المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

اليوم) ومن قرطاجه (في تونس اليوم) حيث عاش القديس أوغسطين. - الحملة الصليبية على العالم الإسلامي والعالم - جـ ٤

[يوسف الطويل]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثالثالحوار بين الأديان والحضارات

- ‌نظرية صراع الحضارات

- ‌حوار الأديان والحضارات

- ‌أهمية الحوار

- ‌علاقة المسلم بالآخر عموما

- ‌الحوار بين الأديان

- ‌اليهود والنصارى في القرآن والسنة

- ‌الحوار الإسلامي المسيحي

- ‌المسيح المسلم

- ‌الحوار بين الإسلام واليهودية

- ‌اليهود في ظل الحكم الإسلامي

- ‌منع هجرة اليهود إلى فلسطين

- ‌ظهور الصهيونية والعداء لليهود

- ‌الحوار مع اليهود بين الرفض والقبول

- ‌آفاق الحوار الإسلامي مع الديانات التوحيدية في العصر الحاضر

- ‌حوار الإسلام والغرب

- ‌تشابك المصالح

- ‌الحوار بين الديانات والحضارات لماذا

- ‌تأسيس نظام قيمي جديد

- ‌الفصل الرابعأمتنا ودورها الحضاري

- ‌انهيار الامبراطورية الإسلامية وصعود الغرب

- ‌الغزو الفكري أدواته وأهدافه في العالم الإسلامي

- ‌الغزو الفكري دوافعه وأدواته

- ‌الصهيونية المسيحية والإسلام

- ‌أمتنا ودورها الحضاري

- ‌بناء مشروع نهضوي عربي

- ‌كيف نواجه الهمجية الدونية

- ‌خاتمة

- ‌باراك أوباما وجرأة الأمل

- ‌الموقف من اسرائيل

- ‌خطاب أوباما في جامعة القاهرة

- ‌فلسطين ودورها الحضاري

- ‌الإصلاح الإسلامي

- ‌قائمة المراجع

الفصل: اليوم) ومن قرطاجه (في تونس اليوم) حيث عاش القديس أوغسطين.

اليوم) ومن قرطاجه (في تونس اليوم) حيث عاش القديس أوغسطين. وبعد ذلك قام شارلمان عام 797 وقبل ان يصبح امبراطور الغرب بالتحالف مع خليفة المسلمين هارون الرشيد، كما عقد فرانسوا الأول عام 1553 حلفه مع سليمان القانوني سلطان الامبراطورية العثمانية. ثم جاءت الفصول المرة التي مثلها الصليبيون والاستعماريون والصهاينة بمزاعمهم في التفوق وممارساتهم الدموية

لتكون نقيضاً لتلك التقاليد العريقة التي عملت على التبادل المثمر فيما بين الشرق والغرب

كان ذلك كله نقيضاً للمصالح الاقتصادية والسياسية والروحية لاوروبا (1).

‌تشابك المصالح

ان تشابك المصالح المشتركة التى يفرضها الوجود المشترك بين الغرب والعالم الإسلامي في عصرنا الحاضر ادى إلى فتح آفاق جديدة للحوار بين الغرب والعالم الإسلامي، فعلى الصعيد الاقتصادي تعتمد اوروبا اليوم في نصف ما تحتاجه من النفط على الشرق الاوسط وتستورد 70% مما تحتاجه من العالم العرب .. وكذلك تحتاج فرنسا إلى النسبة نفسها من غاز الجزائر. ان حجم علاقة فرنسا التجارية بالجزائر وحدها يفوق اربعة اضعاف حجم علاقتها التجارية باسرائيل. وقل الشئ نفسه عن اوروبا كلها، فنصف صادرات الدول العربية تتجه صوب اوروبا التي تصدر إلى العالم العربي 12% من صادراتها اى ما يعادل صادراتها إلى الولايات المتحدة. ان الدول العربية سواء كانت مصدرة أو مستوردة هي افضل شريك تجاري لاوروبا. نعم يمكن لهذه العلاقات الاقتصادية القائمة اليوم ان تتسع وتزدهر وتصبح اشد التحاماً بين اوروبا والعالم العربي وبلدان العالم الثالث غير المنحازة (2). ولكن لابد من ضبط هذه العلاقة على اسس سليمة قائمة على العدل والاحترام المتبادل.

فنحن لا ننكر أن للغرب مصالح في بلاد المسلمين، كما أن للمسلمين كذلك مصالح في بلاد الغرب، تماماً كما أن لكل شعب مصالح لدى الشعوب الأخرى، فالناس في النهاية جنس بشري واحد، يعيشون على أرض واحدة، هم جميعاً عباد الله،

(1) فلسطين ارض الرسالات السماوية - روجيه جارودي - ترجمة قصي اتاسي- ميشيل واكيم - ص350

(2)

فلسطين ارض الرسالات السماوية - روجيه جارودي - ترجمة قصي اتاسي- ميشيل واكيم - ص 351

ص: 75

والأرض كلها أرض الله. لكن أن تكون هذه المصالح وحيدة الجانب، أي مجرد مطامع للغرب في بلاد المسلمين، لا يهمه سوى كيف يستخلصها منهم فهذا هو ما يرفضه الإسلام ويرفضه المسلمون، بل ويرفضه كل إنسان سوي. المسلمون ليسوا مجرد أرض تنهب، ثم ترش بالماء لتخصب، فتنهب من جديد، وليسوا بقرة تعلف لتحلب. المسلمون بشر كما الغربيون بشر! لهم مثلهم حق الحياة، وحق الكرامة، وحق السيادة على أنفسهم وأرضهم. المسلمون قوم ككل الأقوام، لهم شخصيتهم المتميزة، وحقوقهم المستقرة، وهويتهم الواضحة، وحضارتهم المتفردة، ولهم في بلاد الغرب مصالح، كما للغربيين في بلادهم مصالح، ولهم في بلاد الشرق مصالح، كما للشرقيين في بلادهم مصالح، تستخرج ويتم تبادلها بالتعاون والوفاق، لا بالقهر والإلزام.

فإذا أقر الغرب بتبادل المنافع والمصالح، وتلاقح الأفكار والرؤى، وتمازج الثقافات وتعاون الحضارات، فلا يبقى ثمة للغرب أي مبرر للخوف على مصالحه. والقلق على مستقبل علاقاته مع المسلمين، في ظل حكم الإسلام، لأن الإسلام يقوم على السلام والتعاون، والعلاقات الدولية السليمة، ويؤكد على الالتزام بالعقود والوفاء بالعهود، واحترام المواثيق والمعاهدات، وان رجال الإسلام، هم في الحقيقة والواقع خير من يمثل هذه المبادئ والقيم الإسلامية، ويفي بالعهود والمواثيق، وهم بريئون كل البرائة من تهم الجمود والتحجر والعنف والإرهاب والتطرف وما إلى ذلك من هذه النعوت الظالمة، التي لا تمت إلى الواقع بصلة.

أما إذا أنكر الغرب هذا المبدأ، كما يفعل اليوم، ولم يهتم الا بمصالحه فقط، وراح يغلفها بالديمقراطية والحرية والنظام الدولي الجديد، والعولمة وسوى ذلك مما يتوسل به الغرب لتحقيق مطامحه ومطامعه الخاصة، والوصول إلى التسلط على المسلمين والسيطرة على بلادهم ومقدراتهم، ونهب ثرواتهم، وشل أراداتهم، - كما هو حاله اليوم - وجرّد إعلامه، وسلاحه الثقافي والتقني، وجرّ أساطيله الاقتصادية والسياسية والعسكرية لحرب المسلمين، ومسخ هويتهم ومحق شخصيتهم - كما فعل دائماً ولا يزال يفعل اليوم - فان تخوفه حينئذ سيكون مبرراً، وإن قلقه سيكون في محله لأنه لن يجد المسلمين مطواعين لرغباته وممارساته تلك، ولن يكون الغرب الا خاسراً في معركته تلك، إن آجلاً أو عاجلاً، وحينئذ لن تكون نتيجة العدوان

ص: 76

الغربي أن يخسر الغرب مصالحه في بلاد المسلمين فقط، بل ربما اكثر من ذلك بكثير (1).

لقد شهد المسلون كيف أن الغرب يمارس نفاقه عن طريق دعوته للديمقراطية بينما هو يقوم بخلق ومساندة أقسي وأعنف الأنظمة الديكتاتورية في العالم في بلدانهم! وشهدوا أيضاً لهاث أوروبا وراء سوق مشتركة أدت إلي وحدة باسم الاتحاد الأوروبي بين دول تتكلم بلغات مختلفة وتعتنق معتقدات مختلفة وتتفاوت في تاريخها وثقافاتها. وفي حين خاضت معظم تلك الدول الأوروبية أسوأ الحروب العالمية فإن وحدتها من جديد كانت أمراً رغب به الغرب فتم ذلك. لكن الغرب لا يسمح باتحاد أو توحد العالم العربي أو المسلمين، ولا حتي بالقيام بأبسط التسويات أو التعديلات بين حدود دول العالم العربي الصغيرة ودويلاته التي رسم الغرب خارطتها بعد الحرب العالمية الأولي. لقد شاهد المسلمون بأم أعينهم كيف تتفاوت الثروة في مجتمعاتهم أكثر فأكثر، وأن مصادرهم الطبيعية وعائداتها تنتقل إلي أيدي القلة المتنفذة من أبناء جلدتهم والتي تسلمها بدورها إلي القلة الغربية علي هيئة ودائع يمكن أن تتعرض إلي التآكل أو التجميد أو، في أفضل الأحوال، إلي استثمارات تفضي إلي ثراء الآخرين بينما دولهم تصرخ بأعلي صوتها طلبا للاستثمارات والمشاريع (2).

وفي ختام كتابه "الإسلام والغرب" يقول د. عبد الله ابو عزه: وما اود ان اقوله عن غذنا المشترك، فهو التذكير بأننا - عالم الإسلام وعالم الغرب- نعيش في بيت زجاجي، هذا الكوكب الصغير الذي يسمى بـ كرة الارض، والذي لم يعد يتحمل اى عبث. ان الاستناد إلى القوة والقهر في التعامل بين الشعوب لن يؤدى الا إلى خراب ودمار يصيب جميع السكان (3). ومن هنا فإن الحاجة تتصاعد إلى طرح نموذج اسلام اوربي ليس لقدم المسلمين وتزايدهم المطرد في هذه القارة وحسب، بل لضرورات تتصل بالقضايا الكبرى التي تهم البقاء الانساني في هذه الأيام، فهناك دعوة جادة لتعميق الحوار بين الأديان، فعلى حد تعبير العلامة هانس كنغ في كتابه القيم

(1) الإسلام .. والغرب .. وإمكانية الحوار -ابراهيم محمد جواد

(2)

امبراطورية الشر الجديدة - عبد الحي زلوم- القدس العربي- 3/ 2/2003

(3)

حوار الإسلام والغرب- تأليف د. عبد الله أبو عزة- ص287 - دار المأمون للنشر والتوزيع في عمان.

ص: 77