المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رابعا: الكلام المحتمل والمصطلحات الفضفاضة - الدكتور علي جمعة إلى أين

[طلحة محمد المسير]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَة

- ‌الفصل الأولبعض أساليب الدكتور علي جمعة في الإقناع

- ‌أولا: التطاول على المخالفين

- ‌ثانيًا: التناقضات

- ‌ثالثًا: تحريف النقول

- ‌رابعًا: الكلام المحتمل والمصطلحات الفضفاضة

- ‌خامسًا: ذكر صفات الباطل بدقة ثم التلبس ببعضها

- ‌سادسًا: الركون للمبتدعة والأقوال الضعيفة والباطلة

- ‌سابعًا: الإبهار

- ‌ثامنًا: القواعد والأصول المخترعة

- ‌عاشرًا: الإكثار من الشبهات

- ‌الفصل الثانيرؤيته للعلاقة بين الإسلام والواقع

- ‌أولاًً: التحاكم إلى الشريعة

- ‌أ- كلامه عن تطبيق الشريعة في كتاب:(البيان لما يشغل الأذهان مائة فتوى لرد أهم شبه الخارج ولم شمل الداخل)

- ‌ب- كلامه عن تطبيق الشريعة في مقالات التجربة المصرية

- ‌جـ- طعون الدكتور علي جمعة المتفرقة المتعلقة بتطبيق الشريعة

- ‌ثانيًا: الجهاد في سبيل الله

- ‌ثالثًا: التعامل مع الكفار والعيش في بلادهم

- ‌رابعًا: المعاملات المالية

- ‌خامسًا: الشيعة

- ‌سادسًا: التصوف

- ‌سابعًا: الأدب مع الله عز وجل ومع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌ثامنًا: فتاوى المرأة

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌رابعا: الكلام المحتمل والمصطلحات الفضفاضة

‌رابعًا: الكلام المحتمل والمصطلحات الفضفاضة

ينبغي على المتكلم أن يتحرى نفع طلابه، وتوضيح المشتبه، والإفصاح عن مراده، حتى يتسنى فهم حقيقة دعوته ورسالته.

والمؤمن يتجنب الألفاظ التي تحتمل التشويش، خاصة عندما يقف في مقام الفتيا والوعظ، حتى لا يضل الناس بقوله.

أما تعمد الإغراب، وتعمية المصطلحات، فهو سبيل للخلط والتخليط.

وهذه نماذج للكلام المحتمل، والمصطلحات الفضفاضة، التي توهم غير الحق:

أ- إطلاق لفظ المتدينين والمؤمنين على المسلمين والكفار؛ فقال: "ولقد دعا الأستاذ عبد الأحد داود في آخر كتابه (الإنجيل والصليب) العالم كله أن يتحد ضد هذا البلاء، وإن من المصلحة على جميع المتدينين والمؤمنين أن يقفوا ضد الإلحاد الأسود"(1).

ب- بل إنه وصف الأديان الموجودة الآن بأنها أديان تأمر بالعدل والإحسان، وتنهى عن الظلم والعدوان، وافترى على الإسلام أنه يساوي في المعاملة الدنيوية بين أتباعه وأعدائه، وهذا افتراء على الإسلام الذي يعامل أعداء الإسلام بأحكام مفصلة مذكورة في كتب الفقه، تخالف كثيرًا معاملة المسلمين الموحدين، فقال: "في الوقت الذي اجتاحت الجيوش المختلفة أرض الله، تنشر الدمار والخراب والدماء، فلا تفرق بين الطفل والمرأة والكهل، كان الدكتور دراز ينادي بتوحيد الصفوف بين الأديان المختلفة، ويدعو إلى التقائها عند قاعدة واحدة هي أساس التعاون، وذلك أنها تأمر

(1) مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: الدين بين الحقيقة والأوهام، بتاريخ 13 - 4 - 2009م.

ص: 35

جميعها بالعدل والإحسان، وتنهى عن الظلم والعدوان، وكلها تساوي في هذه المعاملة الدنيوية بين أتباعها وبين أعدائها، وهو نفس ما يدعو إليه علماؤنا في العصر الحالي، تحت شعار: تعالوا إلى كلمة سواء" (1).

ج- قضية أمة الدعوة وأمة الإجابة، استغلها من أجل أن يروج لمفهوم مخترع، يقوم على أن الكفار جزء من الأمة الإسلامية؛ لأنهم من أمة الدعوة، وهذا تلاعب بالمصطلحات الشرعية، قال تعالى:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (2)، وقال جل وعلا:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} (3).

يقول: "أمة الإسلام إنما هي الخلق أجمعون، ولكن بعض الخلق آمن وهناك منهم من لم يؤمن"(4). وقال: "وهذا المبدأ تولدت منه عدة مسائل منها: مفهوم الأمة الإسلامية، وهو أن هناك أمة إجابة، وهم الذين صدقوا بالقرآن والنبي صلى الله عليه وآله وسلم واتبعوه، وأمة دعوة وهم الناس أجمعون حتى أولئك الذين لم يخلقوا بعد، ومن هنا يشعر المسلم بالأخوة للإنسانية"(5). وتكلم عما أسماه بالأمة الإنسانية، مطلقًا على الكتابين اللذين أوحاهما

(1) مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: الدكتور دراز وتراثه العلمي، بتاريخ 4 - 5 - 2009م.

(2)

سورة النحل، الآية 93.

(3)

سورة الشورى، الآية 8.

(4)

كتاب تيسير النهج في شرح مناسك الحج، ص 9.

(5)

مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: أسئلة الأمريكان2، بتاريخ 3 - 4 - 2006م.

ص: 36

الله جل وعلا لموسى وعيسى عليهما السلام اسم العهد القديم والعهد الجديد، وهي تسمية باطلة، تدل على الكتب المحرفة عند أهل الكتاب، المشتملة على أنواع من الكفر، تاركًا تسمية ما أوحاه الله إليهما باسم التوراة والإنجيل، فقال:"الأمة الإنسانية أمة واحدة، ويتوج حدث الإسراء والمعراج هذا المعنى، إذ التقى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بإخوانه الأنبياء، وصلوا صلاة واحدة، يؤمهم فيها صلى الله عليه وسلم، إشارة إلى أن هذه الأمة تتبع جميع الأنبياء وتؤمن بهم، وذلك باتباعهم لنبيهم الخاتم. إن الله سبحانه وتعالى كما أرسل الرسل بالعهد القديم والعهد الجديد، فقد ختمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أنزل معه العهد الأخير، وجعل الله سبحانه وتعالى الأمة واحدة من لدن آدم إلى يومنا هذا"(1).

د- ومن أغرب طرق تلبيس الأمور، أنه كان يتكلم عن حديث لعن اليهود؛ لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، فكتب في الهامش تعليقًا غريبًا لا أدري، من المخاطب به؟ فقال:"وما ورد من لعن اليهود إنما يعني من انحرف منهم وعبد الوثن، والله أعلم"(2) فهل اليهود المعاصرون يندرجون تحت اللعن أم لا؟!!

هـ- ومن التلاعب بالألفاظ قوله: "يجب علينا أن نعلم أن الإسلام جاء بالحد من تعدد الزوجات، ولم يأت بتعدد الزوجات كما يظن الآخرون"(3) ما معنى هذا الكلام؟ الإسلام أتى بتشريع تعدد الزوجات وفق أوامر الشرع المطهر التي تحل الطيبات وتحرم الخبائث، قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ

(1) مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: الإسراء والمعراج، بتاريخ 28 - 7 - 2008م.

(2)

كتاب البيان لما يشغل الأذهان مائة فتوى لرد أهم شبه الخارج ولم شمل الداخل، ص 262.

(3)

كتاب البيان لما يشغل الأذهان مائة فتوى لرد أهم شبه الخارج ولم شمل الداخل، ص 45.

ص: 37

الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (1)، وهل نصدق من يقول: إن الصدق والأمانة كانتا في الجاهلية ولم يأت الإسلام بهما؟!!، وإذا دعونا أمة تدين بتحريم تعدد الزوجات فهل سنقول لهم: إن تعدد الزوجات محرم عليكم بعد إسلامكم؛ لأن الإسلام لم يأت بتعدد الزوجات وإنما أتى بالحد منه على من يكثرون منه!!.

وأما المصطلحات المعاصرة التي انتشرت في الثقافة الغربية ولها مدلولات تخالف أحكامًا إسلامية قطعية؛ مثل المساواة بين البشر وحرية العقيدة

، فالإسلام دين العدل ولكنه لا يساوي بين المختلفين؛ فهناك فرق بين الرجل والمرأة، والصغير والكبير، والعالم والجاهل، والتقي والفاجر، فضلاً عن المسلم والكافر، قال تعالى:{أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} (2) وقال: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} (3) فهذه أحكام شرعية حتى وإن ادعى الكفار الغربيون أنها تخالف المساواة وأنها تسمح بالتفرقة العنصرية، وهكذا حرية العقيدة، فالإسلام لا يسمح للمرتدين والملحدين بالعيش في بلاد الإسلام، وأما الكفار من يهود ونصارى فلهم أحكام تحدد لهم المسموح وغير المسموح، وتفاصيل هذه الأمور معلوم في الشريعة الإسلامية، ولا يمكن أن نقبل بهذه المصطلحات التي يمرر تحتها كثير من المخالفات؛ ولكن د. علي جمعة يقول: "هناك مساواة بين البشر، فأصلهم

(1) سورة الأعراف، الآية 157.

(2)

سورة ص، الآية 28.

(3)

سورة الجاثية، الآية 21.

ص: 38

واحد، ومصيرهم واحد، وهو الموت، والخطاب الإلهي إليهم واحد" (1) ويقول:"الإسلام ساوى بين الرجل والمرأة، والنبي صلى الله عليه وسلم يأتي ويؤكد هذه المساواة فيقول: (النساء شقائق الرجال) (2)، يعني في التكاليف وفي الواجبات وفي كل شيء"(3) ويقول: "حرية الرأي والاعتقاد مكفولة لكل أحد"(4) ويقول: "قبول المعيشة مع الآخر الذي أختلف معه في توصيف فعل المكلف، فأنا أرى أن هذا الفعل منهي عنه، وهو حرام، وهو قد لا يرى أنه حرام، أو قد لا يرى أن هناك ما يسمى بالحرام أصلاً؛ لأنه يؤمن بالله ولا يؤمن بالوحي، أو لأنه لا يؤمن لا بالله ولا بالوحي، مع أنه أيضًا وهو في هذه الحالة الإلحادية يجعل هذا على نطاق نفسه، ولا يدعو إليه، ولا يضغط على المجتمع من أجل أن يسير وراءه في هذا الهراء، بل إن ذلك يمثل محض رأي شخصي يحتفظ به لنفسه"(5) ويقول: "يطالب المسلم المجتمع الإسلامي وغيره أن يكفل للإنسان حق المعتقد وحق التعبير عنه بحرية ودون قهر أو إكراه"(6) ويقول: "يعتقد المسلمون دائمًا أن الإنسان مهما كان معتقده له الحق في العيش في أمان وسلام داخل وطن المسلمين"(7).

(1) مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: مفهوم الأمة، بتاريخ 22 - 5 - 2004م.

(2)

رواه من حديث عائشة رضي الله عنها أبو داود في سننه، باب في الرجل يجد البلة في منامه، والترمذي في سننه، باب ما جاء فيمن يستيقظ فيرى بللاً ولا يذكر احتلامًا، وأحمد في مسنده، مسند عائشة رضي الله عنها.

(3)

كتاب فتاوى عصرية، الجزء الأول ص 424.

(4)

مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: أزمة الدنمارك1، بتاريخ 6 - 2 - 2006م.

(5)

مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: شعب الإيمان4، بتاريخ 12 - 6 - 2006.

(6)

كتاب البيئة، ص13.

(7)

كتاب البيان لما يشغل الأذهان مائة فتوى لرد أهم شبه الخارج ولم شمل الداخل، ص 86.

ص: 39