المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌انهيار الامبراطورية الإسلامية وصعود الغرب - الحملة الصليبية على العالم الإسلامي والعالم - جـ ٤

[يوسف الطويل]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثالثالحوار بين الأديان والحضارات

- ‌نظرية صراع الحضارات

- ‌حوار الأديان والحضارات

- ‌أهمية الحوار

- ‌علاقة المسلم بالآخر عموما

- ‌الحوار بين الأديان

- ‌اليهود والنصارى في القرآن والسنة

- ‌الحوار الإسلامي المسيحي

- ‌المسيح المسلم

- ‌الحوار بين الإسلام واليهودية

- ‌اليهود في ظل الحكم الإسلامي

- ‌منع هجرة اليهود إلى فلسطين

- ‌ظهور الصهيونية والعداء لليهود

- ‌الحوار مع اليهود بين الرفض والقبول

- ‌آفاق الحوار الإسلامي مع الديانات التوحيدية في العصر الحاضر

- ‌حوار الإسلام والغرب

- ‌تشابك المصالح

- ‌الحوار بين الديانات والحضارات لماذا

- ‌تأسيس نظام قيمي جديد

- ‌الفصل الرابعأمتنا ودورها الحضاري

- ‌انهيار الامبراطورية الإسلامية وصعود الغرب

- ‌الغزو الفكري أدواته وأهدافه في العالم الإسلامي

- ‌الغزو الفكري دوافعه وأدواته

- ‌الصهيونية المسيحية والإسلام

- ‌أمتنا ودورها الحضاري

- ‌بناء مشروع نهضوي عربي

- ‌كيف نواجه الهمجية الدونية

- ‌خاتمة

- ‌باراك أوباما وجرأة الأمل

- ‌الموقف من اسرائيل

- ‌خطاب أوباما في جامعة القاهرة

- ‌فلسطين ودورها الحضاري

- ‌الإصلاح الإسلامي

- ‌قائمة المراجع

الفصل: ‌انهيار الامبراطورية الإسلامية وصعود الغرب

الشعوب. فالإسلام يتميز عن غيره من الأديان بأنه دين المساواة الذي حرر الناس من الإقطاع الفارسي والطائفية الهندية والأرستقراطية الغربية، ورفض التفرقة على أساس الجنس أو اللون أو الثراء أو المكانة الاجتماعية.

‌انهيار الامبراطورية الإسلامية وصعود الغرب

بعد هذه الاندفاعه القوية التى استمرت اكثر من عشرة قرون، بدأ المد الإسلامي بالتوقف والانحسار فتوقفت الانتصارات، وبدأ الانحسار من أنحاء مختلفة من العالم. فخلال فترة أواخر القرن الخامس عشر ومطلع القرن السادس عشر، شهدت الساحة التاريخية ثلاث إمبراطوريات إسلامية رئيسية: الإمبراطورية العثمانية في الأناضول وسورية وشمال إفريقيا والجزيرة العربية، والإمبراطورية الصفوية في بلاد فارس، والحضارة المغولية في الهند. وقد اعتنقت معظم دول شرق آسيا (الملايو، أندونيسيا

إلخ) الإسلام علي يد التجار المسلمين. وفي تلك الأثناء، كانت أوروبا بصدد تطوير حضارة جديدة أوجدت نظاماً قائماً علي رأس المال علي أنقاض النظام الزراعي. وحدث تطور صناعي وتجاري كبير في الغرب في حين ان المجتمعات الإسلامية لم تواكب هذه النهضة وبدأت في الانحدار.

ففي الأندلس في نهاية القرن الخامس عشر بدأ انحسار المد الإسلامي، وتوقفت حركة الترجمة الكبرى وتوقف الإنتاج العلمي والمعرفي، وبدأ الأوروبيون يحرزون تقدما ملموساً في فنون الحضارة. وبقدوم ما يسمى (المعرفة الجديدة) بدؤوا يتقدمون بسرعة، وسبقوا التراث العلمي والتكنولوجي ثم الثقافي للعالم الإسلامي بأشواط طويلة. فقد كان السلطان العثماني في أوائل القرن السادس عشر الميلادي تشغله المنافسة الكبرى مع المماليك في مصر والشام وإيران الصفوية، واستطاع السلطان (سليم الأول) أن ينهي دولة المماليك ويفتح البلاد العربية كلها. ولكن الصراع العثماني-الصفوي استمر حتى القرن التاسع عشر، واستهلك هذا الصراع المسلمين وألهاهم عما يدور في أوروبا غير بعيد عنهم من تقدم وتطور. فعندما استطاع فاسكو دي غاما الوصول بحراً من البرتغال إلى رأس الرجاء الصالح في نهاية القرن الخامس عشر، فتح طريقاً بحرياً بين أوروبا وآسيا متجاوزا المجال الإستراتيجي

ص: 98

للطريق السابق الذي كان يسيطر عليه المسلمون. وبدأ البرتغال والإسبان والهولنديون ينشئون قواعد لهم، في جنوب شرق آسيا وفي الموانئ والسواحل المطلة على المحيط الأطلسي والمحيط الهندي، لتأمين طرق التجارة والتحكم فيها. وكانت القارة الأميركية مصدراً للموارد والهيمنة التي لم تصلها القوة الإسلامية العثمانية، ومكنت الأراضي الخصبة والمعادن التي امتلكها الأوروبيون من الاستغناء عن كثير من المنتوجات القادمة من الشرق الأوسط وآسيا، ونشطت المهارات التجارية والحرفية (1).

وكانت هزيمة الأتراك في فيينا عام 1683 بداية تحول وانكسار، وتبعتها هزائم متوالية ومتواصلة في مالطة عام 1684، وفي المواجهة مع روسيا عام 1696 عندما استولى القيصر الروسي بطرس الأكبر على مدينة أزوف على البحر الأسو. ومنذ القرن الثامن عشر وبعده، أصبحت الدول الإسلامية تتهاوي الواحدة تلو الأخري تحت مطارق الاستعمار الغربي الناشيء. كما ادى انتشار التقنية في الغرب إلي ظهور الثورة الصناعية. وانقضّ الغرب الصناعي مستعمراً الدول المسلمة بهدف ضمها إلي شبكة مصالحه التجارية، وسمحت الدول المستعمرة بإجراء تحديث سطحي في الدول المستعمَرة لتكفي فقط المستعمرين الغربيين وتمكنهم من استغلال المواد الخام في هذه المستعمرات (2)

وربما يكون التاريخ الحديث للشرق الأوسط بدأ عام 1798 مع الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون، حيث أخضعت للمرة الأولى إحدى الدول في قلب ديار الإسلام لحكم دولة أجنبية، وبدأت مظاهر التغير الثقافي في الشرق. وبدأ الحكام في الآستانة والقاهرة يستعينون بالغرب لتحديث دولهم وجيوشهم، فقد استقدم الخبراء العسكريون الغربيون في عمليات إعادة تنظيم الجيش، واستخدمت أنظمة الإدارة الغربية، والأسلحة الغربية، وأرسلت البعثات التعليمية إلى الغرب لاقتباس العلوم الغربية (الإفرنجية)، هذا بالرغم من ان المسلمون كانوا يحتقرون الغرب ولا يأبهون بالجهود الحثيثة التي يبذلها للنهضة والتقدم، وعندما أفاقوا على

(1) أين الخطأ؟ .. التأثير الغربي واستجابة المسلمين- برنارد لويس- ترجمة: محمد عناني-تقديم ودراسة: رؤوف عباس

(2)

امبراطورية الشر الجديدة - عبد الحي زلوم- القدس العربي- 3/ 2/2003

ص: 99

صدمة التفوق التقني في بداية القرن الثامن عشر كان الغرب قد سبقهم بأربعمائة سنة في التقدم العلمي، وبدأ التأثير الغربي يغزو الشرق من مدخل التقنية.

وهكذا أصبح العالم الإسلامي اليوم، إذا قورن بالعالم المسيحي الذي دأب على منافسته طوال ألف عام، فقيراً ضعيفًا وجاهلاً، وتبدى للجميع في القرنين التاسع عشر والعشرين تفوق الغرب وهيمنته، فقد غزي العالم الإسلامي في كل جوانب حياته العامة والخاصة. ولم يقتصر الأمر على أن يجد المسلمون أنفسهم ضعفاء وفقراء بعد قرون من الثراء والقوة، فقد أتى القرن العشرون بمزيد من الإذلال والهزائم، وتقدمت عليهم دول أخرى كانت أضعف وأفقر مثل اليابان ودول شرق آسيا. وهنا بدأ كثير من المفكرين والمصلحين محاولة معرفة اسباب هذا الخلل، حيث كانت الاجابات متنوعه ومختلفة. فقد حُمّل المغول والأتراك والاستعمار الغربي واليهود مسؤولية التخلف والضعف، وأعادها البعض إلى أسباب ثقافية وفكرية تعود إلى التخلي عن الثقافة الإسلامية والركض وراء الثقافة الغربية (1).

وبالتأكيد فإن كل هذه الاسباب صحيحة ولكننا سنركز هنا على الاسباب الفكرية والثقافية التى ادت إلى انهيار العالم الإسلامي، لاعتقادنا بانها تمثل الثقل الرئيس في عوامل النهوض والانكسار لاى حضارة أو ثقافة. فالحضارة الإسلامية بدأت في اتخاذ منحناً تنازلياً بعد ان ظهرت الخلافات الفكرية والمذهبية بين اتباعه، مقرونه بالجمود والتقليد، وبلغت ذروة ذلك عندما تم قفل باب الاجتهاد وبدأ التضييق على حرية الفكر والابداع الذى طبع حركة الإسلام الأولى، فكان نتيجة ذلك ان قل الالتزام بتعاليم الإسلام أو ظل الالتزتم موجوداً ولكن من خلال الأخذ بالمظهر دون الجوهر.

(1) أين الخطأ؟ .. التأثير الغربي واستجابة المسلمين- برنارد لويس- ترجمة: محمد عناني-تقديم ودراسة: رؤوف عباس

ص: 100