الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
18 -
فصل زِيَادَة الْوَاو العاطفة
اخْتلفُوا فِي جَوَاز زِيَادَة الْوَاو العاطفة لغير معنى فجوزه الْكُوفِيُّونَ احتجاجا بقوله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ نري إِبْرَاهِيم ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض وليكون من الموقنين} وَقَوله {فَلَمَّا أسلما وتله للجبين وناديناه} وَجعلُوا مِنْهُ قَوْله تَعَالَى {حَتَّى إِذا جاؤوها وَفتحت أَبْوَابهَا} وَقَول الشَّاعِر الْمُتَقَدّم أول الْكتاب
(وقلبتم ظهر الْمِجَن لنا)
بعد قَوْله
(حَتَّى إِذا قملت بطونكم
…
ورأيتم أبناءكم شبوا)
فتقديره قلبتم وَالْوَاو زَائِدَة
وَذهب البصريون إِلَى أَنَّهَا لَيست زَائِدَة فِي شَيْء من ذَلِك وَلَا تجوز
زيادتها لِأَن الْحُرُوف وضعت للمعاني فَذكرهَا بِدُونِ مَعْنَاهَا يَقْتَضِي مُخَالفَة الْوَضع وَيُورث اللّبْس وَأَيْضًا فَإِن الْحُرُوف وضعت للاختصار نائبة عَن الْجمل كالهمزة فَإِنَّهَا نائبة عَن أستفهم وزيادتها ينْقض هَذَا الْمَعْنى
وَتلك الْمَوَاضِع الْوَاو فِيهَا عاطفة على مَحْذُوف مُقَدّر يتم بِهِ الْكَلَام تَقْدِيره لنبصره أَو لنرشده وَنَحْو ذَلِك ثمَّ عطف عَلَيْهِ (وليكون من الموقنين)
وَكَذَلِكَ فِي الْآيَة الْأُخْرَى تَقْدِيره عرفنَا صبره وانقياده {وناديناه أَن يَا إِبْرَاهِيم} وَكَذَلِكَ قيل فِي قَوْله {وَفتحت أَبْوَابهَا} تَقْدِيره عرفُوا صِحَة مَا وعدوا بِهِ {وَفتحت أَبْوَابهَا} والأقوى أَن تكون الْوَاو حَالية كَمَا تقدم وَسَيَأْتِي ذَلِك وَبَيَان فَائِدَته إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَأما الْبَيْت فتقديره عرف غدركم وقلبتم ظهر الْمِجَن وَحذف الْجَواب كثير
وَفِي التَّهْذِيب لِلْبَغوِيِّ من أَئِمَّة أَصْحَابنَا أَنه إِذا قَالَ إِن دخلت الدَّار وَأَنت طَالِق إِن قَالَ أردْت التَّعْلِيق فأقمت الْوَاو مقَام الْفَاء قبل قَوْله وَإِن قَالَ أردْت التَّنْجِيز ينجز الطَّلَاق يَعْنِي وَتَكون الْوَاو زَائِدَة
وَزَاد غَيره انه إِذا قَالَ لم أقصد شَيْئا يقْضِي بِوُقُوع الطَّلَاق فِي الْحَال ويلغى حرف الْوَاو كَمَا لَو قَالَ ابتدأء وَأَنت طَالِق حَكَاهُ الرَّافِعِيّ عَن إِسْمَاعِيل البوشنجي مقررا لَهُ وَاعْترض عَلَيْهِ النَّوَوِيّ وَاخْتَارَ أَنه عِنْد الاطلاق يكون تَعْلِيقا بِدُخُول الدَّار إِن كَانَ قَائِلهَا لَا يعرف الْعَرَبيَّة وَإِن عرفهَا فَلَا يكون تَعْلِيقا وَلَا غَيره إِلَّا لِأَنَّهُ عِنْده غير مُفِيد
وَهَذَا الَّذِي قَالَه النَّوَوِيّ رحمه الله جَار على الْقَاعِدَة وَالله سُبْحَانَهُ أعلم