الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والصحيح أنه لا يجوز الرواية لمجرد الإعلام، وبه قطع بعض الشافعية واختاره المحققون لأنه قد يكون الكتاب سماعه، ولا يأذن في روايته لخلل يعرفه، لكن يصح العمل به إذا صح سنده عنده.
الطريق السابع: الوِجَادَة:
وهي مصدر وَجَدَ يَجِد، مولَّد غيرُ مسموعٍ عن العرب.
ومثالها: أن تقف على كتاب بخط شخص (1) فيه أحاديث يرويها ذلك الشخص ولم يسمعها منه هذا الواجد ولا له منه إجازة ولا نحوها فله أن يقول: وجدت أو قرأت بخط فلان أو في كتاب فلان بخطه حدثنا فلان ويسوق باقي الإسناد والمتن أو يقول: وجدت أو قرأت بخط فلان عن فلان ويذكر الباقين.
هذا الذي استمر عليه العمل قديمًا وحديثًا، وهو من باب المُرسل غير أنه أخذ شَوْبًا من الاتصال بقوله وجدت بخط فلان، وربما دلَّس بعضهم فذكر الذي وجد بخطه، وقال فيه: عن فلان أو قال فلان وذلك تدليس قبيح إن أوهم سماعه منه، وجازف بعضهم فأطلق في هذا حدثنا وأخبرنا وأُنكِر هذا على فاعله.
فرعان:
الأول: إذا وجد حديثًا في تأليف شخص وليس بخطه فله أن يقول، ذكر فلان أو قال فلان: أخبرنا فلان.
(1) في نسخة على (ز) شيخ.
وهذا منقطع لم يأخذ شَوْبًا من الاتصال.
هذا كله إذا وُثق بأنه خط المذكور أو كتابه.
فإن لم يكن كذلك فليقل: بلغني عن فلان، أو وجدت عن فلان، أو قرأت في كتاب: أخبرني فلان أنه بخط فلان أو في كتاب ظننت أنه بخط فلان.
وإذا أراد أن ينقل من كتاب منسوب إلى مصنف، فلا يقل قال فلان كذا إلا إذا وثق بصحة النسخة، بأن قابلها هو أو ثقة بأصول متعددة، كما تقدم في النوع الأول.
فإن لم يوجد ذلك ولا نحوه فليقل: بلغني عن فلان كذا أو وجدت في نسخة من الكتاب الفلاني ونحوه.
وقد تسامح أكثر الناس في هذه الأعصار بإطلاق اللفظ الجازم في ذلك من غير تَحرٍّ وتثبت.
فيطالع أحدهم كتابًا منسوبًا إلى مصنف وينقل عنه من غير أن يثق بصحة النسخة قائلاً: قال فلان كذا.
فإن كان المطالع عالماً فَطِناً لا يخفى عليه في الغالب الساقط والمحوَّل عن جهته؛ رَجوْنا أن يجوز له إطلاق اللفظ الجازم في هذا، وإلى هذا استروح كثير من المصنفين فيما نقلوه من كتب الناس.
الثاني: العمل اعتمادًا على الوِجَادَة.
نُقِل عن معظم المحدثين والفقهاء المالكيين وغيرهم أنه لا يجوز.
وعن الشافعي وطائفة من نُظَّار أصحابه جوازه، وقطع بعض المحققين من الشافعيين بوجوب العمل بها عند حصول الثقة.
وهذا هو الصحيح الذي لا يتجه في هذه الأزمان غيره؛ لأنه لو وقف العمل على الرواية، لا نَسدّ بابه لتعذر شرط الرواية.