المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فلسطين ودورها الحضاري - الحملة الصليبية على العالم الإسلامي والعالم - جـ ٤

[يوسف الطويل]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثالثالحوار بين الأديان والحضارات

- ‌نظرية صراع الحضارات

- ‌حوار الأديان والحضارات

- ‌أهمية الحوار

- ‌علاقة المسلم بالآخر عموما

- ‌الحوار بين الأديان

- ‌اليهود والنصارى في القرآن والسنة

- ‌الحوار الإسلامي المسيحي

- ‌المسيح المسلم

- ‌الحوار بين الإسلام واليهودية

- ‌اليهود في ظل الحكم الإسلامي

- ‌منع هجرة اليهود إلى فلسطين

- ‌ظهور الصهيونية والعداء لليهود

- ‌الحوار مع اليهود بين الرفض والقبول

- ‌آفاق الحوار الإسلامي مع الديانات التوحيدية في العصر الحاضر

- ‌حوار الإسلام والغرب

- ‌تشابك المصالح

- ‌الحوار بين الديانات والحضارات لماذا

- ‌تأسيس نظام قيمي جديد

- ‌الفصل الرابعأمتنا ودورها الحضاري

- ‌انهيار الامبراطورية الإسلامية وصعود الغرب

- ‌الغزو الفكري أدواته وأهدافه في العالم الإسلامي

- ‌الغزو الفكري دوافعه وأدواته

- ‌الصهيونية المسيحية والإسلام

- ‌أمتنا ودورها الحضاري

- ‌بناء مشروع نهضوي عربي

- ‌كيف نواجه الهمجية الدونية

- ‌خاتمة

- ‌باراك أوباما وجرأة الأمل

- ‌الموقف من اسرائيل

- ‌خطاب أوباما في جامعة القاهرة

- ‌فلسطين ودورها الحضاري

- ‌الإصلاح الإسلامي

- ‌قائمة المراجع

الفصل: ‌فلسطين ودورها الحضاري

يشعرون بالقلق على حياة الرئيس "أوباما" ويتذكرون جيداً زمن "كينيدي" الذي يبدو قريب الشبه من هذا الزمن. كما ان احدى الصحف في ولاية بنسلفانيا نشرت اعلانا دعا ضمنياً إلى اغتيال الرئيس الأمريكي باراك اوباما. وكان الاعلان يقول: "لعل اوباما يحذو حذو لينكولن وجارفيلد ومكنيلي وكنيدي."

وقد لاحظنا انه خلال التاريخ الامريكى كله لم يصل إلى الحكم الا رئيس كاثوليكى واحد هو جون كنيدى وبصعوبه ولكنه لم يكمل فترة رئاسته واغتيل على ايدى المتعصبيبن البروتستانت، كما ان تاريخ أمريكا مع الملونين واصحاب الديانات الاخرى واضح لنا، وواقع الملونيين في أمريكا الآن خير شاهد على العنصرية والكراهية التى يتعرضون لها في بلد ما يسمى بالحريات والديمقراطية، ويجب ان لا ننسى انه تم اغتيال الرئيس الامريكى ابراهام لنكولن لانه دعا إلى تحرير السود، وكانت قضية السود من القضايا الرئيسية التى ادت إلى نشوب الحرب الاهلية الأمريكية، كما اغتيل داعية الحقوق المدنية الاسود مارتن لوثر كنج لنفس الاسباب.

وربما كان هاجس كراهية الملونين والسود هو الذى دفع القس مايكل فليجر احد انصار اوباما إلى القاء خطبه دينية يسخر فيها من هلارى كلنتون قال فيها:" إن هيلاري كلينتون تفكر دائما بهذه الطريقة: إنها لي، أنا زوجة بيل، أنا بيضاء. وفجأة ظهر باراك أوباما من العدم، فقالت من أين جئت ياهذا؟ أنا بيضاء أنا أستحق، إن هذا الرجل يخطف مني الأضواء. وبالرغم من ان اوباما أعرب "عن عميق خيبته" من الخطبة وقال إنها "مثيرة للشقاق، وتحمل رؤية متخلفة"، الا ان ذلك يشير إلى جذور العنصرية التى لازالت تعشعش في عقل قطاع كبير من الأمريكيين البيض، تجاه الاقليات المختلفة، ويكشف مدى الاحباط والظلم الذي يشعر به الملونون في أمريكا.

‌فلسطين ودورها الحضاري

إذا كنا قد سلطتنا الضوء في هذه الدراسة على الصهيونية المسيحية ونشأتها ودورها في اقامة اسرائيل في المنطقة العربية وركزنا على الدور البريطاني الامريكى بالذات ووضعنا خطة لمواجهتا، فان ذلك يعتبر بداية للفهم الصحيح للصراع وطرق مواجهته ويمهد لاتخاذ خطوات ووضع الخطط اللازمة للخروج من هذا

ص: 141

المأزق الذى تواجهه امتنا والذى استنزف ثرواتها وخيرة ابنائها وهى في امس الحاجة لاستثمارها من اجل النهوض واللحاق بركب الحضارة وممارسة دورها الرائد في الحضارة الانسانية. من اجل ذلك فاننا نرى ان وضع حل نهائي لهذا الصراع اصبح ضرورة قومية ودينية وحضارية تفرضها الاوضاع الدولية والمصلحة العامة للامه.

وبالرغم من كبر حجم الكتاب فاننى كنت انوى اضافة جزء اخر له بعنوان "فلسطين ودورها الحضاري" يوضح طبيعة الصراع على فلسطين والمراحل التى مر بها والعلاقة بين اليهود وفلسطين عبر التاريخ، وهذا يستدعى تفكيك الصراع والانطلاق بالتحليل والتأمل التاريخى والدينى بعيداً عن كثير من الافكار والاحكام المسبقة والانتقائية التى ارتبطت بالصراع في عصرنا الحاضر سواء بسبب التداخلات التى افرزها الاستعمار الغربي لمنطقتنا وظهور الحركة الصهيونية وما صحبها من تطرف وغلو في النظر إلى فلسطين، أو بسبب ظهور الحركات القومية العربية والحركات الإسلامية، والتى تعاملت مع الصراع من خلال نظرة قومية ضيقه أو دينية انتقائية، لم تستطع ان تشخص طبيعة الصراع وسبل مواجهته، فتاهت في نظريات وتفسيرات ثبت فشلها بالكلية لانها لم تستلهمها من ارثنا الحضارى المجيد بل اقتصرت في علاجها لهذه الظاهره من خلال اقتباس ادبيات التجربة الاوربية الصراعية التى جلبت الويلات للقارة الاوربية والعالم خلال الخمسة قرون الاخيرة، حيث لم تكن فلسطين والشرق غائباً عن هذه النظرة الصراعية، فتعرضت المنطقة لهجمه شرسه وضحنا بداياتها وما انتهت اليه من اجل تحقيق نبوءات وافكار عدمية على يد اتباع المذهب البروتستانتى، وعلى الجانب الآخر تعرض اليهود المتواجدون في اوروبا لحملات اضطهاد وتنكيل منظمه من قبل كثير من الدول التى عاشوا فيها، لاسباب دينية معاديه لليهود، كانت تنظر لهم على انهم قتلة المسيح، وسعت للتخلص منهم بالقاءهم في منطقتنا، وفي الحالتين تحملنا اخطاء غيرنا ودفعنا ثمناً باهضاً نتيجه لذلك.

من هنا فاننا نرى ان وضع تصور لحل الصراع يجب ان ينبع من منطقتنا بعيداً عن الاملاءات الخارجية التى لها اجندات بعيده كل البعد عن قيمنا ومصالحنا .. تصور ينبع من اصالة حضارتنا وقدرتها اللامحدودة على الانفتاح والتفاعل واستيعاب الغزاة الذين مروا بها على مر التاريخ، والذين لم يشفع لهم تفوقهم العسكرى والمادي

ص: 142

لتمكينهم من السيطرة على هذه المنطقة وفرض افكارهم عليها، بل استطاعت حضارتنا على مر التاريخ ان تهزم الغزاة ليس بالقوة العسكرية فحسب، بل من خلال ارتها الحضارى الذى هزم الاعداء بالرغم من تفوقهم العسكرى وجعلهم يتبنون قيم هذه الحضارة وافكارها.

وهذا الامر ليس مستغربا إذا تأملنا ارثنا الحضاري الضخم الذى الهم البشرية جمعاء، فالديانات السماوية في العالم والتى تدين بها اكثر من نصف البشرية نبعت من هنا، والحضارات القديمه التى وضعت اسس التمدن الانساني اشرقت من هنا، وتاريخ العالم بدأ وازدهر وتطور وانتشر من هذه المنطقة المباركة، وكل ذلك جعلها محط انظار العالم وقبلته من الناحية الدينية والحضارية.

واذا كانت امتنا تمر في عصرنا الراهن بازمه نتيجه لتخلفها عن ركب الحضارة بسبب التحديات التى فرضت عليها فان ذلك لا يعنى الاستسلام لهذا الامر، ولا يجب ان نفقد الامل في اصلاح حالنا واللحاق بركب الحضاره. واعتقد ان الجميع يعلم ضخامه وثراء ثراتنا الثقافى والحضارى الذى اعطى العالم اولى الحضارات (الفرعونية والفنيقية والبابلية والسومرية، والاشورية والكنعانية)، وثم تتويج ذلك بهبه من الله للعالمين دياناته السماوية اليهودية والمسيحية ثم الإسلام الدين الخاتم. اعتقد انه لا توجد منطقه في الدنيا توفرت لها مثل هذا الارث العظيم والتاريخ الزاهر. وهنا فاننى لست من هواة الوقوف على الاطلال والتغنى بالماضى، ولكن اعتقد ان ايه نهضه واى تغيير لا بد ان يستند على قاعدة اصيله من الثقة بالنفس وبقدرتنا على التطور والاخذ بناصية الحضارة.

فليس من المنطق أو العقل ان تكون هذه الارض المباركة ساحة للصراع والحروب، في الوقت الذى استطاعت ان تلهم العالم والبشرية جمعاء بقيمها النبيله عن الحب والتسامح والمساواه والدعوة إلى اعمار الارض واعلاء شأن الانسان بتخليصه من كافة اشكال العبودية لغير الله. هذه الارض المباركة لديها رساله جديده يمكنها الهام العالم والبشرية من جديد من خلال التأمل بدقه بإرثها الدينى والحضارى الذى يبنى ولا يهدم والذى يستوعب الجميع من خلال مبادئه المتسامحه.

هناك جهد جبار يجب ان يبدل من قبل المخلصين في امتنا وهم كثر لتصحيح كثير من المفاهيم والافكار التى تعيق تقدمنا، آخذين في الاعتبار وقوع منطقتنا

ص: 143