الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما جاء في الذبح لغير الله
وقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} 1.
وقوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} 2 عن علي رضي الله عنه قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات: "لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثا، لعن الله من غير منار الأرض" رواه مسلم 3.
وعن طارق بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب". قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: "مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا، فقالوا لأحدهما: قرب، قال: ليس عندي شيء أقرب، قالوا له: قرب ولو ذبابا، فقرب ذبابا فخلوا سبيله، فدخل النار. وقالوا للآخر: قرب، فقال: ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله (، فضربوا عنقه، فدخل الجنة" رواه أحمد 4
1 سورة الأنعام آية: 162.
2 سورة الكوثر آية: 2.
3 رواه مسلم: كتاب الأضاحي باب تحريم الذبح لغير الله تعالى، ولعن فاعله (3 / 1567) حديث رقم (1978) .
4 لم أقف عليه من حديث طارق بن شهاب، وقد وقفت عليه من حديث طارق بن شهاب عن سلمان رواه الإمام أحمد (الزهد) ص 15 – 16. ووقع في النسخة المطبوعة (عن سليمان) وهو تحريف، والصواب أنه (عن سلمان) . وقد رواه أبو نعيم في (الحلية) 1 / 203 في ترجمة (سلمان الفارسي) كلاهما من طريق أبي معاوية حدثنا الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب عن سلمان قال: دخل رجل الجنة في ذباب
…
فذكره موقوفا، وإسناده صحيح رجاله ثقات، وله طريقان آخران ذكرهما أبو نعيم معلقة، ولم يسق ألفاظهما حيث قال عقب روايته:(رواه شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق مثله، ورواه جرير من- كذا- منصور عن المنهال بن عمرو عن حيان بن مرشد عن سلمان نحوه) . وهو وإن كان موقوفا فلعله مما لا مجال للرأي فيه. والله أعلم.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} 1.
الثانية: تفسير {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} 2.
الثالثة: البداءة بلعنة من ذبح لغير الله.
الرابعة: لعن من لعن والديه، ومنه أن تلعن والدي الرجل فيلعن والديك.
الخامسة: لعن من آوى محدثا، وهو الرجل يحدث شيئا يجب فيه حق الله، فيلتجئ إلى من يجيره من ذلك.
السادسة: لعن من غير منار الأرض، وهي المراسيم التي تفرق بين حقك وحق جارك من الأرض فتغيرها بتقديم أو تأخير.
السابعة: الفرق بين لعن المعين ولعن أهل المعاصي على سبيل العموم.
الثامنة: هذه القصة العظيمة، وهي قصة الذباب.
التاسعة: كونه دخل النار بسبب ذلك الذباب الذي لم يقصده، بل فعله تخلصا من شرهم.
العاشرة: معرفة قدر الشرك في قلوب المؤمنين كيف صبر ذلك على القتل ولم يوافقهم على طلبتهم، مع كونهم لم يطلبوا إلا العمل الظاهر.
الحادية عشرة: أن الذي دخل النار مسلم ; لأنه لو كان كافرا لم يقل: "دخل النار في ذباب".
الثانية عشرة: فيه شاهد للحديث الصحيح: "الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك "3.
الثالثة عشرة: معرفة أن عمل القلب هو المقصود الأعظم حتى عند عبدة الأوثان.
1 سورة الأنعام آية: 162.
2 سورة الكوثر آية: 2.
3 رواه البخاري. كتاب الرقاق، باب الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك (5 / 2380) حديث رقم (6123) .
[التعليق:]
باب: ما جاء في الذبح لغير الله
أي أنه شرك، فإن نصوص الكتاب والسنة صريحة في الأمر بالذبح لله، وإخلاص ذلك لوجهه، كما هي صريحة بذلك في الصلاة، فقد قرن الله الذبح بالصلاة في عدة مواضع من كتابه.
وإذا ثبت أن الذبح لله من أجل العبادات وأكبر الطاعات، فالذبح لغير الله شرك أكبر مخرج عن دائرة الإسلام.
فإن حد الشرك الأكبر وتفسيره الذي يجمع أنواعه وأفراده: (أن يصرف العبد نوعا أو فردا من أفراد العبادة لغير الله) .
فكل اعتقاد أو قول أو عمل ثبت أنه مأمور به من الشارع فصرفه لله وحده توحيد وإيمان وإخلاص، وصرفه لغيره شرك وكفر.
فعليك بهذا الضابط للشرك الأكبر الذي لا يشذ عنه شيء.
كما أن حد الشرك الأصغر هو: (كل وسيلة وذريعة يتطرق منها إلى الشرك الأكبر من الإرادات والأقوال والأفعال التي لم تبلغ رتبة العبادة) .
فعليك بهذين الضابطين للشرك الأكبر والأصغر، فإنه مما يعينك على فهم الأبواب السابقة واللاحقة من هذا الكتاب، وبه يحصل لك الفرقان بين الأمور التي يكثر اشتباهها والله المستعان.