الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معيّن لا يشكل إسناده.
الثاني: ينبغي للمُجيز بالكتابة أن يتلفظ بها، فإن اقتصر على الكتابة مع قصد الإجازة صَحَّت، كما أن سكوته عند القراءة عليه إخبار وإن لم يتلفظ لكنها دون الملفوظ بها.
الطريق الرابع: المُنَاوَلَة:
وهي نوعان:
أحدهما: المقرونة بالإجازة.
وهي أعلى أنواع الإجازة كما تقدم، ثم لها صورٌ.
منها: أن يَدفَع إليه أَصلَ سماعِه أو فرعًا مقابَلاً به، ويقول هذا سماعي أو روايتي عن فلان فاروه عني، أو أجزت لك روايته ثم يبقيه في يديه تمليكًا أو إلى أن ينسخه.
ومنها: أن يناول الطالبُ الشيخَ سماعَه فيتأمله (1)، وهو عارف مُتيقظ ثم يناوله الطالب ويقول: هو حديثي أو سماعي أو روايتي فاروه عني، وسمَّي غيرُ واحدٍ من أئمة الحديث هذا عَرضًا، وقد تقدم أن القراءة على الشيخ تسمى عرضًا أيضًا، فليُسم هذا عرض مناولة، وذاك عرض القراءة.
وهذه المناولة كالسَّماع في القوة عند الزهري وطائفة.
(1) في المطبوعة فيقابله والمثبت من (ز)، (د)، وينظر مقدمة ابن الصلاح (ص 346).
وقال الثوري وجماعة: إنها منحطة عن السماع وهو الصحيح.
وقال الحاكم (1): وعليه عَهِدْنَا أئِمَّتنا وإليه نذهب.
ومنها: أن يناوله الشيخ سماعه ويجيزه (2)، ثم يمسكه الشيخ، وهو دون ما سبق فإذا وجد ذلك الأصل أو مقابَلاً به موثوقًا بموافقته، جاز له روايته، ولا يظهر في هذه كثير مزيَّة على الإجازة المجردة في معيَّن، وصرح بذلك جماعة من أهل الفقه والأصول، وأما شيوخ الحديث قديمًا وحديثًا، فيرون لها مزية معتبرة.
ومنها: أن يأتيه الطالب بنسخة ويقول هذه روايتك فناولنيه وأَجِزني روايته فيجيب إليه من غير نظرٍ وتحققٍ لروايته فهذا باطل، فإن وُثِق بخبر الطالب ومعرفته اعتمده وصحَّت الإجازة كما يعتمد قراءته.
ولو قال له حدِّث عني بما فيه، إن كان روايتي، مع براءتي من الغلط، كان جائزًا حسنًا.
الثاني: المجرَّدة عن الإجازة.
وهو أن يناوله كتابًا ويقول هذا سماعي مقتصرًا عليه (3)، فالصحيح أنه لا يجوز له الرواية بها، وبه قال الفقهاء وأهل الأصول وعابوا من جوَّزه من المحدثين.
(1) معرفة علوم الحديث (ص 260).
(2)
في المطبوعة "وغيره" والمثبت من (ز)، (د).
(3)
أي: لا يقول له الشيخ اروه عني أو أجزت لك روايته عني أو نحو ذلك.
فرع:
جوَّز الزهري ومالك إطلاق حدثنا وأخبرنا في المناولة وهو لائق بمذهب من يجعل عرض المناولة المقرونة بالإجازة سَماعًا.
وعن أبي نُعَيم الأصفهاني والمرزباني (1)، وغيرهما جوازه في الإجازة المجردة عن المناولة (2).
والصحيح الذي عليه الجمهور وأهل التَّحرِّي، المنع من ذلك وتخصيص ذلك بعبارة تُشعِر بالإجازة؛ "كحدثنا إجازةً" أو "مناولةً" أو "إذنًا" أو "ناولني" وشبه ذلك.
واصطلح قوم من المتأخرين على إطلاق أنبأنا في الإجازة، واختاره قوم ومال إليه البيهقي (3).
وقال ابن حمدان (4): كل قول البخاري قال لي فهو عرض أو مناولة.
(1) المرزباني أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى الكاتب صاحب معجم الشعراء المتوفى سنة 384 هـ ينظر ترجمته في إنباه الرواة (3/ 180)، تاريخ بغداد (4/ 227).
(2)
ينظر مقدمة ابن الصلاح (ص 351 - 352).
(3)
ينظر مقدمة ابن الصلاح (ص 353).
(4)
هو أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان بن علي بن سنان الحيري النيسابوري الإمام المحدث الثقة مسنِد خراسان توفي في سنة 376 هـ ينظر ترجمته في سير أعلام النبلاء (16/ 356).