الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِكْرُ مَنْ وَلِيَ مَكَّةَ مِنَ الْعَرَبِ سِوَى قُرَيْشٍ وَأَحْدَاثِهِمْ فِيهَا وَأَفْعَالِهِمْ وَتَفْسِيرِهَا
1924 -
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: إِنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه بِعُسْفَانَ، وَكَانَ عَامِلَهُ عَلَى مَكَّةَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنه: مَنِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي قَالَ: اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمُ ابْنَ أَبْزَى، قَالَ: وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ مَوَالِينَا، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: اسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى؟ قَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللهِ عز وجل، عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّ اللهَ عز وجل يَرْفَعُ بِهَذَا الْقُرْآنِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ "
1925 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ
⦗ص: 166⦘
سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبٍ، يَعْنِي ابْنَ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: كَانَ نَافِعُ بْنُ عَبْدِ الْحَارِثِ عَلَى مَكَّةَ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ
1926 -
حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ:" مَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه بِبَابِ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ، وَكَانَ عَامِلًا لَهُ عَلَى مَكَّةَ، فَسَأَلَهُ عَنْ فَتًى كَانَ يَعْمَلُ، قَالَ: تُوُفِّيَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ " وَكَانَ مِنْ وُلَاةِ مَكَّةَ طَارِقُ بْنُ الْمُرْتَفِعِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ، وَلِيَهَا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
1927 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: " كَانَ طَارِقُ بْنُ الْمُرْتَفِعِ عَامِلًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عَلَى مَكَّةَ، فَأَعْتَقَ سَوَائِبَ، وَمَاتَ، ثُمَّ مَاتَ بَعْضُ السَّوَائِبِ، فَرُفِعَ ذَاكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَكَتَبَ بِدَفْعِ مِيرَاثِهِمْ إِلَى وَرَثَتِهِ، فَأَبَوْا أَنْ يَقْبَلُوهُ، فَأَمَرَ عُمَرُ رضي الله عنه بِمِيرَاثِهِ أَنْ يُوضَعَ فِي مِثْلِهِمْ
⦗ص: 167⦘
" وَكَانَ مِنْ وُلَاةِ مَكَّةَ مِنْ غَيْرِ قُرَيْشٍ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْهُمْ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْقَسْرِيُّ، وَلِيَهَا لِلْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ أَقَرَّهُ سُلَيْمَانُ عَلَيْهَا حِينَ وَلِيَ زَمَانًا، فَأَحْدَثَ أَشْيَاءَ بِمَكَّةَ، مِنْهَا مَا ذَمَّهُ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا مَا أَخَذُوا بِهِ فَهُمْ عَلَيْهِ إِلَى الْيَوْمِ، فَأَمَّا الْأَشْيَاءُ الَّتِي تَمَسَّكُوا بِهَا مِنْ فِعْلِهِ: فَالتَّكْبِيرُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَوْلَ الْبَيْتِ، وَإِدَارَةُ الصَّفِّ حَوْلَ الْبَيْتِ، وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الطَّوَافِ، وَالثَّرِيدُ الْخَالِدِيُّ، وَأَمَّا الْأَشْيَاءُ الَّتِي ذَمُّوهُ عَلَيْهَا فَعَمَلُهُ الْبِرْكَةَ عِنْدَ زَمْزَمَ وَالرُّكْنِ وَالْمَقَامِ لِسُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَالْحَمْلُ عَلَى قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ، وَإِظْهَارُ الْعَصَبِيَّةِ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ هُوَ أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَ اللَّعْنَ عَلَى الْمِنْبَرِ بِمَكَّةَ فِي خُطْبَتِهِ
1928 -
فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَسَرَّةَ، قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارُ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارِ، إِنْ شَاءَ اللهُ، قَالَ:" كَانَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْقَسْرِيُّ فِي إِمَارَتِهِ عَلَى مَكَّةَ فِي زَمَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ يَذْكُرُ الْحَجَّاجَ فِي خُطْبَتِهِ كُلَّ جُمُعَةٍ إِذَا خَطَبَ وَيُقَرِّظُهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ الْوَلِيدُ وَبُويِعَ لِسُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، أَقَرَّ خَالِدًا عَلَى مَكَّةَ وَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ يَأْمُرُهُمْ بِلَعْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ، فَلَمَّا أَتَاهُ الْكِتَابُ، قَالَ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ كَيْفَ أُكَذِّبُ نَفْسِي فِي هَذِهِ الْجُمُعَةِ بِذَمِّهِ وَقَدْ مَدَحْتُهُ فِي الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا؟ مَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ خَطَبَ، ثُمَّ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: "
⦗ص: 168⦘
أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ مَلَائِكَةِ اللهِ تبارك وتعالى فِي السَّمَاءِ، وَكَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تَرَى لَهُ فَضْلًا؛ بِمَا يُظْهِرُ مِنْ طَاعَةِ اللهِ عز وجل وَعِبَادَتِهِ، وَكَانَ اللهُ عز وجل قَدِ اطَّلَعَ عَلَى سَرِيرَتِهِ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَهْتِكَهُ أَمَرَهُ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ عليه السلام، فَامْتَنَعَ، فَلَعَنَهُ، وَإِنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ كَانَ يُظْهِرُ مِنْ طَاعَةِ الْخُلَفَاءِ مَا كُنَّا نَرَى لَهُ بِذَلِكَ عَلَيْنَا فَضْلًا، وَكُنَّا نُزَكِّيهِ، وَكَأَنَّ اللهَ قَدْ أَطْلَعَ سُلَيْمَانَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ سَرِيرَتِهِ، وَخُبْثِ مَذْهَبِهِ عَلَى مَا لَمْ يُطْلِعْنَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَرَادَ اللهُ تبارك وتعالى هَتْكَ سِتْرِ الْحَجَّاجِ أَمَرَنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ سُلَيْمَانُ بِلَعْنِهِ، فَالْعَنُوهُ لَعَنَهُ اللهُ " وَكَانَتْ قُرَيْشٌ بِمَكَّةَ أَهْلَ كَثْرَةٍ وَثَرْوَةٍ، وَأَهْلَ مَقَالٍ فِي كُلِّ مَقَامٍ، هُمْ أَهْلُ النَّادِي وَالْبَلَدِ، وَعَلَيْهِمْ يَدُورُ الْأَمْرُ، وَفِي النَّاسِ يَوْمَئِذٍ بَقِيَّةٌ وَمُسْكَةٌ، فَأَحْدَثَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ فِي وِلَايَتِهِ هَذِهِ حَدَثًا مُنْكَرًا، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ، يُقَالُ لَهُ: طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَيْبَةَ، وَيُقَالُ بَلْ هُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ شَيْبَةَ الْأَعْجَمُ، كَمَا سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يُحَدِّثُ بِذَلِكَ، فَأَمَرَهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَاهُ عَمَّا فَعَلَ، فَغَضِبَ خَالِدٌ غَضَبًا شَدِيدًا، وَأَخَافَ الرَّجُلَ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ يَشْكُو إِلَيْهِ، وَيَتَظَلَّمُ مِنْهُ
1929 -
فَحَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " أَخَافَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْقَسْرِيُّ، وَهُوَ عَامِلٌ عَلَى مَكَّةَ، فَخَرَجَ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَشَكَا إِلَيْهِ أَمْرَهُ، فَكَتَبَ
⦗ص: 169⦘
إِلَى خَالِدٍ أَلَّا تَعْرِضْ لَهُ بِأَمْرٍ يَكْرَهُهُ، فَلَمَّا جَاءَ الْكِتَابُ وَضَعَهُ وَلَمْ يَفْتَحْهُ، وَأَمَرَ بِهِ فَبُرِزَ، وَجُلِدَ، ثُمَّ فَتَحَ الْكِتَابَ فَقَرَأَهُ، فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ دَرَيْتُ بِمَا فِي كِتَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لَمَا ضَرَبْتُكَ، فَرَجَعَ الْعَبْدَرِيُّ إِلَى سُلَيْمَانَ، فَأَخْبَرَهُ فَغَضِبَ، وَأَمَرَ بِالْكِتَابِ فِي قَطْعِ يَدِ خَالِدٍ، فَكَلَّمَهُ فِيهِ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ، وَقَبَّلَ يَدَهُ، فَوَهَبَ لَهُ يَدَهُ، وَكَتَبَ فِي قَوَدِهِ مِنْهُ، فَجَلَدَ خَالِدًا مِثْلَ مَا جَلَدَهُ " فَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
[البحر الطويل]
لَعَمْرِي لَقَدْ صُبَّتْ عَلَى ظَهْرِ خَالِدٍ
…
شَآبِيبُ مَا اسْتُهْلِلْنَ مِنْ سُبُلِ الْقَطْرِ
أَتَجْلِدُ فِي الْعِصْيَانِ مَنْ كَانَ عَاصِيًا
…
وَتَعْصِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخَا قَسْرِ
وَقَالَ أَيْضًا:
سَلُوا خَالِدًا لَا قَدَّسَ اللهُ خَالِدًا
…
مَتَى وَلِيَتْ قَسْرٌ قُرَيْشًا تُهِينُهَا
أَبْعَدَ رَسُولِ اللهِ أَمْ قَبْلَ عَهْدِهِ
…
وَجَدْتُمْ قُرَيْشًا قَدْ أَغَثَّ سَمِينُهَا
رَجَوْنَا هُدَاهُ، لَا هَدَى اللهُ قَلْبَهُ
…
وَمَا أُمُّهُ بِالْأُمِّ يُهْدَى جَنِينُهَا
1930 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَسَرَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي
⦗ص: 170⦘
الشُّوَيْفِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ، أَنَّ " هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، كَتَبَ إِلَى خَالِدٍ الْقَسْرِيِّ، يُوصِيهِ بِعَبْدِ اللهِ بْنِ شَيْبَةَ الْأَعْجَمِ، فَأَخَذَ الْكِتَابَ فَوَضَعَهُ، ثُمَّ أَرْسَلَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ شَيْبَةَ يَسْأَلُهُ أَنْ يَفْتَحَ لَهُ الْكَعْبَةَ فِي وَقْتٍ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ شَيْبَةَ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ، فَدَعَا بِهِ فَضَرَبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ عَلَى ظَهْرِهِ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللهِ بْنُ شَيْبَةَ هُوَ وَمَوْلًى لَهُ عَلَى رَاحِلَتَيْنِ، فَأَتَى هِشَامًا فَكَشَفَ عَنْ ظَهْرِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَالَ هَذَا الَّذِي أَوْصَيْتَهُ بِي، فَقَالَ: إِلَى مَنْ تُحِبُّ أَنْ أَكْتُبَ لَكَ؟ قَالَ: إِلَى خَالِكَ مُحَمَّدِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ خَالِدٌ ضَرَبَهُ بَعْدَ أَنْ أَوْصَلْتُ إِلَيْهِ كِتَابِي وَقَرَأَهُ فَاقْطَعْ يَدَهُ، وَإِنْ كَانَ ضَرَبَهُ وَلَمْ يَقْرَأْ كِتَابِي فَأَقِدْهُ مِنْهُ " قَالَ: فَقَدِمَ بِالْكِتَابِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ هِشَامٍ، فَدَعَا بِالْقَسْرِيِّ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ، يَا غُلَامُ ائْتِ بِالْكِتَابِ، قَالَ: فَأَتَاهُ بِهِ مَخْتُومًا لَمْ يَقْرَأْهُ، قَالَ: فَأَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَحَضَرَهُ الْقُرَشِيُّونَ وَالنَّاسُ، فَجَرَّدَهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ أَنْ يُضْرَبَ، فَضُرِبَ مِائَةً، فَلَمَّا أَصَابَهُ الضَّرْبُ كَأَنَّهُ تَمَايَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي ضَرْبِهِ، قَالَ: ثُمَّ لَبِسَ ثِيَابَهُ فَرَجَعَ إِلَى إِمْرَتِهِ " فَقَالَ الْفَرَزْدَقُ فِي ذَلِكَ: سَلُوا خَالِدًا، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الزُّبَيْرِ الْأَوَّلِ، وَزَادَ فِيهِ، قَالَ: فَقَالَتْ: أُمُّ الضَّحَّاكِ، وَهِيَ يَمَانِيَةٌ:
[البحر الطويل]
فَمَا جُلِدَ الْقَسْرِيُّ فِي أَمْرِ رِيبَةٍ
…
وَمَا جُلِدَ الْقَسْرِيُّ فِي مَشْرَبِ الْخَمْرِ
فَلَا يَأْمَنِ النَّمَّامَ مَنْ كَانَ مُحْرِمًا
…
بِمَلْقَى الْحَجِيجِ بَيْنَ زَمْزَمَ وَالْحِجْرِ
لَهُ جَلَمٌ يَسْمِي الْحُسَامَ وَشَفْرَةٌ
…
خَدَامٌ فَمَا تَفْرِي الشِّفَارُ كَمَا يَفْرِي
⦗ص: 171⦘
تُعَرِّضُ بِالْأَعْجَمِ أَنَّهُ يَسْرِقُ الْحَاجَّ وَكَانَ مِمَّنْ وَلِيَ مَكَّةَ نَافِعُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْكِنَانِيُّ وَهُوَ خَالُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، ثُمَّ لِابْنِهِ هِشَامٍ بَعْدَهُ وَدَارُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَفِيهَا كَانَ تَكُونُ مُخَاصَمَةٌ فِيهَا بَعْضُ آلِ طَلْحَةَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، فِي حَقٍّ كَانَ لَهُ فِيهَا إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ ثُمَّ إِلَى هِشَامٍ
1931 -
قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ، حَدَّثَنِيهِ عَنْهُ ابْنُ شَبِيبٍ: أَخْبَرَنِي عَمِّي، مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " إِنَّ هِشَامًا قَدِمَ حَاجًّا وَقَدْ كَانَ تَظَلُّمٌ مِنْهُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فِي دَارِ ابْنِ عَلْقَمَةَ الَّتِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَكَانَ لِآلِ طَلْحَةَ شَيْءٌ مِنْهَا، فَأَخَذَهُ نَافِعُ بْنُ عَلْقَمَةَ وَهُوَ خَالُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَكَانَ عَامِلًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ عَلَى مَكَّةَ، فَلَمْ يُنْصِفْهُمْ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنْ نَافِعِ بْنِ عَلْقَمَةَ، فَقَالَ لَهُ هِشَامٌ: أَلَمْ تَكُنْ ذَكَرْتَ ذَلِكَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: بَلْ تَرَكَ الْحَقَّ وَهُوَ يَعْرِفُهُ، قَالَ: فَمَا صَنَعَ الْوَلِيدُ؟ قَالَ: اتَّبَعَ أَثَرَ أَبِيهِ، وَقَالَ مَا قَالَ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ:{إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23] قَالَ: فَمَا فَعَلَ فِيهَا سُلَيْمَانُ؟ قَالَ: لَا قِفِي وَلَا
⦗ص: 172⦘
سِيرِي، قَالَ: فَمَا فَعَلَ فِيهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ؟ قَالَ: رَدَّهَا يَرْحَمُهُ اللهُ، قَالَ: فَاسْتَشَاطَ هِشَامٌ غَضَبًا وَكَانَ إِذَا غَضِبَ بَدَتْ حَوْلَتُهُ وَدَخَلَتْ عَيْنُهُ فِي حِجَاجِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَمَا وَاللهِ أَيُّهَا الشَّيْخُ، لَوْ كَانَ فِيكَ مَضْرَبٌ لَأَحْسَنْتُ أَدَبَكَ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَهُوَ وَاللهِ فِيَّ فِي الدِّينِ وَالْحَسَبِ، لَا يَبْعُدَنَّ الْحَقُّ وَأَهْلُهُ، لَيَكُونَنَّ لَهَا نَبَأٌ بَعْدَ الْيَوْمِ وَقَالَ غَيْرُ الزُّبَيْرِ: فَانْحَرَفَ هِشَامٌ فَقَالَ لِلْأَبْرَشِ الْكَلْبِيِّ، وَهُوَ خَلْفَهُ: كَيْفَ رَأَيْتَ اللِّسَانَ؟ قَالَ: مَا أَجْوَدَ اللِّسَانَ قَالَ: هَذِهِ قُرَيْشٌ وَأَلْسِنَتُهَا لَا تَزَالُ فِي النَّاسِ بَقِيَّةٌ مَا رَأَيْتَ مِثْلَ هَذَا " وَكَانَ زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْحَارِثِيُّ مِمَّنْ وَلِيَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ
1932 -
حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَوْبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، قَالَ: " جَاءَ جُوَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي
⦗ص: 173⦘
رَبِيعَةَ إِلَى زِيَادِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الْحَارِثِيِّ شَاهِدًا، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِي يَقُولُ لَكَ أَبُوكَ:
[البحر المتقارب]
شَهِيدِي جُوَانٌ عَلَى حُبِّهَا
…
أَلَيْسَ بِعَدْلٍ عَلَيْهَا جُوَانُ
قَالَ: نَعَمْ، أَصْلَحَكَ اللهُ، قَالَ: قَدْ أَجَزْنَا شَهَادَةَ مَنْ عَدَّلَهُ عُمَرُ، وَأَجَازَ شَهَادَتَهُ "
1933 -
حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: جَلَسَ زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ فِي الْمَسْجِدِ بِمَكَّةَ فَصَاحَ: مَنْ لَهُ مَظْلِمَةٌ؟ فَقَدِمَ إِلَيْهِ أَعْرَابِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْحَزِّ، فَقَالَ: إِنَّ بَقَرَةً لِجَارِي خَرَجَتْ مِنْ مَنْزِلِهِ فَنَطَحَتِ ابْنًا لِي فَمَاتَ، فَقَالَ زِيَادٌ لِكَاتِبِهِ: مَا تَرَى؟ قَالَ: نَكْتُبُ إِلَى أَمِيرِ الْحَزِّ إِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفَ دُفِعَتِ الْبَقَرَةُ إِلَيْهِ بِابْنِهِ، قَالَ: فَاكْتُبْ بِذَاكَ، قَالَ: فَكَتَبَ الْكِتَابَ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْتِمَهُ مَرَّ ابْنُ جُرَيْجٍ، فَقَالَ: نَدْعُوهُ فَنَسْأَلُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ " فَقَالَ لِكَاتِبِهِ: شُقَّ الْكِتَابَ،
⦗ص: 174⦘
وَقَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ: انْصَرِفْ، قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ تُجْمِعُ أَنْتَ وَكَاتِبُكَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ يَأْتِي هَذَا الرَّجُلُ فَيَرُدُّكُمَا؟ قَالَ: لَا تَغْتَرَّ بِي وَلَا بِكَاتِبِي فَوَاللهِ مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا أَجْهَلُ مِنِّي وَلَا مِنْهُ، هَذَا الْفَقِيهُ يَقُولُ: لَيْسَ لَكَ شَيْءٌ
1934 -
وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، إِجَازَةً، قَالَ:" كَانَ زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ عَلَى الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَالطَّائِفِ ثَمَانِيَ سِنِينَ، وَعُزِلَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَفِيهَا حَجَّ أَبُو جَعْفَرٍ " فَوَلِيَ بَعْدَ زِيَادٍ مَكَّةَ وَالطَّائِفَ الْهَيْثَمُ الْعَتَكِيُّ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ وَكَانَ مِنْ وُلَاةِ مَكَّةَ مِنَ الْمَوَالِي حَمَّادٌ الْبَرْبَرِيُّ، وَلَّاهُ هَارُونُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَكَانَ الْوَلِيدُ بْنُ عُرْوَةَ السَّعْدِيُّ مِنْ وُلَاةِ بَنِي أُمَيَّةَ عَلَى مَكَّةَ، وَهُوَ الَّذِي جَلَدَ سُدَيْفَ بْنَ مَيْمُونٍ وَأَخَذَهُ، قَبْلَ وِلَايَةِ بَنِي هَاشِمٍ