المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سابعا: الأدب مع الله عز وجل ومع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم - الدكتور علي جمعة إلى أين

[طلحة محمد المسير]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَة

- ‌الفصل الأولبعض أساليب الدكتور علي جمعة في الإقناع

- ‌أولا: التطاول على المخالفين

- ‌ثانيًا: التناقضات

- ‌ثالثًا: تحريف النقول

- ‌رابعًا: الكلام المحتمل والمصطلحات الفضفاضة

- ‌خامسًا: ذكر صفات الباطل بدقة ثم التلبس ببعضها

- ‌سادسًا: الركون للمبتدعة والأقوال الضعيفة والباطلة

- ‌سابعًا: الإبهار

- ‌ثامنًا: القواعد والأصول المخترعة

- ‌عاشرًا: الإكثار من الشبهات

- ‌الفصل الثانيرؤيته للعلاقة بين الإسلام والواقع

- ‌أولاًً: التحاكم إلى الشريعة

- ‌أ- كلامه عن تطبيق الشريعة في كتاب:(البيان لما يشغل الأذهان مائة فتوى لرد أهم شبه الخارج ولم شمل الداخل)

- ‌ب- كلامه عن تطبيق الشريعة في مقالات التجربة المصرية

- ‌جـ- طعون الدكتور علي جمعة المتفرقة المتعلقة بتطبيق الشريعة

- ‌ثانيًا: الجهاد في سبيل الله

- ‌ثالثًا: التعامل مع الكفار والعيش في بلادهم

- ‌رابعًا: المعاملات المالية

- ‌خامسًا: الشيعة

- ‌سادسًا: التصوف

- ‌سابعًا: الأدب مع الله عز وجل ومع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌ثامنًا: فتاوى المرأة

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌سابعا: الأدب مع الله عز وجل ومع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم

‌سابعًا: الأدب مع الله عز وجل ومع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم

إن الحديث عن الله عز وجل وعن نبيه صلى الله عليه وسلم ينبغي أن يحاط بسياج من الأدب الرفيع، يتحرى فيه المرء دقائق ألفاظه وسياق مفردات كلامه وتراكيبه؛ قال تعالى:

{الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (1)، وقال عز وجل:{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} (2).

وأمرنا عز وجل أن نفرق بين الحديث المتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم والحديث المتعلق بمن حولنا من الناس، قال تعالى:{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} (3) وقال جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} (4).

وتوعد الله عز وجل من يتجرأ على أذية الله سبحانه وتعالى أو أذية نبيه صلى الله عليه وسلم؛ فقال عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} (5).

ولقد فوجئت بالعديد من التعبيرات التي استخدمها د. علي جمعة، مخالفًا ما يجب أن يلتزم به المرء في هذا المقام العظيم، مقام التحدث عن الله جل جلاله، وعن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، إما بالإفراط وإما بالتفريط، ومن ذلك:

(1) سورة الأنفال، الآية 2.

(2)

سورة الحديد، الآية 16.

(3)

سورة النور، الآية 63.

(4)

سورة الحجرات، الآية 2.

(5)

سورة الأحزاب، الآية 57.

ص: 167

* يورد د. علي جمعة بعض أشعار الفجار التي تسيء الأدب مع الله جل وعلا، ولكن في هذا العصر الذي علا فيه صوت الشعراء الفجار، يعلق د. علي جمعة على هذا الشعر الفاجر بأسلوب سلس لين رغم ما فيه؛ فيقول د. علي جمعة: "قال بعض الظرفاء:

إلهي ليس للعشاق ذنب

لأنك أنت تبلو العاشقين

فتخلق كل ذي وجه جميل

به تسبي قلوب الناظرين

وتأمرنا بغض الطرف عنهم

كأنك ما خلقت لنا عيونا

فكيف نغض يا مولانا طرفا

إذا كان الجمال نراه دينا

وقال آخر:

خلقت الجمال لنا فتنة

وقلت لنا: يا عباد اتقون

وأنت جميل تحب الجمال

فكيف عبادك لا يعشقون

فرد عليهم الشيخ التقي الأمين السوداني فقال:

خلقت الجمال لنا نعمة

وقلت لنا: يا عبادِ اتقون

وإن الجمال تُقىً والتُّقى

جمال ولكن لمن يفقهون

فذوق الجمال يصفي النفوس

ويحبو العيونَ سمو العيون

وإن التقى هاهنا في القلوب

وما زال أهل التقى يعشقون

ومن خامر الطهر أخلاقه

تأبّى الصغار وعاف المجون

وربي جميل يحب الجمال

جمال التقى يا جميل العيون

ص: 168

وهذا الجدل يظهر كثيرًا من النماذج المعرفية بين المتقين وغيرهم" (1).

* وفي استخدام تعبير يدل على وصف الإنسان ببعض خصائص الله جل وعلا يقول: "إذا تعلق قلبك بالله صرت عبدًا ربانيًا تقول للشيء كن فيكون؛ لأنك سوف تقبض إرادتك فتصير بإرادة الله راضيًا"(2).

* أما ما يسميه السُّكْر في حب الله فيقول عنه: "ألا يرى نفسه، يسمون هذه الحالة السكر، سكر بالخمرة الأزلية في حب الله، يعني لا يرى إلا الله فقط"(3).

* ويلقي بالكلمات الغامضة التي تحمل ظلالاً من الغلو فيقول: "والنبي صلى الله عليه وسلم وهو الأسوة الحسنة وغاية المراد من رب العباد وهو المصطفى الكريم"(4)، ويقول:"كلما ذكر المؤمن ربه كثيرًا كلما احتاج إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، فهو إنسان عين الموحدين في الحضرة القدسية"(5) ويقول: "ليس هناك ما يمنع أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أول الأنوار التي خلقها الله سبحانه وتعالى، وفاضت منه الأنوار إلى البشرية في عالم الروح"(6).

* وفي مخالفة صريحة لكتاب الله عز وجل يقول د. علي جمعة: "فإذا قال قائل: إنه يعطي الكافر؟ نعم، فهو يحبه ويحب هدايته، لكنه إذا استمر كافرًا حتى يموت على كفره فهو الذي ضيع نفسه"(7) مع أن الله جل وعلا يقول:

(1) مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: العفاف الظاهر، بتاريخ 12 - 1 - 2009.

(2)

كتاب سبيل المبتدئين في شرح البدايات من منازل السائرين، ص 158.

(3)

كتاب سبيل المبتدئين في شرح البدايات من منازل السائرين، ص 176.

(4)

كتاب سبيل المبتدئين في شرح البدايات من منازل السائرين، ص 90.

(5)

كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، ص 98.

(6)

كتاب البيان لما يشغل الأذهان مائة فتوى لرد أهم شبه الخارج ولم شمل الداخل، ص 156.

(7)

كتاب سبيل المبتدئين في شرح البدايات من منازل السائرين، ص 110.

ص: 169

{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} (1).

* وفي وصف للنبي صلى الله عليه وسلم بأنه إمام الاشتراكية المعتدلة! يقول د. علي جمعة: "وقد صدق شوقي عندما قال:

الاشتراكيون أنت أمامهم

لولا دعاوى القوم والغلواء" (2)

* وفي تعصب مقيت يقول: "إذا قلنا: إن عقيدة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هي عقيدة الأشاعرة، سيكون ذلك تقريرًا للواقع"(3) وهذا خلاف الأدب، فمهما بلغ به الهيام بمذهب الأشاعرة، فليقل مثلاً معبرًا عما في نفسه: إن عقيدة الأشاعرة هي نفس عقيدة النبي صلى الله عليه وسلم، فينسب اللاحق للسابق، ولكنه الخذلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

* وفي جرأة في الحديث عن نبي الله عيسى عليه السلام، يقول عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم:"لم يولد من غير أب كما ولد عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام؛ لأن المثال المحتذى والأسوة الحسنة ينبغي أن يكون إنسانًا كسائر الناس"(4) ومفهوم هذا الكلام أن سيدنا عيسى عليه السلام لم يكن مثالاً يحتذى وأسوة حسنة.

* وفي دعوى لا دليل عليها يقول: "اليوم المعين الذي ولد فيه المصطفى هو خير أيام الله كلها، منذ خلق الله الأرض ومن عليها بل والكون وما فيه، إلى أن يرجع ذلك إلى ربه"(5) فهو عنده أفضل من يوم بعثته صلى الله عليه وسلم ويوم هجرته ويوم

(1) سورة آل عمران، الآية 32.

(2)

مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: حكمة إطعام الطعام، بتاريخ 22 - 12 - 2008.

(3)

كتاب البيان لما يشغل الأذهان مائة فتوى لرد أهم شبه الخارج ولم شمل الداخل، ص144.

(4)

كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، ص 30.

(5)

كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، ص 29.

ص: 170

فتح مكة .. إلى غير ذلك من الأيام، بلا أدنى شبهة دليل تدل على ذلك.

* وفي إسقاط بعيد كل البعد عن الأسس العلمية يقول: "أقر النبي صلى الله عليه وسلم العرب على احتفالاتهم بذكرياتهم الوطنية وانتصاراتهم القومية، التي كانوا يتغنون فيها بمآثر قبائلهم وأيام انتصاراتهم"(1).

* وفي إقرار للعقلية الخرافية التي تتلاعب بدين الله عز وجل يقول: "بل إن الشيخ عليش تكلم عن أن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم من أسباب تأييد آراء العلماء المجتهدين فقال: وسمعت سيدي عليًا الخواص يقول: لا يصح خروج شيء من أقوال الأئمة المجتهدين عن الشريعة أبدًا عند أهل الكشف قاطبة، وكيف يصح خروجهم عن الشريعة مع اطلاعهم على مواد أقوالهم في الكتاب والسنة وأقوال الصحابة، ومع اجتماع روح أحدهم بروح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسؤاله عن كل شيء توقفوا فيه من الأدلة: هل هذا من قولك يا رسول الله أم لا؟ يقظة ومشافهة، وكذلك كانوا يسألونه صلى الله عليه وسلم عن كل شيء من الكتاب والسنة قبل أن يدونوه في كتبهم ويدينوا الله تعالى به، ويقولون: يا رسول الله، قد فهمنا كذا من آية كذا، وفهمنا كذا من قولك في الحديث الفلاني كذا، فهل ترضاه أم لا؟ ويعملون بمقتضى قوله وإشارته صلى الله عليه وسلم، ومن توقف فيما ذكرناه من كشف الأئمة ومن اجتماعهم برسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث الأرواح قلنا له: هذا من جملة كرامات الأولياء بيقين"(2) ويقول: "كان المرسي أبو العباس يقول: لو غاب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين"(3).

(1) كتاب البيان لما يشغل الأذهان مائة فتوى لرد أهم شبه الخارج ولم شمل الداخل، ص 373.

(2)

كتاب البيان لما يشغل الأذهان مائة فتوى لرد أهم شبه الخارج ولم شمل الداخل، ص 167.

(3)

كتاب التربية والسلوك، ص 164.

ص: 171