الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حوار الأديان والحضارات
يناقش الكاتب الإيطالي (أمبرتو إيكو) مقولة صراع الحضارات أو الثقافات التي تفسر الحرب الأميركية على العالم الإسلامي وحرب المسلمين عليها، ويتساءل ان كانت الحرب هي الشكل العادل للعنف .. وهل يعتبر ما يجري صراعاً بين الشرق والغرب على غرار الحروب الصليبية؟ ويجيب ايكو على ذلك مستبعداً مقولة صراع الحضارات في تفسير ما يجري، ويدعو بقوة إلى مقاومة نزعة العداء الحضاري والثقافي لأن كلفتها تضر بالغرب، وقد تلحق به الهزيمة، فقد تداخل الشرق بالغرب، وتداخلت المصالح والعلاقات على نحو لم يعد ممكناً حمايتها إلا بالتعاون والعمل المشترك من خلال الحوار بين الأديان والحضارات (1).
فالبشرية في عصرنا الحاضر تعاني من أزمات سياسية وانفجارات اجتماعية وهجرات سكانية وفجوات عميقة اقتصادية وتناقص في الموارد الطبيعية، ودمار متواصل للبيئة وارتفاع في وتيرة العنف والغلو. كما يشهد العالم تحولات كيفية غير مسبوقة خاصة في مجالات الثورة التكنولوجية الثالثة، والتي يصعب فهم تأثيرها على القيم والعلاقات والأفكار والثقافات، دون إعمال العقل والحوار. كما تبرز صعوبة إدراك حقيقة القواعد والعلاقات والمشاعر والبناء الاجتماعي والحدود التي تقوم عليها الحضارات، ومدى تغير دلالاتها عبر الزمان والمكان، ومدى تأثر اتجاهاتها بالضغوط الخارجية والأزمات الداخلية
…
وغير ذلك. كما يخشى أن يؤدي استمرار وجود الصور النمطية لحضارة عند أخرى إلى تغذية ضروب الكراهية الجماعية خاصة في المجتمعات التي تنتشر فيها الجهالة والتعصب والخرافات، فيتحول الاختلاف إلى نزاع، وإذا نشب النزاع، فقد يتحول إلى عنف إذا لم يكن هناك حوار و (ثقافة حوار)، والتي تعلي من قيمة التسامح، وتحترم مبدأ كرامة الإنسان وحريته في الاختيار، وتقبل مبدأ التنوع والتعددية الحضارية بدلاً من فرض (النموذج) والهيمنة (2).
(1) ذهنية الإرهاب .. لماذا يقاتلون بموتهم؟ - جان بودريار وآخرون ترجمة: بسام حجار-الناشر: الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي
(2)
حوار الحضارات .. لماذا؟ يوسف الحسن- الموسوعة الإسلامية http://www.balagh.com/mosoa/garb/cx01bsu0.htm
فلا يكاد يمر يوم إلا تحمل لنا الأحداث الجارية في الساحة الدولية نذر صدام ديني وحضاري بين ما يدعى بالثقافة اليهودية المسيحية الغربية، والثقافة العربية الإسلامية. فنقاط التماس كثيرة، إلى درجة أن هانتغتون قال بأن حدود الإسلام المختلفة (دامية). فمن هذه الساحات: المعترك الفلسطيني حيث الصراع العربي الصهيوني يقدم خطأ في الإعلام الغربي و كأنه صراع بين اليهودية والإسلام. ومن هذه الساحات الحروب الأهلية في السودان وفي بعض مناطق إفريقيا مثل ساحل العاج وإرتريا ونيجيريا. حيث تطرح العلاقة بين الديانتين المسلمة والمسيحية إشكالات حادة. و بعد أحداث 11 سبتمبر، نشطت بعض المجموعات المتطرفة في الولايات المتحدة الأمريكية ضد الإسلام والمسلمين رابطة خطأ بين الإسلام والإرهاب، من منظور كون الإسلام يدعو للتعصب والكراهية والعنف. وفي منطقتنا كررت بعض الأصوات المتشددة مقولات مماثلة، ومعتبرة إختلال الموازين في التعامل مع القضايا العربية والإسلامية العادلة عدوانا وحربا ضد الإسلام.
إن هذا الوضع المتأزم الذي تدفعه التيارات المتطرفة من الجانبين للإنفجار، يستدعي من العقلاء المنصفين من الديانات السماوية الثلاث الوقوف بحزم ضد الغلو والتشدد والإرهاب، بتوظيف قيم السلم والتسامح التي تزخر به النصوص المقدسة (1). ولهذا دعي الكثيرون أنه حيال هذا العالم المعقد المتشابك المهدد، لابد من حوار يكفل اجتماع الفرقاء والشركاء، ويضمن احتواء ما أمكن من أزمات وكدمات تبدأ صغيرة أو وطنية وتتدرج لتطال أمداً بعيداً (2). فلم يعد بالإمكان - في هذا العصر - تقوقع الذات عن الآخر، إذ أصبح تشابك العلاقات الإنسانية، وما تواجهه من تحديات تجاه قضايا مشتركة، يفرض على الذات ان تدخل في الحوار، من أجل المصلحة العامة التي تجمع بين البشر، بطريقة وبأخرى، وهذا الواقع يؤكد ان مسألة الحوار بين الأديان والحضارات ترقى إلى مستوى الضرورة التي ينبغي ان تقابل بالجدية
(1) الحوار الإسلامي مع الأديان التوحيدية الأخرى: الخلفيات و الآفاق - عبد الملك منصور حسن المصعبي http://www.science-islam.net/article.php3?id_article=690⟨=ar
(2)
حوار الحضارات والثقافات: رؤية في حوار الحضارات وصراع الأمم- بقلم الحسين ولد مدو- http://www.akhbarnouakchott.com