الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الخوف من الشرك
وقول الله (: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} 1.
وقال الخليل عليه السلام: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ} 2.
وفي الحديث: "أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسئل عنه فقال: الرياء" 3
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار" رواه البخاري 4.
ولمسلم عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار"5.
فيه مسائل:
الأولى: الخوف من الشرك.
الثانية: أن الرياء من الشرك.
الثالثة: أنه من الشرك الأصغر.
1 سورة النساء آية: 48.
2 سورة إبراهيم آية: 35.
3 رواه الإمام أحمد (المسند) 5 / 249 428. والبغوي في (شرح السنة) 14 / 323- 324 حديث رقم (4135) من طريقين عن محمود بن الربيع. قال المنذري (الترغيب والترهيب) 1 / 57: (رواه أحمد بإسناد جيد) . وقال ابن حجر في (بلوغ المرام) ص 302: (أخرجه أحمد بإسناد حسن. اهـ) .
4 رواه البخاري: كتاب التفسير باب قوله: ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا، (4 / 1636) حديث رقم (4227) .
5 رواه مسلم: كتاب الإيمان باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات مشركا دخل النار (1 / 94) حديث رقم (93) .
الرابعة: أنه أخوف ما يخاف منه على الصالحين.
الخامسة: قرب الجنة والنار.
السادسة: الجمع بين قربهما في حديث واحد.
السابعة: أنه من لقيه لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار، ولو كان من أعبد الناس.
الثامنة: المسألة العظيمة: سؤال الخليل له ولبنيه وقاية عبادة الأصنام.
التاسعة: اعتباره بحال الأكثر لقوله: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ} 1.
العاشرة: فيه تفسير (لا إله إلا الله) كما ذكره البخاري.
الحادية عشرة: فضيلة من سلم من الشرك.
[التعليق:]
باب: الخوف من الشرك
الشرك في توحيد الإلهية والعبادة ينافي التوحيد كل المنافاة. وهو نوعان: شرك أكبر جلي، وشرك أصغر خفي.
فأما الشرك الأكبر:
فهو أن يجعل لله ندا يدعوه كما يدعو الله، أو يخافه أو يرجوه أو يحبه كحب الله، أو يصرف له نوعا من أنواع العبادة، فهذا الشرك لا يبقى مع صاحبه من التوحيد شيء، وهذا المشرك الذي حرم الله عليه الجنة ومأواه النار.
ولا فرق في هذا بين أن يسمي تلك العبادة التي صرفها لغير الله عبادة، أو يسميها توسلا، أو يسميها بغير ذلك من الأسماء، فكل ذلك شرك أكبر ; لأن العبرة بحقائق الأشياء ومعانيها دون ألفاظها وعباراتها.
1 سورة إبراهيم آية: 36.
وأما الشرك الأصغر:
فهو جميع الأقوال والأفعال التي يتوسل بها إلى الشرك، كالغلو في المخلوق الذي لا يبلغ رتبة العبادة، وكالحلف بغير الله ويسير الرياء ونحو ذلك.
فإذا كان الشرك ينافي التوحيد، ويوجب دخول النار والخلود فيها، وحرمان الجنة إذا كان أكبر، ولا تتحقق السعادة إلا بالسلامة منه، كان حقا على العبد أن يخاف منه أعظم خوف، وأن يسعى في الفرار منه ومن طرقه ووسائله وأسبابه، ويسأل الله العافية منه كما فعل ذلك الأنبياء والأصفياء وخيار الخلق. وعلى العبد أن يجتهد في تنمية الإخلاص في قلبه وتقويته، وذلك بكمال التعلق بالله تألها، وإنابة وخوفا ورجاء وطمعا وقصدا لمرضاته وثوابه في كل ما يفعله العبد، وما يتركه من الأمور الظاهرة والباطنة، فإن الإخلاص بطبيعته يدفع الشرك الأكبر والأصغر، وكل من وقع منه نوع من الشرك فلضعف إخلاصه.