المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سادسًا: التصوف شغل الجدل حول التصوف جانبًا كبيرًا في الحركة العلمية - الدكتور علي جمعة إلى أين

[طلحة محمد المسير]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَة

- ‌الفصل الأولبعض أساليب الدكتور علي جمعة في الإقناع

- ‌أولا: التطاول على المخالفين

- ‌ثانيًا: التناقضات

- ‌ثالثًا: تحريف النقول

- ‌رابعًا: الكلام المحتمل والمصطلحات الفضفاضة

- ‌خامسًا: ذكر صفات الباطل بدقة ثم التلبس ببعضها

- ‌سادسًا: الركون للمبتدعة والأقوال الضعيفة والباطلة

- ‌سابعًا: الإبهار

- ‌ثامنًا: القواعد والأصول المخترعة

- ‌عاشرًا: الإكثار من الشبهات

- ‌الفصل الثانيرؤيته للعلاقة بين الإسلام والواقع

- ‌أولاًً: التحاكم إلى الشريعة

- ‌أ- كلامه عن تطبيق الشريعة في كتاب:(البيان لما يشغل الأذهان مائة فتوى لرد أهم شبه الخارج ولم شمل الداخل)

- ‌ب- كلامه عن تطبيق الشريعة في مقالات التجربة المصرية

- ‌جـ- طعون الدكتور علي جمعة المتفرقة المتعلقة بتطبيق الشريعة

- ‌ثانيًا: الجهاد في سبيل الله

- ‌ثالثًا: التعامل مع الكفار والعيش في بلادهم

- ‌رابعًا: المعاملات المالية

- ‌خامسًا: الشيعة

- ‌سادسًا: التصوف

- ‌سابعًا: الأدب مع الله عز وجل ومع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌ثامنًا: فتاوى المرأة

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ ‌سادسًا: التصوف شغل الجدل حول التصوف جانبًا كبيرًا في الحركة العلمية

‌سادسًا: التصوف

شغل الجدل حول التصوف جانبًا كبيرًا في الحركة العلمية قديمًا وحديثًا؛ بين مؤيد ومعارض، ومستحسن ومستقبح، وبين حديث عن الصوفية الفلاسفة والصوفية الزهاد، والصوفية العلمية والصوفية العملية، وعن أصول الصوفية الإسلامية وأصولها في الديانات الأخرى، إلى غير ذلك من القضايا التي تشغل قاعات البحث والدرس.

وبعيدًا عن كل ذلك سأستعرض هنا بعض رؤى د. علي جمعة الصوفية؛ ليتبين للقارئ حقيقة دعوى موافقة صحيح الشريعة، والعلاقة بالبدع والخرافات، والفلسفات المختلفة.

* يظهر التكلف في الاستدلال لتبرير الطوام العقدية في مثل قوله: "عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة، يكتبون ما يسقط من نوى الشجر، فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة؛ فليناد: أعينوا عباد الله) قال عن سنده الحافظ الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات، وفي الحديث دليل على الاستعانة بمخلوقات لا نراها، قد يسببها الله عز وجل في عوننا، ونتوسل بها إلى ربنا في تحقيق المراد كالملائكة، ولا يبعد أن يقاس على الملائكة أرواح الصالحين، فهي أجسام نورانية باقية في عالمها" فالدكتور علي جمعة يستحسن طلب العون من أرواح الصالحين، مع أن هذا الحديث إن صح فمتعلق بصنف خاص من الملائكة الحاضرين؛ حيث ينص الحديث على أنهم ملائكة في الأرض سوى الحفظة، في أمر مخصوص أقدرهم الله عز وجل عليه، وهو إذا أصابت المرء عرجة أي شيء في رجله، وعلمنا هذه القدرة بالوحي، فلا يقاس على ذلك بقية الملائكة كجبريل وميكائيل؛ لأن لكلٍ ما أمره الله به،

ص: 154

ولا يقاس على ذلك بقية الأمور التي تصيب الإنسان؛ لعدم النص، أما قياس أرواح الصالحين على الملائكة، وزعم أن أرواحهم تشترك مع الملائكة في الوظائف التي أمر الله الملائكة بأدائها، فخيال مريض أشبه ما يكون بتناسخ الأرواح الذي يقول به أتباع بعض الديانات الهندية وبعض طائفة الحشاشين الباطنية.

والله عز وجل يقول: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (1) وأخشى أن نجد من يفهم أن هذه الآية خاصة بكفار قريش ومعبوداتهم، ولا تعم من بعدهم!!!.

* وفي خلط عجيب وفلسفات أعجب يقول د. علي جمعة: "وكان للقاء لينجز برينيه جينو عظيم الأثر في ظهور أنوار الهداية التي اجتمعت فيما عرف بمدرسة التراث، وقد كان من أحد نتائجها الحاسمة نقد العالم الحديث في تضخمه المادي، واكتشاف الحكمة التي تربعت في قلب كل الأديان، سواء أكانت الزرادشتية أو البوذية أو الهندوسية، ثم اليهودية والمسيحية والإسلام، تلك الحكمة التي هي النور الفطري الذي خلقه الله في قلوب الناس، والذي منه يمكن دعوتهم إلى الحق، قال تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (2) وقد عاش في نور تلك الهداية حتى

(1) سورة فاطر، الآيتان 13 - 14.

(2)

سورة الروم، الآية 30.

ص: 155

نهاية حياته المباركة

إن الأزرق هو لون اللامتناهي، وهو يتطابق مع الرحمة، إذ إن {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} (1)، فأعظم رمز لهذه اللانهائية هو السماء المحيطة بالكل، أما الاسم الإلهي لها فهو الرحمن، وهو أول أسماء الرحمة، والوحي يعبر عن الجذور الجوهرية للرحمة.

إذا كان الأزرق يحرر بواسطة اللانهائية، فالذهبي مثله في ذلك مثل الشمس يحرر، لكونه رمزًا للروح، فهو بالتالي يتعالى عن كل عالم الصور، إن اللون الذهبي من ذات طبيعته يفلت من قيد الصور إلى درجة أن الخطاط الذي يكتب باللون الذهبي عليه أن يخطط حواف كتابته باللون الأسود حتى يعطيها الأثر الفعال من الناحية الصورية، ولكونه لون النور، فإن الذهبي مثله في ذلك مثل الأصفر، وهو رمز ذو صلة جوهرية بالعلم خارجيًا، هو يعني التدريس والظهور أو التجلي، أما الأزرق في حضور الذهبي فهو يعني أن الرحمة ميالة إلى الكشف عن ذاتها، وما ذُكر قليل من كثير عن (مارتن لينجز) وأعماله التي كان لها وسيبقى ذلك المغزى العميق في عالم مضطرب" (2).

ويقول كذلك: "ذكر بعض أكابر الصوفية أن الرؤيا من أحكام حضرة المثال المقيد المسمى بالخيال، وهو قد يتأثر من العقول السماوية والنفوس الناطقة المدركة للمعاني الكلية والجزئية، فيظهر فيه صور مناسبة لتلك

(1) سورة الأعراف، الآية 156.

(2)

مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: رحيل الشيخ أبي بكر سراج الدين، بتاريخ 11 - 6 - 2005.

ص: 156

المعاني، وقد يتأثر من القوى الوهمية المدركة للمعاني الجزئية فقط، فيظهر فيه صور تناسبها، وهذا قد يكون بسبب سوء مزاج الدماغ، وقد يكون بسبب توجه النفس بالقوة الوهمية إلى إيجاد صورة من الصور، كمن يتخيل صورة محبوبه الغائب عنه تخيلاً قويًا فتظهر صورته في خياله فيشاهده، وهي أول مبادئ الوحي الإلهي" (1).

* أما سر غلوه في مشايخه رغم ما قد يطالعه من شطحاتهم فيتضح من قوله: "المقام أمر مستقر، يجد العابد نفسه فيه، إذا ترقى إليه لا يهبط منه، فإن الكريم إذا وهب ما سلب، هذه من قواعد الطريق؛ الكريم وهو الله، إذا وهب الإنسان هبة معينة، بأن أعطاه سرًا من الأسرار، أو أكرمه بنور من الأنوار، أو فتح عليه بفتح من الفتوح، أو علمه قضية من القضايا، أو رقاه إلى مقام من مقامات العبودية، فإنه سبحانه لا يسلبه، ولكن قد يسلب ثوابه والعياذ بالله، وهذا يسمى الخذلان، نعوذ بالله منه، ولذلك فإن أولياء الله ليسوا معصومين، بل هم معرضون تحت قدر الله سبحانه وتعالى للمعصية، ومعرضون أيضًا للسلب، والسلب هنا هو سلب المكانة وليس سلب المقام، يعني تجده هو نفسه يشعر بما يشعر به، ولكنه يسلب بمعنى أنه عندما عصى الله تعالى وأصر على عصيانه فإن الله سبحانه وتعالى يسلب منه ثوابه، يوقف الثواب لكن ما وصل إليه من مقام فإن الكريم إذا وهب ما سلب"(2)، وقال د. علي جمعة كذلك: "فأما الرسل والشيوخ فلا يأمرون بمعصية الله أصلاً،

(1) كتاب البيان لما يشغل الأذهان مائة فتوى لرد أهم شبه الخارج ولم شمل الداخل، ص 333 - 334.

(2)

كتاب الطريق إلى الله، ص 121.

ص: 157

فإن الرسل معصومون من هذا والشيوخ محفوظون" (1) ويبدو أنه نسي أن الشيطان الرجيم كان يعبد الله مع الملائكة ثم كفر فسُلب المكانة وسلب المقام، ولكن ما حيلتنا مع القواعد المخترعة!!.

* ويزعم د. علي جمعة أن الأنوار تحصل لمن اتصف بالعبادة؛ سواء كانت العبادة لله أو كانت العبادة لغيره، فنجد قوله:"هناك نوع آخر من الانشغال أخفى وأدق من هذا، وهو الانشغال بالأسرار أو الانشغال بالأنوار؛ فالعابد يعبد ربه، فيمتلئ قلبه نورًا وهو جالس في الخلوة، وهي مظلمة ليس فيها كهرباء، فإذ بها تضيء، فيجد لذة في قلبه، ويجد نورًا في قلبه، وكل هذا من أنوار الملك، وهذا يحدث للمسلم وللكافر، الرهبان في الكنائس يحصل لهم هذا، والبوذيون والهندوس يحصل لهم هذا، يحصل لهم من أنوار الملك، فإن انشغل بها السالك إلى الله عن الله؛ كأن تكبر، أو فرح بها، أو استغلها، أو عبد الله لتحصيلها، بأن يذكر الله تعالى وقلبه ملتفت إلى أن ينور اليوم مثلما تنور بالأمس، فهذا لعب؛ لأنه قد توجه إلى الصوارف دون الله تعالى، وانشغل والتفت، وملتفت لا يصل، وأعمق من هذا ما كان من أنوار الملكوت؛ لأنه ينكشف له الملأ الأعلى، فلو انشغل به عن الله فإنه يكون غير مؤدب ولا يصل"(2).

* أما عن المصطلح الذي أسموه الحب الإلهي؛ فيقول عن أبي الحسن الديلمي وكتابه عطف الألف المألوف على اللام المعطوف: "كان صديقًا للحلاج المتوفى عام

(1) كتاب البيان لما يشغل الأذهان فتاوى شافية في قضايا عاجلة، ص 318.

(2)

كتاب الطريق إلى الله، ص 36 - 37.

ص: 158

309هـ، ولكنه نصح مريديه أن يسلموا له حاله ولا يقتدوا به في شطحاته

وقد يبدو عنوان الكتاب غريبًا، وهو نتاج تقليد متداول حينذاك في التعبير الرمزي عن علاقة الخالق عز وجل بخلقه، وهي علاقة المحبة والتعاطف؛ فالألف رمز للذات الإلهية التي هي معدن الحب الحقيقي والجمال الخالص، واللام عندهم رمز للوجود الإنساني أو الكون الجامع المتمثل في آدم أو الإنسان، والعلاقة المتبادلة بين الجانبين يرمز لها بالألف واللام أو اللام ألف (لا) التي هي علاقة الألفة والتعاطف والمحبة في أكمل صورها وأصفاها، وهي التي تتجلى في نفوس العارفين، وتملأ حقائقها أفئدتهم حين يجذب الرب زمام إرادة العبد إليه وذلك هو العطف، فيشغله به عما سواه، وإن كان يتذوق في الوقت نفسه مظاهر الجمال في كل شيء" (1).

* ومن الدعاوى التي لا دليل عليها إلا الظن قوله: "جرت سنة الله تعالى في الفتح على أوليائه ميراثًا محمديًا، كما يقول أهل الله، فلا تنعقد ولاية لولي إلا ليلاً"(2) وقوله: "تدخل الخلوة، ولا تكون إلا بإذن الشيخ، فإذا فقدت الشيخ فليس هناك خلوة"(3).

* أما عن العلاقة بين الشيخ والمريد، ودعواه اطلاع الشيخ على دقائق أحوال المريد، بل ودقائق أحوال نفس المريد، فنجد قول د. علي جمعة: "وقد يكون الشيخ مرشدًا تامًا، وهو الذي يسمى بالوارث المحمدي، الوارث المحمدي يراعي تلامذته

(1) مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: عطف الألف المألوف على اللام المعطوف، بتاريخ 25 - 6 - 2005.

(2)

مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: شهر القرآن وناشئة الليل2، بتاريخ 15 - 8 - 2009.

(3)

كتاب سبيل المبتدئين في شرح البدايات من منازل السائرين، ص 218.

ص: 159

ومريديه حتى على الغير، فإن الله سبحانه وتعالى من شدة صفاء ذلك المرشد الكامل، ومن شدة صقل قلبه، تنعكس على ذلك القلب الأحوال الحادثة مع المريد حتى مع نفسه، فرأوا عن تجربة أنه إذا ما رأى الشيخ المريد فإن الله يكشف له مساوئ ذلك المريد ونقصه، ومع ذلك لا يتأثر لهذا النقص، ولذلك لا نخاف من أن يظن ظنًا سيئًا في المريد؛ لأنه يعلم أن النقص قد استولى على جملة البشر إلا من عصمه الله" (1).

* وبسبب بحبوحة مصادر التلقي عند د. علي جمعة لا نتعجب من مثل قوله: "إن هذا الطريق الذي بين العابد وبين الله تعالى والذي يفضي في نهايته إلى الله سبحانه وتعالى فيه سبعون ألف حجاب، وفي كل نفس منها عشرة آلاف حجاب، وإن كل نفس ينتقل منها الإنسان إلى ما بعدها فإنه ينتقل باسم من أسمائه تعالى يذكره"(2).

* وللعبارات الغامضة التي ينتج عنها الغلو نصيبها في فكر د. علي جمعة؛ فيقول مثلاً: "فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عظيم، ففضله ونوره أعلى وأتم من نور الملك ونور الملكوت والرهبوت والرحموت والجبروت واللاهوت"(3)، ويقول كذلك:"مشاهدة العبد الحكم لم تدع له استحسان حسنة ولا استقباح سيئة لصعوده من جميع المعاني إلى معنى الحكم"(4).

(1) كتاب الطريق إلى الله، ص 19.

(2)

كتاب الطريق إلى الله، ص 43.

(3)

كتاب الطريق إلى الله، ص 66.

(4)

كتاب سبيل المبتدئين في شرح البدايات من منازل السائرين، ص59.

ص: 160

* والابتداع في الزهد أساس من أسس تصوف د. علي جمعة، فنراه يقول: "نلقي الضوء على مجمل ما يحدث في الخلوة، فيلبس البياض، ويتطهر، ويقطع علائقه بالدنيا، ثم منهم من كان يصوم، وفي الصيام مساعدة كبيرة للروح في الترقي، ولا يأكلون ما خرج من روح ولا ما كان فيه روح، وكأن الروح تعطل بعض ترقيها، وإن كان سيعود إليها بعد ذلك، ولكن في هذه الأربعين يحاول الإنسان أن يهيئ نفسه من كل جهة، فيمتنعون عما فيه روح، وعما خرج من روح، إلا نبات الأرض

بل بعضهم زاد على ذلك ألا يأكل مما مسته النار، وعلى ذلك فلا يأكل الخبز؛ لأن الخبز مسته النار، ولا يأكل الطبيخ ولو كان نباتًا؛ لأنه مسته النار" (1).

وشرح حديث: (لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله)(2) فقال: "ومن أجل هذا الحديث كان مشايخنا يأمرون ألا نشرب بعد الذكر، حتى يبقى أثر جفاف الريق باقيًا عند الذاكر، فيشعر بشيء كبير من البركة"(3).

* وإيجاب ما لم يوجبه الله يتمثل في مثل قوله: "أجمع أهل الله على أنه لا مخرج من ذلك إلا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه يجب على المسلم أن يلهج بها ليل نهار في ما لا يقل أبدًا عن ألف مرة كل يوم"(4).

(1) كتاب الطريق إلى الله، ص 76.

(2)

أخرجه الترمذي في سننه، كتاب الدعوات، باب ما جاء في فضل الذكر، وأخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب الأدب، باب فضل الذكر، وأخرجه أحمد في مسنده، كتاب مسند الشاميين، مسند عبد الله بن بسر المازني.

(3)

مقال في جريدة الأهرام، بعنوان: فاذكروني أذكركم، بتاريخ 14 - 8 - 2004.

(4)

كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، ص 11.

ص: 161

* أما فلسفة الأوراد فنجدها في مثل قوله: "الورد يبدأ بالبناء، نريد أن نبني شيئًا، وكأنه مخزن نخزن فيه الأنوار والأسرار، فكيف ننشئ هذا؟ فتأملوا في أسماء الله ووجدوا منها سبعة، هذه السبعة تُبنى عليها الأعمدة، ويبنى عليها الباب، وتبنى الأسقف على هذه الأعمدة فتحدد، ثم بعد ذلك جاء الشيخ عبد القادر الجيلاني وقال: إن هذا البناء يحتاج إلى حوائط حتى يكون مخزنًا محكمًا، واختار ستة أسماء للتلاوة بعد السبعة، واختلف أهل الله في هذه السبعة، كيف تتلى؟ فكل شيخ له طريقة في بناء الأعمدة والأسقف والحوائط والمواد التي يستخدمها، هل هي من مسلح، أم أنها أعمدة خشبية، أم أنها أعمدة من مواد بناء الطائرات؟ تختلف، ولكن الفكرة واحدة، وهي وجود مخزن محكم لوضع الأسرار والأنوار فيها، وقد كان كل اسم من الأسماء السبعة له رقم عندهم، فلما اختلط الحال أصبح الجو الذي نعيش فيه مختلفًا عن الجو الذي كانوا يعيشون فيه، فلم يكن هناك أشعة ذرة ولا راديو ولا رادار ولا تليفزيون، حتى يمكنك أن تتصور كيف أن الجو الذي يحيط بنا قد امتلأ بكل ألسنة الأرض وبكل الصور المنقولة، والدليل على ذلك أننا لو أتينا الآن بجهاز تليفزيون وفتحناه، سيأتي لنا كل العالم هنا في هذا المكان، فالذي يحيط بنا قد يختلف عما كان يحيط بالإمام عبد القادر الجيلاني، وهذا يؤثر؛ لأننا ونحن نسير نسير في اتجاه خلق الله، فالبيئة تؤثر، ومن أجل ذلك جعلوها مائة ألف، فنذكر كل اسم منها مائة ألف، إلا إذا حدثت علامات يعرفها الشيوخ، العلامات هذه ليست واحدة، ولذلك لا تقال، إنما يعرفها الشيخ بفراسة وبصيرة، وإذا

ص: 162

ما كلمناه فإنه يقول: انتقل إلى الاسم الذي بعده، يكفينا هذا، وصلنا إلى مقصودنا من هذه المرحلة، والحمد لله الغرض من بناء المخزن قد تم.

إذًا فلنبدأ لمن أراد أن يبدأ بذكر لا إله إلا الله مائة، ثم بعد ذلك إذا انتهى منها يدخل في يا الله، ثم يا هو، وكل هذا الكلام موجود في كتاب الهداية لسيدنا الشيخ، خذوه واقرأوه وامشوا عليه على نمط ما وصفه، فرصة أن الشيخ أجاز إجازة عامة لمن عاصره بالأخذ عنه في الطريق إلى الله، وهذه الفرصة لا تتكرر كثيرًا، ولا يقوم به الشيخ إلا بتوفيق من الله، وبإذن مخصوص منه، ومثل هذا لا بد أن الشيخ انكشف له فيه سر، وأذن له فيه، فأذن لنا؛ لأنه لا يستطيع أن يأذن من نفسه أو من هواه؛ لأن هؤلاء الناس تخلصوا من هواهم، فاقرأوا هذا وابدأوا فيه، ثم بعد ذلك يفتح الله سبحانه وتعالى على من يشاء" (1).

وينصح د. علي جمعة المريد أن يتحر شروط كل ذكر؛ فمثلاً الذكر بترديد (الله الله) له شرط وهو: "نصح أهل الله بألا يذكر هذا الاسم والإنسان عنده ارتفاع في درجة الحرارة، أي أنه يوقفه إذا ما كانت عنده حمى؛ لأن الذكر بهذا الاسم يرفع درجة الحرارة، ولذلك الذكر بالله لا يناسب المحموم، وقد يميته إذا كان صادقًا في ذكره"(2).

* أما ما يزعمه بعض الغلاة عن علوم الموتى واطلاعهم على ما يجري في الأرض جميعها، وكذلك استخدامهم دعاوى الكشف لتحقيق مآربهم، فيتضح من حوار للدكتور

(1) كتاب الطريق إلى الله، ص118.

(2)

كتاب الطريق إلى الله، ص 96.

ص: 163

علي جمعة وقت وفاة حفيد الطاغية الذي حكم مصر بأنواع الفساد والإفساد محمد حسني مبارك، حفيده المسمى محمد علاء مبارك الذي مات في وقت حكم جده، وكان عمره اثنتي عشرة سنة، فادعى د. علي جمعة أن هذا الحفيد يطلع بعد وفاته على الأرض كلها ويفهم جميع اللغات ويدرك جميع الأحداث، وسيدخل الجنة حتى وإن كان بالغًا على حد تعبير د. علي جمعة؛ لأن الكشف بين له هذه الحقيقة المزعومة؛ يقول د. علي جمعة في حوار له بعد دفن محمد علاء: "دعني في البداية أقدم خالص التعازي لأسرة فخامة الرئيس محمد حسني مبارك؛ لشخصه فهو الجد، وألم وفاة الحفيد الصغير على الجد تكون كبيرة، ولكن هو أيضًا الحكيم، هو رب الأسرة المصرية، هو القائد الفارس النبيل، الذي درب وعلم ومنح هذا البلد الكثير والكثير والحمد لله رب العالمين، أنا أتوجه إلى محمد حسني مبارك رئيس الجمهورية بخالص العزاء وأقول له: إننا جميعًا نشاركك في حزنك، لا نستطيع إطلاقًا أن نقول للإنسان: لا تحزن، إنما نستطيع أن نقول له: حول هذا الحزن كما عودتنا في نفسك، كما عودتنا في حياتك وتاريخك، إلى طاقة، طاقة من الحب، طاقة من العطاء، طاقة من العمل، كما كان وعبر التاريخ العلماء والحكماء والآباء والرواد وأنت منهم. أتوجه إلى الجدة حرم الرئيس وأقول لها: محمد اليوم، أنا حضرت جنازة محمد علاء، لم أر في حياتي جنازة عليها هذه السكينة وهذه الروحانية التي كانت على جنازة محمد، شيء عجيب وغريب، ما هذه السكينة النازلة؟ إنها تنزل على هذا الملاك البريء الذي أختاره الله سبحانه وتعالى لحكمة بليغة

، ما هذه السكينة والروحانية الحادثة في هذا مع الطفولة، إذًا فهذا

ص: 164

كشف من عند الله لنا يقول: إن محمدًا من أهل الجنة

أنا فهمت هذا اليوم في جنازة محمد، أنا أقول لعائلة الرئيس وللرئيس وللسيد علاء ولزوجته أم هذا الطفل الملك الملاك أقول لهم: لقد كشف الله لنا في الدنيا أن هذا الطفل ولأنه أخذ طفلاً من أهل الجنة، وأنه يأخذ أبويه إلى الجنة.

المذيع محمود سعد: هذه مسألة يا مولانا قول واحد في الدين.

د. علي جمعة: قول واحد (مفهاش) كلام.

المذيع: طالما لم يبلغ الحلم، ولم يجر عليه القلم، فهو من ملائكة الجنة.

د. علي جمعة: حتى لو كان بلغ الحلم، حتى لو كان بلغ الحلم، (ده) ولد عنده (اتناشر ثلتاشر) سنة، (ده) وجهه أنا أقرأ قراءة أخرى، الجنازة عليها رحمة من عند الله، الجنازة يا جماعة عليها سكينة عجيبة، واستمرت هذه السكينة من بدايتها وأثناء الصلاة وبعد الصلاة، يعني شيء غريب عجيب

لقد كشف الله منقبة محمد، محمد (ده) كان (عايش) في (وسطيكم وبيجري) وكذا إلى آخره وهو محكوم عليه وله بالجنة، هذا المعنى كان خفيًا لا يستطيع أحد على وجه الأرض أن يقوله وهو (عايش)، لكن الآن نستطيع أن نقوله باتفاق؛ لأن الله أظهره لنا بعد وفاته،

لا أنكر الحزن الذي حل بالبلاد والعباد

حقائق لا بد أيضًا أن الكبار (يفهموها) إن (محمد سَمِعْنَا دلوقتي)، (ديه) حقيقة وثابتة في الدين، وإن (ده مش) خاص بالأطفال ولا بالكبار ولا بالمسلمين وغير المسلمين، (ده) عملية خاصة بالروح، فالروح عندما تتحرر من الجسد لها اطلاع على ما يجري في الأرض

فمحمد قاعد (يتفرج) علينا

ص: 165

(دلوقتي)، وقاعد يسمع كلامنا، (وشايفنا إحنا كمان)، (وشايف) الأرض كلها، وأصبحت الروح (إللي إحنا وإحنا) في جسدنا (مش) قادرين (نشوف) إلا حدود ما نراه الآن، هو أصبح متحرر، (وشايف) كل الناس، وفاهم كل اللغات، وهو في هذا الإدراك الذي خرج خلاص من الجسد، أصبح إدراكه روحي، وهذا الإدراك أصبح (إدراك تام متحرر)

هو الآن يسمعنا ويرانا ويشعر بنا وأشياء كثيرة جدًا" (1)!!!.

* ومع كل ما سبق فلا نستغرب ألا يبالي د. علي جمعة بالطواف حول القبور؛ حيث يقول: "الطواف حول قبر الولي، فإن الفيصل في ذلك هو نية من يفعل ذلك، فإن كان لا يقصد التوسل بهذا الولي، أو يتشبه بالطواف بالكعبة، فلا شيء عليه"(2)!!!.

(1) حوار في برنامج البيت بيتك في الفضائية المصرية، يوم الثلاثاء 24 جماد أول 1430هـ 19 مايو 2009م.

(2)

كتاب فتاوى عصرية، ج2 ص50.

ص: 166