المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أولا: التطاول على المخالفين - الدكتور علي جمعة إلى أين

[طلحة محمد المسير]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَة

- ‌الفصل الأولبعض أساليب الدكتور علي جمعة في الإقناع

- ‌أولا: التطاول على المخالفين

- ‌ثانيًا: التناقضات

- ‌ثالثًا: تحريف النقول

- ‌رابعًا: الكلام المحتمل والمصطلحات الفضفاضة

- ‌خامسًا: ذكر صفات الباطل بدقة ثم التلبس ببعضها

- ‌سادسًا: الركون للمبتدعة والأقوال الضعيفة والباطلة

- ‌سابعًا: الإبهار

- ‌ثامنًا: القواعد والأصول المخترعة

- ‌عاشرًا: الإكثار من الشبهات

- ‌الفصل الثانيرؤيته للعلاقة بين الإسلام والواقع

- ‌أولاًً: التحاكم إلى الشريعة

- ‌أ- كلامه عن تطبيق الشريعة في كتاب:(البيان لما يشغل الأذهان مائة فتوى لرد أهم شبه الخارج ولم شمل الداخل)

- ‌ب- كلامه عن تطبيق الشريعة في مقالات التجربة المصرية

- ‌جـ- طعون الدكتور علي جمعة المتفرقة المتعلقة بتطبيق الشريعة

- ‌ثانيًا: الجهاد في سبيل الله

- ‌ثالثًا: التعامل مع الكفار والعيش في بلادهم

- ‌رابعًا: المعاملات المالية

- ‌خامسًا: الشيعة

- ‌سادسًا: التصوف

- ‌سابعًا: الأدب مع الله عز وجل ومع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌ثامنًا: فتاوى المرأة

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌أولا: التطاول على المخالفين

‌أولا: التطاول على المخالفين

من الآفات التي غالبًا ما يصطحبها المهزومون، ويتاجر بها المفلسون، أنهم عندما تضعف حجتهم، وتتهافت شبهاتهم، وتظهر حقيقتهم، يلجأون إلى رمي أصحاب الحق بما يقع تحت أيديهم، وما يخرج من ألسنتهم، وأحيانًا تتحول هذه الحالة النفسية للمهزومين إلى ديدن وطبع يصعب تغييره، حتى عندما يكون الحق معهم، فيرمون من أخطأ من مخالفيهم بما ليس فيهم، ويكذبون عليهم ويفترون.

وهذه أمثلة من انتقاص د. علي جمعة لمخالفيه، واحتقارهم، والتطاول على أحيائهم وأمواتهم:

أ- تهجم د. علي جمعة على صحابي جليل، وسبه سبًا فظيعًا، وبلغ تجاوز الحد مبلغًا مستبشعًا، فقال: "هذا هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي سبه السفلة وأحدهم (قال في الهامش: هو عبد الله بن أبي السرح

قال الحاكم: قد صحت الرواية في الكتابين أن رسول الله أمر قبل دخول مكة بقتل عبد الله بن سعد وعبد الله بن خطل، فمن نظر في مقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وجنايات عبد الله بن سعد عليه بمصر إلى أن كان من أمره ما كان علم أن النبي كان أعرف به) جاءه مستشفعًا بعثمان رضي الله عنه

دخل ذلك السافل مع عثمان وعثمان يتشفع له والنبي يكظم غيظه" (1).

ولا أدري ما الداعي لهذا السباب المقذع لصحابي جليل، ومعلوم أن كثيرًا من الصحابة كانوا قبل إسلامهم من أعدى أعداء الدعوة الإسلامية، فلما شرح الله صدرهم للإسلام أصبحوا أئمة يقتدى بهديهم، وما خبر عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص وخالد

(1) كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، ص 145 - 146.

ص: 9

بن الوليد وغيرهم كثير بخاف.

أما سيدنا عبد الله بن سعد بن أبي سرح فلن يضيره هذا التطاول المشين، فله من الفضائل ما اشتهر أمره وذاع خبره، وفتح الله على يديه الفتوح العظيمة في إفريقية وما حولها، قال عنه ابن الأثير:(وأسلم ذلك اليوم فحسن إسلامه، ولم يظهر منه بعد ذلك ما ينكر عليه، وهو أحد العقلاء الكرماء من قريش، ثم ولاه عثمان بعد ذلك مصر سنة خمس وعشرين، ففتح الله على يديه إفريقية وكان فتحًا عظيمًا)(1)، وقال ابن كثير:(حسن إسلام عبد الله بن سعد جدًا)(2).

أما الكلمة التي نقلها د. علي جمعة عن الحاكم النيسابوري وهي قوله: "فمن نظر في مقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وجنايات عبد الله بن سعد عليه بمصر إلى أن كان من أمره ما كان علم أن النبي كان أعرف به" فهي كلمة موهمة، ولكن لم يبلغ فيها التطاول على الصحابي الجليل عبد الله بن سعد بن أبي سرح أن سبه الحاكم بأنه سافل مكررًا هذه البذاءة كما فعل د. علي جمعة، ورغم ذلك فإن الحاكم النيسابوري فيه تشيع، بل زاد البعض فاتهمه بأنه رافضي، ونقل الذهبي قول أبي بكر الخطيب:(كان أبو عبد الله بن البيع الحاكم ثقة، أول سماعه سنة ثلاثين وثلاثمائة، وكان يميل إلى التشيع)(3) ثم نقل الذهبي عن ابن طاهر: (أنه سأل أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الهروي، عن أبي عبد الله الحاكم، فقال: ثقة في الحديث، رافضي خبيث) ثم علق الذهبي قائلاً: (كلا ليس هو رافضيًا، بل يتشيع)(4).

(1) كتاب أسد الغابة، ج3، ص156، طبعة دار الفكر- بيروت.

(2)

البداية والنهاية، ج5 ص372.

(3)

سير أعلام النبلاء، ج17 ص168.

(4)

سير أعلام النبلاء، ج17 ص174.

ص: 10

ومن أجمل التعليقات على قصة إسلام عبد الله بن سعد بن أبي سرح في فتح مكة بعد أن أهدر الرسول صلى الله عليه وسلم دمه، وتشفع فيه عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقبل الرسول صلى الله عليه وسلم الشفاعة، وعفا عن عبد الله بن سعد بن أبي سرح، قول ابن القيم:(وساعدَ القدرُ السَّابقُ لما يريد الله سبحانه بعبد الله مما ظهر منه بعد ذلك من الفتوح)(1).

ب- قدر الله تعالى أن يموت بعض الحجيج عند رمي الجمرات، وبدلاً من أن يواسي أهالي الضحايا، قام بالتعريض بعقولهم؛ لأنهم لم يستمعوا لفتاوى أمثاله، ممن أفتوا بالفتاوى الشاذة والآراء الغريبة، ولأنهم اتبعوا مذهب جماهير علماء المسلمين عبر مر العصور، وبدلاً من أن يحاول تصحيح الفتوى ليجد علاجًا نابعًا من فقه جمهور العلماء، يتفادى مشكلة الزحام دون تغيير لأوقات الرمي، أصر على مسلكه، وقال عن الضحايا:"وهذه نسبة كبيرة، تشير إلى نوع من الخلل في عقلية المسلمين الذين يصرون على الإعراض عن الحلول والآراء المعتبرة التي تحفظ البلاد والعباد، متمسكين في ذلك بتلك الفتاوى التي لا تراعي الواقع"(2) فالتمسك برأي جماهير العلماء الذين يحددون أوقاتًا لرمي الجمار يعتبر خللا في العقلية!! وكان الأجدى له أن يقترح حلولاً تيسر التنقلات وتضع البدائل، بدل أن يحاول إقناع الجماهير التي تأبى سماع فتاواه، وتنفر عن هذه النوعية من الفهم، ثم يأتي ليسب الأموات والأحياء.

ج- وهذا مثال آخر تعرض فيه لأحد مشايخ الأزهر المعروفين، ورماه بالنقائص واحدة بعد أخرى، وشنع عليه أشد تشنيع، وزاد أن نشر هذا التشنيع على صفحات صحيفة الأهرام، وهي صحيفة رائجة يكتب فيها مسلمون وكافرون وكثير من الزنادقة المنافقين، وذلك أن الدكتور عبد العظيم المطعني رحمه الله كتب مقالاً ينتقد فيه دار الإفتاء

(1) زاد المعاد في هدي خير العباد، ج3، ص464.

(2)

مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: الجمرات وأزمة الفكر2، بتاريخ 23 - 1 - 2006م.

ص: 11

على نعيها الدكتور زكي بدوي، والدكتور زكي بدوي رجل مصري، عاش جل حياته في بريطانيا، وكان يركز في آرائه على أمور ومصطلحات معاصرة، يكثر فيها الغبش؛ مثل: الدعوة للتسامح، والحوار، والاندماج بين المسلمين والمجتمعات الغربية، وحوار الأديان، وحقوق المرأة السياسية، وطرح مفهومه عن الإسلام البريطاني، عندها قام د. علي جمعة بمهاجمة الدكتور عبد العظيم المطعني رحمه الله، علمًا بأن الدكتور عبد العظيم المطعني في مقام أساتذة د. علي جمعة، وقد نقل عنه د. علي جمعة نقولاً كثيرة عندما تحدث عن المجاز في كتابه البيان لما يشغل الأذهان فتاوى شافية في قضايا عاجلة، الشاهد أن د. علي جمعة طعن في الدكتور المطعني، واتهمه بنشر الكذب والافتراءات، ووصفه بالتهور، ونصحه بالاطلاع على أخلاقيات الإسلام، وإليكم بعض ما قاله: "لقد فوجئت وفجعت عندما رأيت مقالا غريبا في جريدة الآفاق العربية للأستاذ الدكتور عبد العظيم المطعني، يسب فيه الراحل زكي بدوي، ويتهمه بكل قبيح

وكل هذا كذب وافتراء، وإذا كان لا يعرف الرجل، فكيف يسمح لنفسه أن يتقول عليه هذه المقالة بعد رحيله، أليس هذا من المفجعات؟!

وقبل أن يتهور فكر المطعني في الرد على الأزهر كما تهور فطعن في أحد أبنائه الراحلين المجاهدين، نرشده إلى أن يتوثق وأن يطلع، فليطلع على خطاب الأمير، وليطلع على الواقع المعيش، وليطلع قبل ذلك على أخلاقيات الإسلام، وهو قادر على ذلك كله. لو صدر ما صدر من غيره لسكتنا، لكن أخطاء الكبار كبار، وهذه نصيحة نقوم بها لوجه الله تعالى، لا لتلك المقالة فقط، وإنما لهذه الحالة التي عمت فآذت الناس في أعراضهم وفي شعورهم. اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون" (1).

(1) مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: التوثيق يرحمكم الله، بتاريخ 20 - 3 - 2006م.

ص: 12

هذا رده على الدكتور الأزهري عبد العظيم المطعني، فكيف بغيره؟؟!!

د- وهذا مثال تجاوز الحدود ورمى جماهير المسلمين بما هم منه براء فقال: "ما الفرق بين الصوفي وغيره؟ هو الفرق بين من سلك في طريق الله وبين من تزندق وخرج"(1).

وأظنه سيقول الصوفية هي الإسلام، وعندها سنقول له: إن كانت هي الإسلام وجماهير المسلمين صوفية دون أن ينتموا لهذه الطرق، فقد كفينا وسرنا على الطريق دون حاجة إليها.

هـ- وهذا مثال آخر يتحدث فيه عن دار نشر نسبت له كتابة مقدمة لكتاب بروتوكولات حكماء صهيون، فأنكر كتابة المقدمة وأنكر على دار النشر ما فعلت وقال:"وتذكرت ما ذكره العلماء من أن نسبة كلام لغير قائله هو كنسبة الولد لغير أبيه، وكأنهم يشيرون إلى ما يمكن أن نسميه بجريمة الزنا الفكري"(2) وما أغنى البلاغة عن هذا التشبيه الفج.

وودافع بشدة عن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال: "لا يبقى لمن له عقل وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف"(3) أي أن العقل والفهم والفكر السليم من خصائص المحتفلين!!.

إن هذه الأمثلة تجعل المرء لا يتعجب مما ينتشر من سب د. علي جمعة لكثير من الأئمة مثل ابن تيمية وابن القيم وغيرهم، لأنه لا يتورع عن سب صحابي جليل، ولا شيخ من شيوخه الأزهريين، ولا جماهير الأمة، ولكنه يتورع عن سب أمثال طه حسين الذي يقول

(1) كتاب الطريق إلى الله، ص130.

(2)

مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: تحذير واجب، بتاريخ 1 - 1 - 2007م.

(3)

كتاب البيان لما يشغل الأذهان مائة فتوى لرد أهم شبه الخارج ولم شمل الداخل، ص 170 - 171.

ص: 13

عنه في رده على جابر عصفور، والفرق بين جابر عصفور وطه حسين:"والفرق بينه وبين دعاة التنوير الأول ممن ضرب بهم المثل كطه حسين رحمه الله تعالى هو أن هؤلاء لم يشغلوا أنفسهم بما لا يتقنون، ولم نر في مرة طه حسين يتكلم عن الأحكام الشرعية أو يناقش فيها، ولكنه كان يتكلم عن ترتيب الفكر، وشروط الثقافة، وكيفية التعامل مع العصر، ونحو ذلك"(1) وهذا يدل على أن د. علي جمعة لا يعرف من هو طه حسين، أو يعرفه ولكن طه حسين له من يدافع عنه من المسئولين والصحفيين .. ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

(1) مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: أرضعوا أبناءكم.

ص: 14