الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ حِكْمَةِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وُجُودُ الطَّائِفَةِ الْمَنْصُورَةِ:
بهذه الضوابط التي ذُكِرَتْ، وبغيرها من الضوابط، والأسس، والأصول، والقواعد، التي ستذكر في هذا الكتاب، وفي غيره إن شاء الله تعالى، تُعْرَفُ الطائفة المنصورة
…
وإذا عُرِفَتِ الطائفة المنصورة كان ما عداها غير منصور، ولا ناجٍ، وذلك بدليل قوله صلى الله عليه وسلم الذي مَرَّ معنا ..
ومن حكمة الله تعالى اللطيفة، ورحمته العظيمة: أنه لَمَّا عَلِمَ أَنْ سيكون في هذه الآية خلافات؛ جَعَلَ لهم قاضيًا، وحَكَمًا، يُنهي خلافاتهم، ويَقضي على تفرقهم، ألا وهو أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جعل الإسلام من قبل حكمًا وقاضيًا ومهيمنًا على الأديان كافة.
ثم ههنا أَمْرٌ دقيق ينبغي أن يدركه كُلُّ لَبِيبٍ، وهو: إِنْ لم نحكمهم في خلافاتنا، وهم حَوَارِيُّو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نزل القرآن بلغتهم، ورأوا سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بِأُمِّ أعينهم، وزكاهم الله في كتابه، ورضي عنهم .. إِنْ لم نحكم هؤلاء في خلافاتنا فَمَنْ نُحَكِّمُ؟ !
أليس فينا رجل رشيد؟ ! !
خلاصة أصل الأصول:
مما سبق يتبين:
أن أصل الأصول في دين الإسلام بعد الكتاب والسنة هو التزام منهج الصحابة، ومن تبعهم بإحسان في الفهم والسلوك.
وبهذا يُضْبَطُ الفهم، ويزول كثير من الخلاف، فتتوحد الأمة، وتنجو
من التفرق الذي هو بَلِيَّةُ الْبَلِيَّاتِ، وسبب الفشل والنكبات، وعندئذ يزول سبب ضعفها، فتقوى وتتمكن في الأرض.
وإن أصل الضلال، وسبب الانحراف في هذه الأمة: مخالفةُ منهج السلف، والعدول عن طريقهم، فيختلف الفهم، فتختلف الأمة، فتضعف، وتتهاوى، فَيُتَكَالَبُ عليها.
وعلى العاقل أن يَتَنَبَّهَ إلى أمرين:
الأول: من أراد لنفسه الهداية والنجاة، هل يسلك طريقًا جديدًا مجهولًا لم يسلكه أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل اخترعه أعداؤه صلى الله عليه وسلم؟ !
أم يسلك طريقًا مأمونًا قد سلكته أمة من قبله، وأفلحوا في دنياهم، وَنَجَوْا في أُخْرَاهُمْ.
الثاني: ما من فئة ولا طائفة عَدَلَتْ عن طريقهم، وانحرفت عن منهجهم، إلا ضَلَّ أتباعها، وهلك أهلها، وإِنْ بقيت لهم باقية، فإنما بقاؤها للاعتبار، والفتنة، والاستدراج، والنقمة.
فتعالَ معي -إذن- لنتعرف إلى الصراط المستقيم، صراط الذين ندعو الله عز وجل في كل صلاة أن يهدينا سبيلهم:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ} ، وإن لم يكن الله سبحانه قد أنعم على الصحابة، فلم يُنْعِمْ على أحد قط.
تعالَ لنتعرفَ على أصولهم، ونتعلم قواعدهم، ونتلمس طريقهم، فهي والله -بِحَقٍّ- قواعدُ النجاة، وطريق الفائزين، وَحَكَمُ المختلفين، وسبيل الخلاص من تفرق المسلمين، وطريق وحدة صفوفهم، وجمع كلمتهم ..
وبغير هذا فلن يكون لهذه الأمة مكانة، ولا علو في الأرض، ولا تمكين، وإلى الله تصير الأمور.
((ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها)) (1).
وصلاح هذه الأمة يَكْمُنُ بتحصيل أصول منهج الطائفة المنصورة التي هي -في حقيقتها- قواعد النجاة، وطرائق الصلاح والإصلاح ..
وهي أصول راسخة منضبطة، قائمة على الكتاب، وَمَبْنِيَّةٌ على السنة.
(1) من قول مالك، ويأتي عزوه.