المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثانيا: الجهاد في سبيل الله - الدكتور علي جمعة إلى أين

[طلحة محمد المسير]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَة

- ‌الفصل الأولبعض أساليب الدكتور علي جمعة في الإقناع

- ‌أولا: التطاول على المخالفين

- ‌ثانيًا: التناقضات

- ‌ثالثًا: تحريف النقول

- ‌رابعًا: الكلام المحتمل والمصطلحات الفضفاضة

- ‌خامسًا: ذكر صفات الباطل بدقة ثم التلبس ببعضها

- ‌سادسًا: الركون للمبتدعة والأقوال الضعيفة والباطلة

- ‌سابعًا: الإبهار

- ‌ثامنًا: القواعد والأصول المخترعة

- ‌عاشرًا: الإكثار من الشبهات

- ‌الفصل الثانيرؤيته للعلاقة بين الإسلام والواقع

- ‌أولاًً: التحاكم إلى الشريعة

- ‌أ- كلامه عن تطبيق الشريعة في كتاب:(البيان لما يشغل الأذهان مائة فتوى لرد أهم شبه الخارج ولم شمل الداخل)

- ‌ب- كلامه عن تطبيق الشريعة في مقالات التجربة المصرية

- ‌جـ- طعون الدكتور علي جمعة المتفرقة المتعلقة بتطبيق الشريعة

- ‌ثانيًا: الجهاد في سبيل الله

- ‌ثالثًا: التعامل مع الكفار والعيش في بلادهم

- ‌رابعًا: المعاملات المالية

- ‌خامسًا: الشيعة

- ‌سادسًا: التصوف

- ‌سابعًا: الأدب مع الله عز وجل ومع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌ثامنًا: فتاوى المرأة

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ثانيا: الجهاد في سبيل الله

‌ثانيًا: الجهاد في سبيل الله

الجهاد في سبيل الله من أفضل العبادات التي شرعها الله جل وعلا، ومن أعظم القربات الموصلة إلى رضوان الله سبحانه وتعالى، قال تعالى:{فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (1) وقال سبحانه: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (2) وقال: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (3).

وبشر الله المجاهدين بالبشريات العاجلة، والمنح الوافرة؛ فقال تعالى:{قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (4).

وحذر الله المؤمنين من الركون إلى الدنيا وترك الجهاد في سبيله، وتوعدهم إن هم فعلوا ذلك؛ فقال سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ

(1) سورة النساء، الآية 74.

(2)

سورة التوبة، الآية 41.

(3)

سورة التوبة، الآية 111.

(4)

سورة التوبة، الآيتان 14 - 15.

ص: 118

إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (1).

وتضمن الشرع الإسلامي من أحكام الجهاد وآدابه ما يجعله يسمو فوق أغراض البشر وأحقادهم؛ لتكون سيوف المسلمين مرفوعة باسم الله وعلى بركة الله، مؤيدة بمدد من عند الله؛ قال تعالى:{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (2).

وحظيت شريعة الجهاد بعناية الأمة ورعايتها، ولم يكن يجرؤ أحد على النيل من بعض تفصيلاتها، فضلاً عن أن يعترض على هذه الشريعة المطهرة.

والدكتور علي جمعة يرى الواقع الذي تعيشه الأمة، هذا الواقع الذي اتحدت فيه قوى الشر في العالم، تحارب الإسلام جهارًا نهارًا، وتقتل وتشرد وتستبيح الحمى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ومع هذا الواقع الأليم نجد أن د. علي جمعة يقدم طرحًا هزيلاً لا يتناسب مع واقع الأمة؛ ومن ذلك:

* قال د. علي جمعة: "الجهاد لا يجوز إلا تحت راية، وعندما فقدت الراية فلا جهاد، وسيتحول إلى قتل بدل أن يكون قتالاً، ولو ادعى صاحبه أنه في سبيل الله"(3) ومعنى ذلك أنه يرى أن الحرب في كثير من الأماكن التي سقطت تحت حكم الكفار ليست جهادًا، ولكن الله عز وجل يقول: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ

(1) سورة التوبة، الآية 24.

(2)

سورة الأنفال، الآية 17.

(3)

مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: توليد العلوم فرض على المسلمين3، بتاريخ 3 - 7 - 2004.

ص: 119

الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا} (1).

* وقال: "عمليات الاستشهاد في فلسطين، وموقفنا بشأنها يتمثل بأن ذلك لم ينشأ من فتوى دينية سابقة، كما هو متصور أو يُراد أن يُتصور، وأن الأمر مرده إلى التضييق اليهودي واليأس والإحباط الذي يصيب الفلسطينيين، وأن أول فدائي كان مسيحيًا، وأن الأمر امتد إلى الفتيات؛ حيث كان من الشائع أن الذكور يفعلون هذا؛ لأن الإسلام يبشرهم بسبعين حورية في الجنة، وأن الفتاوى التي حرمت لم تمنع العمليات الفدائية، ولم تدفع إليها؛ لأن السبب هو الإحباط وليس الدين، وأن الادعاء بأن الدين وراء ذلك لن يؤثر كثيرًا في الواقع؛ لأنه ليس صحيحًا، فلا بد من معرفة السبب الحقيقي وإزالته، والسبب الحقيقي هو طريقة تعامل الكيان الصهيوني مع القضايا السياسية والإنسانية"(2) وهكذا بجرة قلم يتهم د. علي جمعة نوايا الشباب الطاهر الذي يستجيب لفتاوى علمائه التي تحبذ له القيام بالعمليات الفدائية بشروط يذكرونها له، ويجعلهم د. علي جمعة مرضى نفسيين أصابهم اليأس والإحباط.

* وقال: "بعدما أذيع من أحداث قتل الأسرى أخيرًا تأملت ما ورد في شأنهم في كتاب الله، فوجدت قوله تعالى:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (3)، ومعنى الآية أنه لا يجوز أن نأسر الناس من غير أن يكونوا من العساكر المقاتلين، ومن غير أن يكون هناك حرب قائمة بيننا وبين

(1) سورة النساء، الآية 84.

(2)

مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: كنت في لندن، بتاريخ 17 - 7 - 2004.

(3)

سورة الأنفال، الآية 67.

ص: 120

العدو، فقوله:{حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} (1) معناه إلى أن يقاتل في سبيل الله، فالأسر بدون قتال يقع بعده باطلاً ومنهيًا عنه" (2) وهذا الفهم معوج وباطل، فهل كانت النساء اللاتي يُتخذن إماء، والأطفال الذين يُتخذون عبيدًا، من العساكر المقاتلين؟! وأما قوله تعالى:{حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} (3) فلا علاقة له بالأسر دون قتال؛ بل معناه كما في التفاسير، بل وكما في تفسير د. محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر:(ما صح وما استقام لنبي من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام {أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} (4) من أعدائه الذين يريدون به وبدعوته شرًا {حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} (5) أي: حتى يبالغ في قتلهم، وإنزاله الضربات الشديدة عليهم، إذلالاً للكفر وإعزازًا لدين الله) (6).

* وقال د. علي جمعة: "من جاهد رسول الله؟ جاهد العرب؛ منهم بنو سليم، ومنهم غطفان، ومنهم هوازن، ومنهم بنو تميم، وقريش.

من هؤلاء؟ هؤلاء أولاد إلياس بن مضر، كلهم قبيلة واحدة، لم يرفع السيف صلى الله عليه وسلم على أحد من العرب من غير أولاد إلياس بن مضر، في ثمانين سرية وغزوة وتجريدية وكتيبة وكذا إلى آخره، أغلبها كان لمتابعة قطاع الطريق، وكان لرد عدوان، ولسرقة سرقوها، ولتأديب من يحتاج إلى التأديب، ولكنه لم يرفع السيف لا في هذه ولا في تلك إلا على أبناء عمومته الذين أخرجوه ومنعوه إبلاغ كلمة الله، فمن أكره؟ ومن أدخل دين الإسلام

(1) سورة الأنفال، الآية 67.

(2)

مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: قتل الأسرى، بتاريخ 26 - 3 - 2007م.

(3)

سورة الأنفال، الآية 67.

(4)

سورة الأنفال، الآية 67.

(5)

سورة الأنفال، الآية 67.

(6)

كتاب تفسير الوسيط، تفسير سورة الأنفال.

ص: 121

بسيف أو بغيره؟ كانوا يأسرون الزعيم فيأتي رسول الله فيسلم؛ لما يراه من خلقه العالي الكريم، فتسلم قبيلته، لم يرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف إلا على أولاد إلياس بن مضر، وكانوا يمثلون عائلة واحدة، يجتمعون ضد أعدائهم إذا هَمَّ الهم، فكأنه ينذر عشيرته الأقربين" (1) ويقول في موضع آخر:"الذين جرد لهم النبي صلى الله عليه وسلم من حضر من أولاد عمومته، وكان العرب يقاتلون أولاد عمومتهم للتأديب، يعني كأنها مشكلة داخلية"(2).

هذا الكلام من أعجب العجب، ولا يمكن أن يصدقه من قرأ قطوفًا من السيرة النبوية، أو قرأ جزءًا من كتاب الجهاد في أي كتاب من كتب الفقه، ولكن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم)(3).

* وقال في أعقاب استهزاء الدنماركيين بالرسول صلى الله عليه وسلم: " {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} (4) رحلوا الصدام لغير مواضع الاستفزاز الدنيء منهم"(5) ولا أدري ما هي المواضع التي يقصدها إذا لم تكن سخريتهم واستهزاؤهم هي القاطع لكل وشائج الصلة مع هؤلاء الكافرين، وهي المؤذنة بالعداوة والبغضاء بين أمة الإسلام وهذه الأمة المجرمة.

* وقال: "لما كان في المدينة جاءوا إليه في بدر، وبدر من المدينة أو بقريب منها، ثم جاءوه في أحد، وأحد من المدينة أو هي قريب منها، ثم جاءوه في الخندق الذي حفره يحمي المدينة، ما اعتدى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم "(6) هذا

(1) كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، ص 78.

(2)

كتاب فتاوى عصرية، الجزء الأول، ص 171.

(3)

رواه مسلم في مقدمة صحيحه، باب النهي عن الرواية عن الضعفاء.

(4)

سورة الحجر، الآية 95.

(5)

كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، ص160.

(6)

كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، ص 163.

ص: 122

الكلام فيه تدليس، يوهم أن الحرب في الإسلام حرب دفاعية، وهذا باطل؛ بل الحرب في الإسلام حرب دفاع وحرب طلب، وهل جاء كفار قريش في بدر إلا بعد أن خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلب قافلة قريش التي كانت عائدة من الشام، وإلا بعد سرية نخلة التي تقع بين مكة والطائف وكانت ترصد عيرًا لقريش، فغنمت ما بها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عقب غزوة الأحزاب:(الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم)(1) فلا يمكن أن ننتقص في حال ضعفنا الحالي جهاد الطلب أو أن نسميه اعتداء.

* قال د. علي جمعة: "كل القتلى في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عبر أكثر من سبعة حروب تم فيها القتال، و24 سرية اشترك فيها النبي صلى الله عليه وسلم و80 سرية جردها طوال فترته في المدينة، لم يقتل سوى سبعمائة إنسان"(2) ولكنه في موضع آخر قال: "عدد القتلى من المسلمين في كل المعارك 139، ومن المشركين 112، ومجموعهم 251"(3)!!.

* قال د. علي جمعة: "الكيان الصهيوني يحتل أرضًا عربية بموجب القرارات الدولية من الضفة الغربية والجولان ومزارع شبعا، وعلى ذلك فإن مقاومته مشروعة"(4) وماذا عن حيفا ويافا وما يسمى بأراضي 48؟ هل تشرع مقاومة الكيان الصهيوني الذي احتل هذه الأراضي بمساندة الأمم المتحدة وبموجب القرارات الدولية أم لا تشرع؟!.

(1) رواه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب غزوة الخندق.

(2)

كتاب فتاوى عصرية، الجزء الأول، ص 171.

(3)

كتاب البيان لما يشغل الأذهان مائة فتوى لرد أهم شبه الخارج ولم شمل الداخل، ص 93.

(4)

مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: إسرائيل ظاهرة صوتية، بتاريخ 21 - 8 - 2006.

ص: 123