المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الواو التي للقسم - الفصول المفيدة في الواو المزيدة

[صلاح الدين العلائي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌صلى الله عليه وسلم وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا

- ‌ فصل أَقسَام الْوَاو

- ‌ فصل الْوَاو المزيدة فِي بِنَاء الْكَلِمَة

- ‌لَا تزاد أَولا

- ‌ فصل مَتى تكون الْوَاو أَصْلِيَّة وَمَتى تكون زَائِدَة

- ‌ فصل مواقع زِيَادَة الْوَاو

- ‌ فصل الْوَاو الدَّاخِلَة على أول الْكَلِمَة أَنْوَاعهَا

- ‌ فصل النَّوْع الأول

- ‌الْكَلَام على الْوَاو العاطفة

- ‌الْعَامِل فِي الْمَعْطُوف

- ‌ فصل الْغَرَض من تكْرَار الْعَامِل فِي الْعَطف

- ‌ فصل عود الضَّمِير على الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ

- ‌ فصل دلَالَة الْوَاو العاطفة

- ‌وَالْقَوْل الثَّانِي

- ‌وَالْقَوْل الثَّالِث

- ‌وَالْقَوْل الرَّابِع

- ‌ فصل فِي الْأَدِلَّة الدَّالَّة على القَوْل الأول

- ‌بِأَن الْوَاو لمُطلق الْجمع

- ‌أَولهَا

- ‌وَثَانِيها

- ‌الْوَجْه الثَّالِث

- ‌الْوَجْه الرَّابِع

- ‌الْوَجْه الْخَامِس

- ‌ فصل فِيمَا احْتج بِهِ لِلْقَائِلين بِأَن الْوَاو للتَّرْتِيب

- ‌ فصل فِي مسَائِل فقهية

- ‌تتخرج على أَن الْوَاو للْجمع الْمُطلق أَو للتَّرْتِيب

- ‌فَائِدَة

- ‌ فصل الْأَسْبَاب الْمُقْتَضِيَة للتقديم والاهتمام

- ‌ فصل إِضْمَار حرف الْعَطف

- ‌ فصل الْفَصْل والوصل

- ‌عطف الْجمل

- ‌عطف جملَة لَهَا مَحل على أُخْرَى

- ‌عطف جملَة لَا مَحل لَهَا على أُخْرَى

- ‌التَّعَلُّق بَين الجملتين بالتأكيد أَو الصّفة يُوجب الْفَصْل

- ‌عدم التَّعَلُّق بَين الجملتين وَوُجُود اللّبْس بالْعَطْف يُوجب الْفَصْل

- ‌الِانْقِطَاع بَين الجملتين يُوجب الْفَصْل

- ‌كَمَال الِاتِّصَال يُوجب الْفَصْل

- ‌الِاسْتِئْنَاف يُوجب الْفَصْل

- ‌يجب الْعَطف لدفع توهم خلاف الْمَقْصُود

- ‌يحسن الْعَطف لِاتِّفَاق الجملتين فِي الْخَبَر إو الْإِنْشَاء

- ‌تَقْسِيم الْجَامِع إِلَى عَقْلِي ووهمي وخيالي

- ‌ فصل عطف الصِّفَات بَعْضهَا على بعض

- ‌وَاو الثَّمَانِية وَالرَّدّ على القَوْل بهَا

- ‌ فصل زِيَادَة الْوَاو العاطفة

- ‌ فصل تَقْدِير مَعْطُوف عَلَيْهِ مَحْذُوف فِي الْقُرْآن

- ‌ فصل تَقْدِيم الْمَعْطُوف على الْمَعْطُوف عَلَيْهِ

- ‌ فصل الرَّبْط بِالْوَاو أَو بالضمير فِي جملَة الْحَال

- ‌ فصل ملخص من كَلَام عبد القاهر فِي سر الرَّبْط بِالْوَاو)

- ‌ فصل اسْتِعْمَال الْوَاو فِي الْحَال عِنْد الْأُصُولِيِّينَ

- ‌ فصل مسَائِل فقهية فِي التَّفْرِيع على وَاو الْحَال

- ‌ فصل الْقسم الثَّالِث من أَنْوَاع الْوَاو مَا ينْتَصب بعْدهَا الْمَفْعُول مَعَه

- ‌ فصل الناصب للْمَفْعُول مَعَه

- ‌ فصل النصب على الْمَفْعُول مَعَه قياسي أَو سَمَاعي ومسائل أُخْرَى

- ‌ فصل - النَّوْع الرَّابِع من أَقسَام الْوَاو

- ‌الْوَاو الَّتِي ينْتَصب الْفِعْل الْمُضَارع بعْدهَا

- ‌ فصل الناصب للْفِعْل الْمُضَارع بعد الْوَاو

- ‌ فصل فِي مَوَاضِع من الْقُرْآن يتَخَرَّج إعرابها على مَا نَحن فِيهِ

- ‌ فصل الْمَعْنى الْجَامِع لأنواع الْوَاو

- ‌ فصل النَّوْع الْخَامِس من أَقسَام الْوَاو

- ‌الْوَاو الَّتِي للقسم

- ‌ فصل - النَّوْع السَّادِس

- ‌الْكَلَام على وَاو رب

- ‌ فصل الْأَحْكَام الْمُتَعَلّقَة بِرَبّ

- ‌خَاتِمَة

الفصل: ‌الواو التي للقسم

34 -

‌ فصل النَّوْع الْخَامِس من أَقسَام الْوَاو

‌الْوَاو الَّتِي للقسم

وَالْقسم اسْم أقيم مقَام الْمصدر وَكثر اسْتِعْمَاله فِيهِ وَالْفِعْل أقسم ومصدره الْحَقِيقِيّ الإقسام وَالَّذِي ذكره كثير من أَئِمَّة اللُّغَة أَن الْقسم مَأْخُوذ من أَيْمَان الْقسَامَة وَهِي الَّتِي يحلف بهَا فِي الْقَتْل ثمَّ إِنَّه قيل لكل يَمِين قسم وَهَذَا فِيهِ نظر من وَجْهَيْن

أَحدهمَا أَن أصل الْقسَامَة مبدؤه من فعل أبي طَالب بِسَبَب الْأَجِير الَّذِي

ص: 235

قتل من قُرَيْش كَمَا صَحَّ ذَلِك فِي صَحِيح البُخَارِيّ أَنَّهَا أول قسَامَة كَانَت فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ ذَلِك قبل النُّبُوَّة بِزَمن غير كَبِير وَإِطْلَاق الْقسم على الْيَمين كَانَ مَعْرُوفا عِنْد الْعَرَب قبل ذَلِك على مَا هُوَ مَوْجُود فِي أخبارهم وأشعارهم فَكَانَ الأولى أَن يكون اشتقاق لفظ الْقسَامَة من الْقسم الَّذِي هُوَ الْيَمين الْمُطلقَة

وَالثَّانِي أَنه يسْأَل حِينَئِذٍ عَن أَي معنى اشتق مِنْهُ لفظ الْقسَامَة فمهما كَانَ مأخوذا مِنْهُ يُقَال مثله فِي مُطلق الْيَمين إِلَّا أَن يكون ذَلِك أَخذ من معنى خَاص يخْتَص بِالدَّمِ أَو بِالْمَوْتِ أَو بِطَلَب الدِّيَة أَو نَحْو ذَلِك مِمَّا لَا يعم كل يَمِين يحلف بهَا فيقوى حِينَئِذٍ أَن مُطلق الْقسم مَأْخُوذ من الْقسَامَة لَكِن ذَلِك الشَّيْء الْخَاص لم يعرف وَلَا ذَكرُوهُ

وَهَذِه الْمَادَّة الَّتِي هِيَ الْقَاف وَالسِّين وَالْمِيم ترجع إِلَى معَان مِنْهَا الْقِسْمَة وَهِي إِقْرَار النَّصِيب وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَأَن تستقسموا بالأزلام} لأَنهم كَانُوا يطْلبُونَ من جِهَة الأزلام مَا قسم من أحد الْأَمريْنِ اللَّذين يريدونهما

وَمِنْهَا وَهِي الْحسن وَقيل الْقِسْمَة الْوَجْه مُطلقًا حَكَاهُ الْأَزْهَرِي وَمِنْهُم من يُقَيِّدهُ بِالْوَجْهِ الْحسن وَيُقَال وَجه قسيم وَامْرَأَة قسيمة أَي حسناء

وَمِنْهَا الْقسم وَهُوَ الرَّأْي قَالَ الْأَزْهَرِي يُقَال فلَان جيد الْقسم أَي

ص: 236

الرَّأْي وَقَالَ ابْن سيدة فِي الْمُحكم الْقسم يَعْنِي بِفَتْح الْقَاف وَإِسْكَان السِّين الرَّأْي وَقيل الشَّك وَقيل الْقدر

وَجعل الرَّاغِب هَذِه الْمعَانِي كلهَا رَاجِعَة إِلَى الْقِسْمَة الَّتِي هِيَ إِفْرَاز النَّصِيب وَقَوْلهمْ لِلْحسنِ الْقسَامَة أَي كَأَنَّمَا أُوتِيَ من كل حسن نصِيبه فِي مَوْضِعه فَلم يتَفَاوَت وَقيل وَجه قسيم أَي يقسم بحسنه الطّرف فَلَا يثبت فِي مَوضِع دون مَوضِع

وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن سيدة فِي قَوْلهم قسم أمره قسما قَالَ أَي قدره وَقيل لم يدر مَا يصنع فِيهِ

فَإِذا عرف ذَلِك يحْتَمل أَن يكون الْقسم مَأْخُوذ من الْقِسْمَة أَي إِن الْمقسم أفرز مَا يحلف عَلَيْهِ بتأكيد بِالْيَمِينِ أَو أفرز الْيَمين من جملَة أَنْوَاع الْكَلَام لتأكيد مَا يروم من القَوْل وَأَن يكون مأخوذا من الْقسَامَة الَّتِي هِيَ الْحسن فَكَأَن الْحَالِف حسن مَا يَقُوله بتأكيده باسم الله تَعَالَى وَإِلَى هَذَا مَال الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الْقشيرِي رَحمَه الله تَعَالَى فِي شرح الالمام فِي أصل هَذِه اللَّفْظَة

ص: 237

قَالَ ابْن أبي الرّبيع وَقيل مُشْتَقّ من الْبَيْت الْمقسم بِهِ الْمُعظم لأَنهم يعظمون مَا يقسمون بِهِ

قلت وَهَذَا معنى آخر غير مَا تقدم وَالْكل مُحْتَمل

وَحَقِيقَة الْقسم عِنْد النَّحْوِيين ضم جملَة خبرية إِلَى مثلهَا تكون كل مِنْهُمَا فعلية أَو اسمية أَيْضا توكد الثَّانِيَة بِالْأولَى متضمنة اسْما من أَسمَاء الله تَعَالَى أَو صفة من صِفَاته وَرُبمَا كَانَ ذَلِك باسم غَيره مِمَّا يعظمه الْمقسم وَتَكون الْيَمين لغوية لَا شَرْعِيَّة وَهُوَ فِي الشَّرْع عبارَة عَن تَحْقِيق مَا يحْتَمل الْمُخَالفَة أَو تأكيده بِذكر اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى أَو صفة من صِفَاته وَزَاد

ص: 238

فِيهِ الامام الْغَزالِيّ مَاضِيا كَانَ أَو مُسْتَقْبلا لَا فِي معرض اللَّغْو والمناشدة وَقيد لَا حَاجَة إِلَى هذَيْن الْأَخيرينِ

وَالْمَقْصُود من الْقسم إِن كَانَ على مَاض التَّحْقِيق سَوَاء كَانَ إِثْبَاتًا أَو نفيا مثل وَالله لقد دخلت الدَّار أَو وَالله مَا دخلت وَإِن كَانَ على مُسْتَقْبل فالمقصود بِهِ الْحَث إِن كَانَ على ثُبُوت وَالْمَنْع إِن كَانَ على نفي

وأصل حُرُوفه الْبَاء الجارة لِأَن الْفِعْل يظْهر مَعهَا تَقول أقسم بِاللَّه وَحلفت بِاللَّه وَلِأَن أَفعَال الْقسم كلهَا لَازِمَة وَالْبَاء هِيَ المعدية لَهَا إِلَى مَا بعْدهَا وَأَيْضًا فَإِنَّهَا تدخل على كل محلوف بِهِ من ظَاهر ومضمر نَحْو بِاللَّه لَأَفْعَلَنَّ وَبِك لَأَفْعَلَنَّ كَقَوْل الشَّاعِر

(رأى برقا فَأَوْضَعَ فَوق بكر

فَلَا بك مَا أسأَل وَلَا أغاما)

وَقَالَ الآخر

(أَلا نادت أُمَامَة بارتحال

لتحزنني فَلَا بك مَا أُبَالِي)

ص: 239

ف بك فِي الْبَيْتَيْنِ قسم بالضمير وَهُوَ الْكَاف وَالْبَاء بَاء الْقسم

وَقد يحذف الْفِعْل الْمُتَعَلّق بالقسم كَمَا فِي هذَيْن الْبَيْتَيْنِ لكنه قَلِيل وَالْأَكْثَر مجيئة بِالْفِعْلِ مظْهرا وَمِمَّا حمل على الْحَذف أَيْضا قَوْله تَعَالَى {يَا بني لَا تشرك بِاللَّه إِن الشّرك لظلم عَظِيم} فَقَالَ بَعضهم الْوَقْف على (لَا تشرك) وَقَوله (بِاللَّه) قسم على الْجُمْلَة الَّتِي بعده (إِن الشّرك لظلم عَظِيم)

وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {ادْع لنا رَبك بِمَا عهد عنْدك لَئِن كشفت عَنَّا الرجز} قيل إِن قَوْله (بِمَا عهد عنْدك) قسم أَي بعهده لَئِن كشفت عَنَّا الرجز لنؤمنن

وَقَوله تَعَالَى {ثمَّ جاؤوك يحلفُونَ بِاللَّه إِن أردنَا إِلَّا إحسانا وتوفيقا} )

قيل إِن ابْتِدَاء الْكَلَام (بِاللَّه) والمقسم عَلَيْهِ مَا بعده وَيكون ذَلِك حِكَايَة حلفهم

وَأما الْوَاو فَإِنَّهَا بدل من الْبَاء لِأَنَّهَا أشبهتها من جِهَة أَنَّهُمَا من مخرج وَاحِد وَهُوَ الشفتان وَلِأَن الْبَاء تفِيد الإلصاق وَالْوَاو تفِيد الْجمع وَهُوَ نوع من الإلصاق فَلَمَّا كَانَت فرعا عَنْهَا انحطت عَن رتبتها من ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا

ص: 240

وتخمة وتكأة وَنَحْوهَا وَلكنهَا لما كَانَت فرعا عَن الْوَاو فِي الْمرتبَة الثَّالِثَة قصرت عَنْهَا فاختصت باسم الله تَعَالَى كَقَوْلِه تَعَالَى {تالله لقد علمْتُم} و {تالله تفتأ} وَلَا تدخل على اسْم غَيره إِلَّا مَا حُكيَ عَن بَعضهم من قَوْلهم ترب الْكَعْبَة وَهُوَ قَلِيل

وللقسم أَيْضا حُرُوف آخر لَا تعلق لَهَا بِمَا نَحن فِيهِ فَلذَلِك لَا حَاجَة بِنَا إِلَى ذكرهَا وَكَذَلِكَ فِي الْجمل الَّتِي يُجَاب بهَا الْقسم ومواضعها وشروطها إِذْ لَا اخْتِصَاص بهَا للواو وَلها مَوضِع تذكر فِيهِ وَإِنَّمَا يتَكَلَّم فِيمَا يخْتَص باالواو وَهِي فِي هَذَا الْموضع جَارة بِنَفسِهَا لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِك لِأَنَّهَا اخْتصّت بالأسماء وَلم تنزل منزلَة الْجَرّ مِنْهَا ولصحة دُخُول حُرُوف الْعَطف عَلَيْهَا فَدلَّ على أَنَّهَا هِيَ العاملة

وَقد ذكر جمَاعَة من الْأَصْحَاب أَنه إِذا قَالَ وَالله لَأَفْعَلَنَّ كَذَا بِرَفْع الْهَاء أَو بنصبها أَنه يكون يَمِينا سَوَاء نَوَاهَا أَو لم ينوها وَالْخَطَأ فِي الاعراب لَا يمْنَع انْعِقَاد الْيَمين وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ وَقَالَ الْقفال فِي قَوْله

ص: 242

وَالله بِالرَّفْع إِنَّه لَا يكون يَمِينا

قلت يتَّجه أَن يفرق فِي ذَلِك بَين من يعرف الْعَرَبيَّة وَمن لَا يعرفهَا فَالْقَوْل بالانعقاد مُطلقًا إِنَّمَا يقوى فِي حق من لَا يعرف الْعَرَبيَّة أما إِذا كَانَ يعرفهَا وَقصد الرّفْع أَو النصب وَلم ينْو بِهِ الْيَمين فَالْقَوْل بالانعقاد هُنَا بعيد جدا نعم لَو نوى ذَلِك لصَحَّ وَإِن كَانَ مخطئا باللحن وَيُؤَيّد ذَلِك أَن صَاحب الْحَاوِي حكى عَن أبي إِسْحَاق الْمروزِي قَالَ إِن قَوْله تالله يَعْنِي بِالْمُثَنَّاةِ إِنَّمَا يكون يَمِينا فِي حَتَّى خَواص النَّاس الَّذين يعْرفُونَ أَن التَّاء من حُرُوف الْقسم وَلَا يكون يَمِينا فِي حق الْعَامَّة الَّذين لَا يعْرفُونَ ذَلِك

وَقد قَالَ الْأَصْحَاب إِذا قَالَ وَالله لَأَفْعَلَنَّ كَذَا ثمَّ ذكر أَنه أَرَادَ وَالله الْمُسْتَعَان وابتدأ بقوله لَأَفْعَلَنَّ من غير يَمِين إِن ذَلِك يقبل مِنْهُ وَتصير النِّيَّة صارفة لَهُ إِلَى الْمحل الْمَذْكُور وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا اللّحن فِي الاعراب

وَمثله أَيْضا مَا إِذا قَالَ بِاللَّه لَأَفْعَلَنَّ ثمَّ قَالَ أردْت اعتصمت بِاللَّه أَو

ص: 243

أستعين وَنَحْو ذَلِك ثمَّ ابتدأت لَأَفْعَلَنَّ فَكَذَلِك يقبل مِنْهُ صرح بهما الْعِرَاقِيُّونَ وَبَعض الخراسانيين واستبعده إِمَام الْحَرَمَيْنِ وعده زللا مِنْهُم أَو خللا من النساخ

وَمن الْأَصْحَاب من قطع فِي قَوْله وَالله لَأَفْعَلَنَّ بِأَنَّهُ يَمِين فَكل حَال لَا يَنْفَعهُ فِيهِ التَّأْوِيل وَجعل الْخلاف مُخْتَصًّا بقوله بِاللَّه بِالْبَاء الْمُوَحدَة لقُوَّة صَرَاحَة الْوَاو فِي الْقسم وشهرة اسْتِعْمَالهَا وَهَذَا أقوى أَيْضا من جِهَة الْإِعْرَاب فَإِنَّهُ إِذا قَالَ بِاللَّه وَأَرَدْت استعنت وَنَحْو ذَلِك وابتدأت الْكَلَام كَانَ لكَلَامه وَجه مُحْتَمل للتأويل بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ وَالله بِالْجَرِّ ثمَّ ادّعى أَنه أَرَادَ بِهِ الِابْتِدَاء لَا الْقسم وأضمر الْخَبَر وابتدأ بعده بالْكلَام غير مقسم عَلَيْهِ فَإِن هَذَا بعيد احْتِمَاله مِنْهُ مَعَ جر اسْم الله واللحن هُنَا لَا يعْذر فنه مَعَ قصد الاضمار وَقطع الْكَلَام

وَالأَصَح فِي قَوْله تالله بِالْمُثَنَّاةِ من فَوق إِنَّه يَمِين للْعُرْف فِيهِ ولاستعماله فِي الْقُرْآن وَقيل فِيهِ قَول إِنَّه لَا يكون يَمِينا إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَمِنْهُم من خصص ذَلِك بالقسامة لما تَتَضَمَّن من إِثْبَات حق لنَفسِهِ من قصاص أَو دِيَة فَلَا يمْنَع مِنْهُ إِلَّا بِلَفْظ قوي مَشْهُور فِي الْقسم وَتقدم عَن أبي إِسْحَاق الْمروزِي التَّفْرِقَة بَين الْعَامَّة وَغَيرهَا وَالله تَعَالَى أعلم

ص: 244