأن الرق فيها غير كامل، بدليل أنه لا يملك نقل ملكه فيها، وعنه: تجزئ؛ لأنها رقبة، فتتناول الآية بعمومها. وفي المكاتب ثلاث روايات:
إحداهن: يجزئ مطلقاً.
والأخرى: لا يجزئ مطلقاً، ووجهها ما ذكرنا.
والثالثة: إن أدى من كتابته شيئاً، لم يجزئ؛ لأنه حصل العوض عن بعضها، فلم يعتق رقبة كاملة، وإن لم يؤد شيء أجزأ؛ لأنه لم يقتض عن شيء منها، أشبه المدبر.