الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث
في تَحمُّلِ الحديثِ وطُرُقِ نَقِلِه وضَبطِهِ ورِوَايَتِهِ
وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول
في أَهليَّةِ التَّحَمُّلِ
يصح التَّحمل قبل الإسلام وقبل البُلوغ، ومنع الثاني قومٌ وأخطئوا لاتفاق الناس على قبول رواية الحسن والحُسين وابن عبَّاس وابن الزُّبير والنُّعمان بن بَشير، وغيرِهم، ولم يزل الناس يُسمِعون الصِّبيان.
واختُلِف في الزمن الذي يصح فيه سماع الصبي.
فقال القاضي عِيَاض (1): حدَّدَ أهل الصنعة في ذلك خمس سنين وهو سن محمود بن الربيع (2)، الذي ترجم البخاري فيه "باب متى يصح سماع الصغير" وقيل كان ابن أربع سنين، وهذا الذي استقر عليه عمل المتأخرين يكتبون لابن خمس، سمع ولمن دونه، حَضرَ أو أُحضر.
وقيل الصواب أن يُعتبر كل صغير بحاله، فمتى كان فَهِمًا للخطاب وردَّ
(1) الإلماع (ص 62).
(2)
أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس أو أربع سنين ينظر ترجمته في تهذيب الكمال (27/ 301).
الجواب صحَّحنا سماعه، وإن كان له دون خمس.
ونُقِل نحو ذلك عن أحمد بن حنبل وموسى الحمَّال (1).
وإن لم يكن كذلك لم يصح سماعه وإن كان ابن خمسين (2).
وقد نقل أنَّ صبيًّا ابن أربع سنين حُمِل إلى المأمون قد قرأ القرآن ونظر في الرأي غير أنه إذا جاع يبكي (3).
وحاصله أن القاضي اعتبر تحديد السن وبعضهم اعتبر الحالة، وهو الصحيح فلا يُردّ حديث محمود إشكالاً على القول الصحيح؛ لأنه يدل على إثبات سماع من هو مثله في السن والذكاء ولا يدل على نفي سماع من كان دونه في العمر وله ذكاء وفطنة.
قال أبو عبد الله الزبيري (4): يُستحب كَتْب الحديث بعد عشرين سنة لأنها مجتمع العقل (5).
وقال موسى بن هارون (6): أهل البصرة يكتبون لعشر سنين وأهل
(1) هو موسى بن هارون بن عبد الله بن مروان الحمال البغدادي البزاز الإمام الحجة المتوفى في سنة 294 هـ وينظر ترجمته في سير أعلام النبلاء (12/ 116) والنقلان أخرجهما الخطيب في الكفاية (ص 61، 65).
(2)
في المطبوعة خمس سنين والمثبت من (ز)، (د).
(3)
ينظر الكفاية (ص 64)، ومقدمة ابن الصلاح (ص 315).
(4)
هو الزبير بن أحمد بن سليمان الشافعي البصري توفي في سنة 317 هـ ينظر ترجمته في تاريخ بغداد (9/ 492) وسير أعلام النبلاء (15/ 57).
(5)
ينظر الكفاية (ص 55).
(6)
المصدر السابق.
الكوفة لعشرين، وأهل الشام لثلاثين.
والصواب في هذه الأزمان:
أن يُستكثر سماع الحديث بإسماع الصغير من أول زمان يصح فيه سماعه لأن الملحوظ الآن إبقاء سلسلة الإسناد فَحسْب.
وأن يشتغل بكتب الحديث وتقييده من حين تأهله لذلك، ولا ينحصر التأهل في سن مخصوص، لاختلاف ذلك باختلاف الأشخاص.