الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والسذج والبسطاء فإنه يكفينا ذلك لأن الشجرة يجب أن يتسبب في قطعها أحد أعضائها" (1).
كما عبر المبشر الامريكى زويمر عن رأيه الصريح في أعمل المبشرين البروتستانت، حين اعترف بأن للتبشير في البلاد الإسلامية ميزة هدم وميزة بناء. ويعني بالهدم انتزاع المسلم من دينه ولو إلى الإلحاد. ويعني بالبناء تنصير المسلم إن أمكن، ويضيف زويمر قائلاً للمبشرين:"لا ينبغي للمبشر المسيحي أن يفشل أو أن ييأس ويقنط، عندما يجد أن مساعيه لم تثمر في جلب كثير من المسلمين إلى المسيحية، لكن يكفي أن تجعل الإسلام يخسر مسلمين بذبذبة بعضهم. عندما يتذبذب مسلم وتجعل الإسلام يخسره، تعتبر ناجحاً أيها المبشر المسيحي. يكفي أن تذبذبه ولو لم يصبح هذا المسلم مسيحيا"ً (2).
الصهيونية المسيحية والإسلام
لما كانت اسرائيل والصهيونية العالمية اشد اعداء الامه في هذا العصر، فاننا لا نستغرب دورهما الهدام في الغزو الفكرى للامه، لادراكهم للدور الخطير الذى يلعبه الغزو الفكرى والثقافى في تحقيق مخططاتهم في المنطقة. فقد ادرك قادة ومنظروا الصهيونية المسيحية هذه الحقيقة منذ زمن بعيد. ادركوا ان الغزو الثقافى، يلعب دوراً حاسماً ومركزياً في تحقيق المخطط الامريكى الصهيونى الجهنمى، كما ادركوا ان مخططاتهم لن يكتب لها النجاح الا إذا استطاعوا الانتصار لغزوتهم الثقافية والفكرية التى تهدف إلى شطب ذاكرتنا والغاء تاريخنا لنلعن حضارتنا ونشكك بهويتنا وانتمائنا .. ونعتبر ذلك سبباً لتخلفنا، آنذاك يسهل عليهم السيطرة علينا، ليس حاضراً وحسب بل ومستقبلً ايضاً (3).
واذا كان الفكر اليهودى قد استغل الظلام الذى ساد اوروبا في القرن الخامس عشر وتسلل إلى العقيدة المسيحية، واذا كان هذا التسلل قد ادى منذ القرن السادس عشر إلى وضع اليهود تحت مظلة القداسة الدينية المسيحية، وبالتالى إلى تعامل
(1) الغارة على العالم الإسلامي- المبشر شاتيلا - ترجمة محب الدين الخطيب - دار الفتح، القاهرة
(2)
حقيقة التبشير بين الماضي والحاضر - احمد عبد الوهاب ص160
(3)
صهيونية الخزر وصراع الحضارات - وليد محمد على ص226
الكنيسة الجديدة (البروتستانتية والتطهيرية) معهم كشعب ميزه الله عن سائر الشعوب الاخرى، وانه - اى الشعب اليهودى - يملك صكاً الهياً بملكية الارض المقدسة، وان عودته إلى فلسطين تحقق نبوءة توراتية تمهد للعودة الثانية للمسيح. واذا كان هذا الفكر اليهودى قد تمكن كذلك، من ربط العقيدة الدينية المستحدثة بالمصالح الاستراتيجية للدول الغربية، فانه لم يقف عند هذه الحدود، بل حاول التسلل ايضاً إلى الإسلام نفسه في مواكبة تكاملية مع ما كانت تتعرض له المسيحية.
ومن الجدير بالذكر ان محاولة التسلل إلى الإسلام لم تلقى اهتماماً اسلامياً مبكراً لاسباب عديدة، اهمها هي ان الغاية من هذه المحاولة لم تكن موجهة إلى المسلمين والعرب مباشرة، بقدر ما كانت موجهة إلى الاوربيين. كما ان الذين قاموا بتلك المحاولة هم من الفلاسفة واللاهوتيين والمستشرقيين اليهود الاوربيين الذين كتبوا الافكار التى اختلقوها باللغات الاوربية، ولذلك بقيت الافكار بعيدة عن متناول المسلمين العرب حتى اواخر القرن التاسع عشر. فالمحاولة أو المحاولات اليهودية - الاوربية، تناولت الإسلام كدين، وتناولت العرب كمجتمع، تم طرحت موضوع الدور والحضور اليهوديين في كلا الامرين. فبالنسبة للدين الإسلامى، حاول الفكر اليهودى ان يقدم الإسلام وكأنه اقتباس عن اليهودية، حيث حاول بعضهم اظهار النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وكأن لا عمل له سوى الاقتباس عن اليهودية، وحاول آخرون ان يصور يهود الجزيرة العربية على انهم المصدر الذى استقى منه الرسول الكريم هذه الافكار. وعلى الخط نفسه زعم بعضهم بالاثر اليهودى على عقيدة التوحيد في الإسلام، واكدوا على اهمية الدور اليهودى وحجمه في الجزيرة العربية، حتى المؤسسات الإسلامية نسبوها إلى اليهود.
هذه الدراسات اليهودية حاولت من جهه اولى ان تنكر المقومات الذاتية للحضارة الإسلامية العربية، وحاولت من جهه اخرى ان تدعى استمرارية الوجود اليهودى في المنطقة، وان تنفى الغياب اليهودى عن المنطقة العربية تبريراً لقرار العودة ممثلاً في فكر الصهيونية. واذا كان بعض المفكرين العرب المحدثين قد سقط ضحية تضليل هذا الاستشراق اليهودى، فان الإسلام خلافاً لما حدث في المسيحية، استعصى على الاختراق واحتفظ بسلامة العقيدة وبنقاوتها. غير ان الفكر