المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خامسا: ذكر صفات الباطل بدقة ثم التلبس ببعضها - الدكتور علي جمعة إلى أين

[طلحة محمد المسير]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَة

- ‌الفصل الأولبعض أساليب الدكتور علي جمعة في الإقناع

- ‌أولا: التطاول على المخالفين

- ‌ثانيًا: التناقضات

- ‌ثالثًا: تحريف النقول

- ‌رابعًا: الكلام المحتمل والمصطلحات الفضفاضة

- ‌خامسًا: ذكر صفات الباطل بدقة ثم التلبس ببعضها

- ‌سادسًا: الركون للمبتدعة والأقوال الضعيفة والباطلة

- ‌سابعًا: الإبهار

- ‌ثامنًا: القواعد والأصول المخترعة

- ‌عاشرًا: الإكثار من الشبهات

- ‌الفصل الثانيرؤيته للعلاقة بين الإسلام والواقع

- ‌أولاًً: التحاكم إلى الشريعة

- ‌أ- كلامه عن تطبيق الشريعة في كتاب:(البيان لما يشغل الأذهان مائة فتوى لرد أهم شبه الخارج ولم شمل الداخل)

- ‌ب- كلامه عن تطبيق الشريعة في مقالات التجربة المصرية

- ‌جـ- طعون الدكتور علي جمعة المتفرقة المتعلقة بتطبيق الشريعة

- ‌ثانيًا: الجهاد في سبيل الله

- ‌ثالثًا: التعامل مع الكفار والعيش في بلادهم

- ‌رابعًا: المعاملات المالية

- ‌خامسًا: الشيعة

- ‌سادسًا: التصوف

- ‌سابعًا: الأدب مع الله عز وجل ومع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌ثامنًا: فتاوى المرأة

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌خامسا: ذكر صفات الباطل بدقة ثم التلبس ببعضها

‌خامسًا: ذكر صفات الباطل بدقة ثم التلبس ببعضها

من الأمور الغريبة التي قد تشوش ذهنية بعض المتتبعين لنتاج د. علي جمعة أنه أحيانًا يتكلم عن الأدواء والأباطيل بكلام حق صريح، فيُظن به أنه نجا من هذه الفتن التي يحذر منها، ولكن الحقيقة أنه أحيانًا يقع في عين ما حذر منه، ولله في خلقه شئون، ومن أمثلة ذلك ما يلي:

أ- قال: "وفي هذا العصر نجد أن بعض العلماء قد اضطر تحت وطأة إصرار النساء على وضع المانيكير والباديكير وترك الصلاة بأن يفتي بأن حكم المانيكير مثل حكم المسح على الجورب، يعني أنه لا يمنع المرأة من الصلاة، وهذه في الحقيقة مصيبة كبرى في البيت وعلى الأولاد وعلى الزوج وعلى البركة وعلى كل شيء، فهذا عبث لا يمكن أن يفتى به"(1).

فهذا الذي ينكره من وقوع بعض الدعاة تحت ضغط الواقع والإفتاء بأمور مستغربة بحثًا عن مخرج ولو كان باطلاً، هو ما وقع فيه د. علي جمعة كثيرًا تحت نفس الضغط، فمثلاً يسأله شخص عن حكم الاتفاق على عدم وقوع الطلاق إلا عند المأذون، فيرد بأن هذا مخالف لنصوص الشريعة، ولكن يمكن الاجتهاد الجماعي فيه؛ لعل هذا الاجتهاد الجديد يغير ما استقرت عليه الفتوى، وإليكم نص الفتوى: "هل هناك مانع شرعي من الاتفاق في بلد ما على ألا يتم الطلاق إلا كما تم الزواج، يعني لو تم عند المأذون لا ينتهي إلا عند المأذون؟

الجواب: هذا في الحقيقة سؤال وجيه، ولكن ينبغي ألا نتسرع فيه، بل

(1) كتاب فتاوى عصرية، ج2 ص 14.

ص: 40

ينبغي أن يتم هذا الاتفاق من خلال جماهير علماء المسلمين والمجامع الفقهية.

قد نرى نوعًا من المهازل التي تحدث في الطلاق، فكل شخص يفرط في لفظ الطلاق مرة بلا وعي ومرة بلا معنى ومرة يقول: قصدت التهديد، ومرة يقول: قصدت الطلاق، ومرة يقول: والله لا أعرف ماذا قصدت، فهذه صور مختلفة، وهذا التفريط حرام، وفي الحقيقة قد شاهدنا أشياء عجيبة الشكل وألفاظ أخرى تتعلق بقضية الطلاق، ونسمع حالات أخرى، مرة يكون غضبان وهو لا يدري لماذا غضب، ومرة يكون يائسا، وهذه قضية مهمة ينبغي على علماء المسلمين أن يلتفتوا إليها وأن يجتمعوا عليها، فهي مسألة اجتماعية مهمة لا ينبغي لأحد من الناس أبدا أن ينفرد بالفتوى فيها، ولا أن يدعو إليها إلا من خلال مجامع الفقه، وهي: هل نحن نريد أن نسلب الرجل حقه في التطليق كما فعلت شرائع أخرى غير شرائع الإسلام، أم نريد أن نجعل الطلاق هو الأصل ولكننا نريد أن نوثق الطلاق وأنه لا يعتد بالطلاق إلا إذا كان موثقا وبشهود، والشهود عند أهل السنة إنما هو على سبيل الندب وليس على سبيل الركنية، وهذا الطريق لا يحتاج إلى نية، وإذا قال لها شيئا آخر يفيد الطلاق مثل: انفصلنا خلاص، انتهى الذي بيننا، فنريد أن نعرف إذا كان يريد الطلاق أن يقع أم لا كما فصلناه من قبل. إنما السؤال الآن: هل يجوز لمجمع فقهي أن يجتمع ويقرر هذا في البلد ويشيع هذا في الناس ويقول لهم: عليكم بالتزام المأذون تطليقا كما ذهبتم إلى المأذون زواجا، أي ترغبون في الزواج وأن أي شيء صدر في ثورة الغضب أو في ثورة التعليق أو في كذا إلى آخره لا ينظر إليه ولا يعتد به، فهذا في

ص: 41

الحقيقة أمر يحقق مقاصد ويحقق مصالح، إلا أنه ليست نصوص الشريعة التي بين أيدينا ولا فهم الأئمة عبر العصور يساعد على تحقيق هذه الصورة، فهذا يحتاج إلى اجتهاد جديد، ولا يتم هذا الاجتهاد الجديد من شخص بعينه بحيث لا يحدث ذلك نوعا من الفتنة في البلاد، فنحن نحتاج إلى مراجع فقهية تتفق على مثل هذا الحال، وبذلك ينتهي حال الطلاق السيئ وننتقل إلى طلاق الذي هو عقد فسخ والذي هو عقد قد جعله الله سبحانه وتعالى بداية حياة جديدة وتجربة جديدة:{وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} (1) وطلب السعادة للطرفين، إذًا فهي مسألة جديرة بالبحث بين العلماء، ومسألة تحقق المصالح التي لا يمكن الإفتاء بها مستقلة، لكن ينبغي أن تكون من خلال فكر العلماء وفكر الفقهاء وفكر المجامع الفقهية" (2).

ونراه يقع تحت ضغط هجوم الغرب على الإسلام فيتكلم بانهزامية عن بعض أمور الإسلام كالحجاب والاختلاط وتأديب الزوج زوجته؛ فيقول: "قضية الحجاب، وقضية الاختلاط بين الجنسين، وقضية جواز ضرب المرأة للتأديب، ونحو ذلك، ولقد كان الشيخ عبد الرحمن عليش في بدايات القرن العشرين يرى أن هناك فقهًا للأقليات المسلمة، وأن العقلية الغربية يمكن لها أن تفهم الإسلام فهمًا موازيًا للعقلية الشرقية، وأنه يمكن لعلماء الغرب المسلمين أن يكونوا مدرسة جديدة قد تكون غريبة على علماء المشرق، وهذا الذي تطور فيما بعد فيما أطلق عليه بفقه الأقليات، ونرى محاولات جيدة فيه

(1) سورة النساء، الآية 130.

(2)

كتاب فتاوى البيت المسلم، ص 302 - 303.

ص: 42

عند فتحي عثمان في كتابه (مفاهيم القرآن) بالإنجليزية وكتاباته في فقه الأقليات، وطه جابر في كتبه المعرفية المتعددة حول فهم القرآن الكريم، وفيه كتابه عن قضية الردة وهي إحدى القضايا التي يهتم بها أيضًا الفكر الغربي، وعبد الحميد أبو سليمان في كتابه عن تفسير ضرب المرأة الوارد في القرآن، وهم من المعاصرين

، وأنا أقترح عمل مؤتمر يجمع جميع الأطياف لعلماء المسلمين في الغرب؛ كنوح كلر، وعبد الحكيم وينتر، وخالد بلانكشير، وحمزة يوسف، وسيد حسين نصر، مع من ذكرنا سابقًا، على برنامج موسع لمثل هذه القضايا وغيرها؛ للبحث وإبداء الرأي الذي ليس بالضرورة يكون مجمعًا عليه، فإن الواقع يحتاج إلى الآراء المتعددة" (1).

ب- قال: "نرى الآن محاولة لتبرير أحكام الإسلام، نرى وصفًا لها بأن الإسلام يدعو إلى الديمقراطية والتعددية، ويحافظ على حقوق الإنسان، ويرعى حقوق المرأة وينصفها، من أجل أن نقول للغرب وللمهيمنين على العالم: الإسلام يقول ما تقولون مما لا تفعلون فأسلموا، نتوسل إليكم أن تسلموا، نرجوكم، نقبل أيديكم وأرجلكم!! "(2).

فلننظر إلى هذا الإنكار الشديد على هؤلاء المهزومين، ثم لننظر إليه وهو يفعل ما ينكره، فيزعم أن الإسلام وإن اختلف مع العلمانية إلا أنه يؤيد التطبيق العملي للغرب لما يسمونه بحرية الاعتقاد فيقول: "حرية الاعتقاد التي سمحت للمسلمين أن يعيشوا في الغرب، ولم يكن هذا متاحًا في الماضي، بل كان التعصب الديني يمنع

(1) مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: أسئلة الأمريكان3، بتاريخ 10 - 4 - 2006م.

(2)

كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، ص 43.

ص: 43

وجود التعدد الديني والثقافي، وقد حدثت حروب كتهجير وإبادة من أجل وحدة الدين، ونعرف ما حدث في الأندلس كمثال لا نقف عنده كثيرا الآن، وهذه الحقيقة قد تغيب عن كثير من المسلمين، ولا بد من إيضاحها واستقرارها في أذهانهم، وهي إحدى مميزات العلمانية التي يجب تفهمها بالرغم من رفض كل المتدينين المسلمين وغير المسلمين لعقائد العلمانية، إلا أنها نجحت في إقرار التعددية التي سمحت للمسلمين بالانتشار في العالم، وقد لا يقبل كثير من المسلمين هذا بسبب أن دينه قد قبل الآخر، وقبل التعددية الملية والمذهبية عبر تاريخه وفي كل أقطاره، فلديه تجربة وصلت إلى نفس النتيجة دون حاجة إلى تنحية الدين، وحصره في نطاق الاعتقاد الشخصي، إلا أن هذا لا يزال في نطاق التجربة التاريخية أما الواقع المعيش، فهو كما ذكرنا" (1).

والحقيقة هي أن مصطلح حرية الاعتقاد الغربي يعني السماح لأهل الأديان المختلفة بنشر أديانهم ودعوة مخالفيهم للدخول في أديانهم، وهذا ما لا تسمح به الشريعة الإسلامية، وتجعل من يدعو المسلمين للردة ناقضًا لعهده إن كان معاهدا، والشريعة الإسلامية لا تعقد عقد الذمة إلا لأهل الكتاب، والشريعة الإسلامية تقف موقفا حازما من الردة والمرتدين.

ج- يقول: "أُمِرنا في الشريعة بألا نتلاعب بالأسماء في مقابل المسميات والمعاني"(2) ويقول: "الآن يكتبون أنه لا بد من الشفافية، يتكلمون بألفاظ لا نعرفها، ويفسرونها لنا كما يحلو لهم، فتملأ قلوبنا وتحتل ما أراده الله

(1) مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: أسئلة الأمريكان5، بتاريخ 1 - 5 - 2006.

(2)

مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: الأسماء والمسميات، بتاريخ 9 - 7 - 2007م.

ص: 44

ورسوله، فاحتلال القوات الأجنبية لأرض المسلمين من قبل، فهذا فيه احتلال للحقول وهذا فيه احتلال للعقول، وكلاهما من الاحتلال الذميم" (1).

وإليك هذا المثال للتلاعب بالأسماء في مقابل المسميات والمعاني؛ يقول: "فلو تأملنا آخر سورة المطففين، والله يتكلم عن جماعة من المجرمين يسخرون ويستهزئون بالدين، لوجدنا نفس المعنى، وهو ترحيل الأمر إلى الآخرة، مع النشاط الاجتماعي، والمحاورة، والجوار، ووصف الأمور بأوصافها الصحيحة، يقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (2) "(3). فهذه محاولة توهم القارئ بأن الإسلام يقف أمام الباطل موقف الضعيف، ذاكرًا ترحيل الأمر إلى الآخرة، والنشاط الاجتماعي، والمحاورة، والجوار، دون ذكر مصطلحات تراثنا الأصيلة التي لا تحمل غبشًا، ولا تحتمل غير صحيح المواقف وصريحها.

ومن الأمثلة كذلك أنه يستخدم مصطلح الشفافية الذي كان ينكره، ويستدل له من القرآن، تاركا توضيح الحق من الباطل في استخدام هذه الكلمة، فتراه يذكرها في حديثه

(1) كتاب التربية والسلوك، ص384.

(2)

سورة المطففين، الآيات 29 - 36.

(3)

مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: شُعب الإيمان5، بتاريخ 19 - 6 - 2006م.

ص: 45

عن شروط الدعوة فيقول: "ومن شروطها أن تكون شفافة، قال تعالى:

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} (1) " (2) فهل الدعوة الشفافة تنافي مخاطبة الناس على قدر عقولهم؟ وهل الدعوة الشفافة تنافي إسرار المستضعفين بالدعوة خوفًا من بطش الطواغيت؟.

د- قال: "إن أسباب الاشتغال بالخرافة خاصة عند بعض الكاتبين، وليس في عموم الناس، هو تبسيط المركب، وكذلك الاستسهال، والاستهانة، وشيء كثير من الكبر، والوهم، وهذه الصفات صفات نقص لا تؤدي أبدًا لا إلى الخير ولا إلى النجاح"(3).

لكنه لا يبالي بذكر الخرافات مثل قوله: "سيدنا عبد القادر الجيلاني كان يأكل بطة، فدخلت عليه امرأة، قالت له: أتحرم ابني من النوم والأكل والشرب حتى ضعف، وتأكل بطة! فأشار إلى البطة فقامت! قال لها: عندما يكون ابنك هكذا"(4).

ونحن لا ننكر ما يجريه الله على يد أوليائه، لكن نحن لا نخترع القصص لنثبت قدرة الله، وعندنا يقين بأن الله قادر قوي جل وعلا، ونحن لا نصدق كل غاد ورائح، بل التثبت هو سبيلنا، والنظر إلى من نأخذ عنه الحديث، فمن أين أتى بهذا الكلام؟ وهل ناقلوه ثقات أم معروف عنهم الكذب وتصديق الدجل والخرافات واختراعها؟

(1) سورة البقرة، الآية 159.

(2)

مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: أزمة الدنمارك2، بتاريخ 13 - 2 - 2006م.

(3)

مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: العقل العلمي عند المسلمين، بتاريخ 25 - 6 - 2007م.

(4)

كتاب سبيل المبتدئين في شرح البدايات من منازل السائرين، ص 158.

ص: 46

عقلية الخرافة هي التي تنكر المحسوس وتدعي الإنجازات الضخمة، مع أن الواقع لا يكاد يخفى على أحد، فمثلاً يقول:"المتأمل في الأخبار المتداولة يجد أن الكيان العبري أصبح ظاهرة صوتية، وأن هناك تطورًا ملحوظًا في الخطاب العربي الذي كان يوصف بذلك في الستينيات؛ حيث تعلم من الدروس وتحول من الكلام إلى العمل، ومن التوهيم إلى الصدق والشفافية وواقعية الهدف، وإمكانية التغيير، وتحول الخطاب الإسرائيلي إلى تصريحات كاذبة تستعمل الأوهام وتقدم الرغبات على الوقائع"(1) وكأنه يتكلم عن نظام عربي غير الذي تعرفه وتمقته الجماهير العربية في مجملها.

عقلية الخرافة هي التي تفتخر بالمثالب والأخطاء، وتجعل الأمور المستغربة المستشنعة فخارًا ونبراسًا للقدوة والأسوة، فمثلاً يحكي قائلاً:"ويروى عن أحد الصالحين وكان يقال له بهلول، وبهلول في لغة العرب كريم؛ لأنه كان كريمًا محبًا رحيمًا بالناس، وكان لأنه ينكف عن الدنيا وسلطاتها وشهواتها يراه بعض الصبيان وكأنه يستحق الاستهزاء فيضربونه بالحجارة، فيقول لهم: وإن كان ولا بد فبصغارها حتى لا أغسل الدم، فعابوه في ذلك، وقالوا له: ألا تضربهم؟! قال: أحب أن آتي يوم القيامة ولم أمنعهم من فرح أرادوه! لا يريد أن يصد الأطفال حتى ولو دخل الفرح على قلوبهم بأذيته"(2) نعم هكذا فلتكن عقلية الخرافة.

(1) مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: جريمة مذبحة قانا، بتاريخ 7 - 8 - 2006م.

(2)

كتاب الدعاء والذكر، ص 120.

ص: 47