الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتوى رقم (17)
السؤال
عن بيان حكم الزكاة في المال وفي عروض التجارة وهل يخرج الزكاة عن المال الذي زكاه في السنين الماضية أو يخرجها عما زاد عن قيمته في السنين الماضية فقط وما الحكم إذا كان على صاحب المال الواجب فيه الزكاة ديون أو كان له ديون عند آخرين كان صاحب المال يدين آخر بمبلغ - هل يجوز تركه له من أصل الزكاة الواجبة على الدائن في ماله إذا كان المدين معسرا مع إخباره بذلك وهل يصح احتساب ضرائب الأرباح التي فرضتها الحكومة من الزكاة الواجبة وإذا كان ذلك غير جائز فهل يصح احتساب ضريبة الدفاع من الزكاة لأن مصرفها ديني وهو الدفاع عن الوطن؟
الجواب
إن الزكاة فرض عند الحنفية على كل مسلم عاقل بالغ حر يملك نصابا حال عليه الحول وكان فارغا عن الدين وحوائجه الأصلية وحوائج عياله ناميا أو تقديرا فمن ملك نصابا من أحد الأنواع التي تجب فيها الزكاة شرعا ومضى عليه في ملكه سنة قمرية أيامها 354 يوما وكان فاضلا عن حاجته الأصلية وعن دين له مطالب من جهة العباد ناميا حقيقة بالتوالد والتناسل وبالتجارة أو تقديرا بأن يتمكن من الاستنماء بأن يكون المال في يده أو يد نائبه لأن الأثمان لا يشترط فيها النماء حقيقة وإنما يشترط فقط القدرة عليه لأنها بخلقتها نامية بالتجارة فإن لم يتمكن من الاستنماء فلا زكاة عليه لفقد شرطها وذلك مثل مال الضمار كالمغصوب والمفقود بلا بينة عليه والمدفون في برية لا يعرف مكانه والساقط في البحر فمن ملك نصابا توفرت فيه الشروط السابقة وجبت فيه الزكاة ويختلف الواجب باختلاف نوع المال المملوك فمن كان عنده نصاب من الأثمان أي الذهب أو الفضة أو أوراق البنكنوت بأن كانت قيمة الذهب أحد عشر جنيها وثمانمائة وخمسة وسبعين مليما وقيمة الفضة أو البنكنوت خمسمائة وثلاثون قرشا تقريبا وجب فيه ربع العشر والمعتبر كمال النصاب أول الحول وآخره فإذا كمل فيهما ونقص أثناء الحول وجبت الزكاة في المال الموجود في آخر الحول وقد اشترط حولان الحول في المال المزكى إذا كان من الأثمان أو عروض التجارة لأن مضى الحول مظنة النماء فيكون إخراج الزكاة من الربح وذلك أسهل وأيسر وقد سبق أن حقيقة النماء لم تشترط إلا فيما عدا الأثمان أما الأثمان فيكفي فيها اشتراط النماء ولو تقديرا وذلك بمضي الحول عليها عند مالكها لأن مضيه دليل نمائها عادة فاعتبار حولان الحول ضروري حتى لا يتعاقب وجوب الزكاة في الزمن الواحد مرات فينفد مال المالك ففي نهاية كل حول يحصر المزكى ماله فإن بلغ نصاب الزكاة من أي نوع أخرجها ويضم المستفاد أثناء الحول إلى أصله إذا كان من جنسه ويزكى الجميع ولو كان قد سبق للمالك أنه زكاه قبل ذلك لأن النصاب كما ذكر صاحب البدائع بعد مضي الحول عليه يجعل متجددا حكما الحول فيصير النصاب كالمتجدد وهذا بالنسبة لزكاة الأموال التي هي أثمان وأما بالنسبة لعروض التجارة وهى ماعدا الأثمان من الأموال غير السائمة على اختلاف أنواعها من النبات والعقار والثياب وسائر المال الموجود للتجارة فإن الزكاة تجب فيها متى بلغت قيمتها نصابا من الذهب أو الفضة وحال عليها الحول على الوجه السابق ونوى مالكها بها التجارة واقترنت نيته بفعل التجارة وكانت العين صالحة لنية التجارة ففي نهاية كل عام تقوم العروض التي توفرت فيها الشروط السابقة بأحد النقدين الذهب أو الفضة أو البنكنوت فإذا بلغت بأيها نصاب الزكاة وجب إخراج ربع عشرها وإن بقيت عند مالكها أعواما بدون زكاة ثم باعها بعد ذلك فعليه زكاتها لجميع الأعوام لا لعام واحد فقط وإذا كان مالك النصاب له دين عند غيره فإنه يجب عليه ضم ما يقبضه منه إلى ما في يده من المال وإخراج زكاة الجميع مرة واحدة لأن المقبوض من الدين في هذه الحالة بمثابة المستفاد أثناء السنة وفي مثله يجب ضمه للأصل وإخراج زكاة الجميع وقدرها ربع العشر كما سبق إذا كان المال من الأثمان أو عروض التجارة وتوفرت فيه شروطه السابقة وإذا كان على صاحب المال الواجب فيه الزكاة ديون خصصت قيمتها من المال الذي في يده لأن المشغول بالدين من الحوائج الأصلية فلا تجب فيه الزكاة وما بقى بعد ذلك تجب فيه الزكاة على الوجه السابق إن بلغ نصاب الزكاة من أي نوع بعد توفر شروط إخراجها السابقة وإذا كان لمن وجبت عليه الزكاة ديون على فقير لم يجز للمزكى صاحب الدين أن يبرئ مدينه من دينه وحسبانه من الزكاة الواجبة عليه في ماله الآخر المملوك له والواجب فيه الزكاة غير هذا الدين قال ابن عابدين في حاشيته رد المحتار لا يجوز أداء الدين عن العين كجعله ما في ذمة مديونه زكاة لماله الحاضر ثم قال وحيلة الجواز فيما إذا كان له دين على معسر وأراد أن يجعله زكاة عن عين عنده أو عن دين له على آخر سيقبض أن يعطى مديونه الفقير زكاته ثم يأخذها منه ثانية عن دينه - ونقل عن الأشباه قولها وهو أفضل من غيره لأنه يصير وسيلة إلى إبراء ذمة المديون هذا ولا يصح احتساب أي نوع من أنواع الضرائب التي تفرضها الحكومة على المواطنين في أموالهم وكسبهم وإيرادهم من الزكاة الواجبة في مالهم لأن ما تفرضه الحكومة بالمصارف الشرعية التي بينت الشريعة أنواعها وأوجبت أداء الزكاة إليها جميعها أو إلى بعضها وفضلا عن ذلك فإن هذه الضرائب لا تطبق عليها ماهية الزكاة شرعا " لأنها تختلف في مقاديرها وشروطها عن مقادير الزكاة وشروطها التي بينتها الشريعة وبدونها لا يتحقق معنى الزكاة "