الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
17 -
فصل عطف الصِّفَات بَعْضهَا على بعض
وَمِمَّا يتَّصل بذلك أَيْضا الْكَلَام فِي عطف الصِّفَات بَعْضهَا على بعض وَقد تقدم أَن الْجُمْلَة إِذا كَانَت فِي معنى الصّفة لَا تعطف فالصفة الْحَقِيقِيَّة أولى بذلك لِأَنَّهَا متحدة بالموصوف والعطف يَقْتَضِي الْمُغَايرَة وَلِهَذَا جَاءَت صِفَات الله تَعَالَى غير معطوفة غَالِبا كَقَوْلِه تَعَالَى {الرَّحْمَن الرَّحِيم} {الْملك القدوس السَّلَام الْمُؤمن الْمُهَيْمِن الْعَزِيز الْجَبَّار المتكبر} {الْخَالِق البارئ المصور} لِأَنَّهَا صِفَات أزلية أبدية وَافَقت الذَّات فِي الْقدَم وَلَيْسَت مُغَايرَة
وَجَاء فِي الْقُرْآن الْعَظِيم {هُوَ الأول وَالْآخر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن} وَقَوله تَعَالَى {غَافِر الذَّنب وقابل التوب شَدِيد الْعقَاب ذِي الطول} بعطف (قَابل التوب) دون غَيرهَا
وَقَوله تَعَالَى {التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بِالْمَعْرُوفِ والناهون عَن الْمُنكر والحافظون لحدود الله} وَقَوله تَعَالَى {أَزْوَاجًا خيرا مِنْكُن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات}
ثيبات وأبكارا) وَقَول الشَّاعِر
(إِلَى الْملك القرم وَابْن الْهمام
…
وَلَيْث الكتيبة فِي المزدحم) وَلِهَذَا كُله جوز جمَاعَة عطف الصِّفَات بِالْوَاو مُطلقًا وَحمل عَلَيْهِ من يَقُول إِن الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر مَا جَاءَ فِي الحَدِيث عَن عَائِشَة وَحَفْصَة رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَرَأَ عَلَيْهِمَا (حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر) فَقَالُوا هُوَ من بَاب عطف الصِّفَات
وَلَا شكّ أَن تَجْوِيز هَذَا على الْإِطْلَاق ينْقض قاعدتين كبيرتين إِحْدَاهمَا