الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما جاء في قول الله تعالى
{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ
وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} 1
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء على إصبع، والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} 2"متفق عليه3.
وفي رواية لمسلم: "والجبال والشجر على إصبع، ثم يهزهن فيقول: أنا الملك، أنا الله "4.
وفي رواية للبخاري: "يجعل السماوات على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع" أخرجاه5.
1 سورة الزمر آية: 67.
2 البخاري: تفسير القرآن (4811) والتوحيد (7414 ،7415 ،7451 ،7513)، ومسلم: صفة القيامة والجنة والنار (2786)، والترمذي: تفسير القرآن (3238) ، وأحمد (1/378 ،1/429 ،1/457) .
3 رواه البخاري: كتاب التفسير، باب وما قدروا الله حق قدره (4 /1812) حديث رقم (4533) . ومسلم: كتاب صفات المنافقين، كتاب صفة القيامة والجنة والنار. (4 /2147) حديث رقم (2786) . وليس فيهما قوله:(الماء على إصبع، والثرى على إصبع) .
4 رواه مسلم: كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار (4 /2147) حديث رقم (2786) .
5 رواه البخاري: كتاب التفسير، باب وما قدروا الله حق قدره (4 /1812) حديث رقم (4533) . ومسلم: كتاب صفات المنافقين، كتاب صفة القيامة والجنة والنار. (4 /2147) حديث رقم (2786) .
ولمسلم عن ابن عمر مرفوعا: "يطوي الله السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين السبع ثم يأخذهن بشماله، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ "1.
وروي عن ابن عباس قال: "ما السماوات السبع والأرضون السبع في كف الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم"2.
وقال ابن جرير: حدثني يونس أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد: حدثني أبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس"3.
قال: وقال أبو ذر رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض"4.
1 رواه مسلم: كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار (4 /2148) حديث رقم (2788) .
2 رواه ابن جرير (التفسير) 24 /17 في تفسير قوله تعالى: (بل الله فاعبد وكن من الشاكرين وما قدروا الله حق قدره)، الآية من طريق معاذ بن هشام ثنى أبي عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس مثله. إلا أنه قال:(يد الله) مكان (كف الرحمن) . وفي إسناده (عمرو بن مالك) وهو الفكري أبو مالك ذكره ابن أبي حاتم (الجرح والتعديل) 6 /259 ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وقال ابن حبان (المجروحين) 3 /114 في ترجمة ابنه (يحيى بن عمرو بن مالك) : (.. فيكون هو وأبوه جميعا متروكين) . وقال ابن عدي في ترجمة (أبي الجوزاء) وهو أوس بن عبد الله الربعي: (حدث عنه عمرو بن مالك قدر عشرة أحاديث غير محفوظة) . (تهذيب التهذيب) 1 /384.
(تفسير ابن جرير) 3 /7-8 (وابن زيد) هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم. قال الذهبي (العلو) ص91: (هذا مرسل، وعبد الرحمن ضعيف) . اهـ.
4 ذكره ابن جرير- معلقا- (التفسير) 3 /8 بمثل لفظ المؤلف، وذكره الذهبي (العلو) ص89- 90 من طريق يحيى بن سعيد العبشمي حدثنا ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن أبي ذر قلت: يا رسول الله أي آية أعظم؟ قال: "آية الكرسي، ما السموات السبع في الكرسي ألا كحلقة ملقاة في أرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الغلاة على تلك الحلقة". وقال: (وأحسب العبشمي هو الأموي صدوق وإلا فهو آخر، والخبر منكر) . اهـ.
وعن ابن مسعود، قال:"بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام، وبين كل سماء وسماء خمسمائة عام، وبين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عام، وبين الكرسي والماء خمسمائة عام، والعرش فوق الماء، والله فوق العرش، لا يخفى عليه شيء من أعمالكم". أخرجه ابن مهدي عن حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن عبد الله، ورواه بنحوه المسعودي عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله. قاله الحافظ الذهبي - رحمه الله تعالى -، قال: وله طرق1.
وعن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل تدرون كم بين السماء والأرض؟ "قلنا: الله ورسوله أعلم، قال:"بينهما مسيرة خمسمائة سنة، ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة، وكثف كل سماء مسيرة خمسمائة سنة، وبين السماء السابعة والعرش بحر، بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض، والله سبحانه وتعالى فوق ذلك، وليس يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم" أخرجه أبو داود وغيره
1 قول الذهبي في (العلو) ص 39 لكنه قال: (والكرسي فوق الماء والله فوق الكرسي) . ولم يذكر العرش. والحديث رواه ابن خزيمة (كتاب التوحيد) ص 105 و 106 (باب ذكر استواء خالقنا العلي الأعلى) . ورواه في موضع آخر ص 376-377 (باب ذكر موضع عرش الله عز وجل قبل خلق السموات) . ورواه الذهبي (العلو) ص 39. وصحح إسناده في موضع آخر من (العلو) ص 64. وصحح إسناده- أيضا- ابن القيم (اجتماع الجيوش الإسلامية) ص 100.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير قوله تعالى: {وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} 1.
الثانية: أن هذه العلوم وأمثالها باقية عند اليهود الذين في زمنه صلى الله عليه وسلم ولم ينكروها ولم يتأولوها.
الثالثة: أن الحبر لما ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم صدقه، ونزل القرآن بتقرير ذلك.
الرابعة: وقوع الضحك منه صلى الله عليه وسلم لما ذكر الحبر هذا العلم العظيم.
الخامسة: التصريح بذكر اليدين، وأن السماوات في اليد اليمنى والأرضين في الأخرى.
السادسة: التصريح بتسميتها الشمال.
السابعة: ذكر الجبارين والمتكبرين عند ذلك.
الثامنة: قوله: "كخردلة في كف أحدكم ".
التاسعة: عظم الكرسي بالنسبة إلى السماوات.
العاشرة: عظمة العرش بالنسبة إلى الكرسي.
الحادية عشرة: أن العرش غير الكرسي والماء.
الثانية عشرة: كم بين كل سماء إلى سماء؟.
الثالثة عشرة: كم بين السماء السابعة والكرسي؟
الرابعة عشرة: كم بين الكرسي والماء؟
الخامسة عشرة: أن العرش فوق الماء.
السادسة عشرة: أن الله فوق العرش.
السابعة عشرة: كم بين السماء والأرض؟
الثامنة عشرة: كثف كل سماء خمسمائة سنة.
التاسعة عشرة: أن البحر الذي فوق السماوات بين أعلاه وأسفله [مسيرة] خمسمائة سنة، والله سبحانه وتعالى أعلم.
1 سورة الزمر آية: 67.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[التعليق:]
باب: قول الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} 1.
ختم المصنف - رحمه الله تعالى - كتابه بهذه الترجمة. وذكر النصوص الدالة على عظمة الرب العظيم وكبريائه، ومجده وجلاله وخضوع المخلوقات بأسرها لعزه ; لأن هذه النعوت العظيمة والأوصاف الكاملة أكبر الأدلة والبراهين على أنه المعبود وحده، المحمود وحده، الذي يجب أن يذل له غاية الذل والتعظيم وغاية الحب والتأله، وأنه الحق وما سواه باطل، وهذه حقيقة التوحيد ولبه وروحه، وسر الإخلاص.
فنسأل الله أن يملأ قلوبنا من معرفته ومحبته والإنابة إليه، إنه جواد كريم، وهذا آخر التعليق المختصر على كتاب التوحيد وتوضيح مقاصده، وقد حوى من غرر مسائل التوحيد، ومن التقاسيم والتفصيلات النافعة ما لا يستغني عنه الراغبون في هذا الفن الذي هو أصل الأصول، وبه تقوم العلوم كلها. والحمد لله على تيسيره ومنته.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
1 سورة الزمر آية: 67.