الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
في طُرُق تَحَمُّل الحَدِيث
وهي سبعة:
الطريق الأول: السَّماع من لفظ الشيخ سواء كان إملاءًا أم تحديثًا
، وسواء كان من حفظه أو من كتابه، وهذا أرفع الطرق عند الجماهير.
قال الخطيب (1): أرفع العبارات في ذلك "سمعت" ثم "حدثنا" و"حدثني" فإنه لا يكاد أحد يقول سمعت في أحاديث الإجازة والمكاتبة ولا في تدليس ما لم يسمعه، وكان بعض أهل العلم يقول فيما أجيز له حدثنا.
وروى عن الحسن أنه كان يقول: حدثنا أبو هريرة ويتأول أنه حدث أهل المدينة، وكان الحسن إذ ذاك بها إلا أنه لم يسمع منه شيئًا (2).
ثم يتلو ذلك، أخبرنا وهو كثير في استعمال الحفاظ حتى أن جماعة من أهل العلم كانوا لا يكادون يستعملون فيما سمعوه من لفظ مَن حدثهم إلا أخبرنا (3).
وذكر الخطيب (4): كان عبد الرزاق يقول: أخبرنا فيما سمع حتى قدم أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه فقالا له: قل حدثنا.
(1) الكفاية (ص 284).
(2)
ينظر المصدر السابق، ومقدمة ابن الصلاح (ص 316).
(3)
ينظر الكفاية (ص 284)، ومقدمة ابن الصلاح (ص 317).
(4)
الكفاية (ص 286).
وقال ابن الصلاح (1): هذا الاختلاف كله قبل أن يَشيع تخصيص أخبرنا بما قُرِئ على الشيخ.
فحينئذ يكون فوق حدثنا.
قال الخطيب (2): ثم يتلو "أخبرنا""أنبأنا""ونبأنا"،وهو قليل في الاستعمال.
قال القاضي ابن جماعة (3): لا سيَّما بعد غلبته في الإجازة.
قال ابن الصلاح (4): "حدثنا وأخبرنا" أرفع من "سمعت" من جهة أخرى وهي أنه ليس في "سمعت" دلالة على أن الشيخ روى الحديث وخاطبه به وفي "حدثنا وأخبرنا" دلالة على أنه خاطبه به ورواه له.
قال القاضي ابن جماعة (5): وقد يُردّ هذا، بأن سمعت صريح في سماعه بخلاف أخبرنا لاستعماله في الإجازة عند بعضهم.
أقول: يُردُّ هذا الردّ بأن مقصود الشَّيخ من قوله من جهة أخرى ليس ما عليه اصطلاح أهل الحديث، بل بحسب اللغة والعُرف ألا ترى إلى قوله (6)
(1) مقدمة ابن الصلاح (ص 317).
(2)
الكفاية (ص 286).
(3)
المنهل الروي (ص 80).
(4)
مقدمة ابن الصلاح (ص 317).
(5)
المنهل الروي (ص 80).
(6)
في مقدمة ابن الصلاح (ص 317 - 318)، وأصل الكلام في الكفاية (ص 287).
كان أبو القاسم (1) مع ثقته وصلاحه عسِراً في الرواية، وكان البرقاني يجلس بحيث لا يراه أبو القاسم ولا يعلم بحضوره، فيسمع منه ما يحدث به غيرَه فلذلك يقول: سمعت، ولا يقول: حدثنا ولا أخبرنا لأن قصدَه بالرواية غيرُه، وأما قال لنا فلان، أو ذكر لنا، فمن قبيل حدثنا لكنه بما سمع في المذاكرة في المجالس والمناظرة بين الخصمين أشبه وأليق من حدثنا.
وأوضع (2) العبارات: "قال فلان"، ولم يقل "لي" أو "لنا".
ومع ذلك فهو محمول على السَّماع إذا تحقق لقاؤه لا سيَّما ممن عُرِف أنه لا يقول ذلك إلا فيما سمعه.
وخصَّص الخطيب (3) حَمْل ذلك على السماع بمن عُرف من عادته أنه لا يقول ذلك إلا فيما سمعه، والمحفوظ المعروف أنه ليس بشرط والله أعلم.
(1) هو الإمام الحافظ أبو القاسم، عبد الله بن إبراهيم بن يوسف الجرجاني الآبندوني توفي في سنة 368 هـ ينظر ترجمته في سير أعلام النبلاء (16/ 261).
(2)
في المطبوعة " أوضح" والمثبت من (ز)، ومقدمة ابن الصلاح (ص 318).
(3)
في الكفاية (ص 318).