الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما جاء في منكري القدر
وقال ابن عمر: والذي نفس ابن عمر بيده، لو كان لأحدهم مثل أحد ذهبا، ثم أنفقه في سبيل الله ما قبله الله منه، حتى يؤمن بالقدر. ثم استدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم:"الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره" رواه مسلم1.
وعن عبادة بن الصامت: أنه قال لابنه: يا بني، إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، فقال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة" يا بني، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من مات على غير هذا فليس مني"2.
وفي رواية لأحمد: "إن أول ما خلق الله تعالى القلم، فقال له: اكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة"3. وفي رواية لابن وهب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره أحرقه الله بالنار"4.
1 رواه مسلم: كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله
…
(1 /36، 38) حديث رقم (8) . جزء من حديث جبريل المشهور وهو في صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب وأبي هريرة رضي الله عنهما.
2 رواه باللفظ المذكور أبو داود في (السنن) 5 /76 (كتاب السنة)(باب في القدر) حديث رقم (4700) . سكت عنه أبو داود ثم المنذري في (مختصر سنن أبي داود) 7 /69 وله طرق كثيرة يصح بها. انظر (السنة) لابن أبي عاصم 1 /48-49.
(المسند) 5 / 317 من حديث عبادة بن الصامت.
(القدر) لابن وهب ص 121 حديث رقم (26) من طريق عمر بن محمد أن سليمان بن مهران حدثه قال: قال عبادة بن الصامت الحديث. وإسناده منقطع بين (سليمان بن مهران) وهو الأعمش، وكان مولده أول إحدى وستين. (تهذيب التهذيب) 4 /223 وبين (عبادة بن الصامت) وقد توفي سنة أربع وثلاثين (التقريب) ص 292.
وفي المسند والسنن عن ابن الديلمي، قال: أتيت أبي بن كعب، فقلت له: في نفسي شيء من القدر، فحدثني بشيء، لعل الله يذهبه من قلبي، فقال:"لو أنفقت مثل أحد ذهبا ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا لكنت من أهل النار". قال: فأتيت عبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وزيد بن ثابت، فكلهم حدثني بمثل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح، رواه الحاكم في صحيحه1.
فيه مسائل:
الأولى: بيان فرض الإيمان بالقدر.
الثانية: بيان كيفية الإيمان به.
الثالثة: إحباط عمل من لم يؤمن به.
الرابعة: الإخبار بأن أحدا لا يجد طعم الإيمان حتى يؤمن به.
الخامسة: ذكر أول ما خلق الله.
السادسة: أنه جرى بالمقادير في تلك الساعة إلى قيام الساعة.
السابعة: براءته صلى الله عليه وسلم ممن لم يؤمن به.
الثامنة: عادة السلف في إزالة الشبهة بسؤال العلماء.
التاسعة: أن العلماء أجابوه بما يزيل شبهته، وذلك أنهم نسبوا الكلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط.
1 رواه أبو داود (السنن) 5 /75 (كتاب السنة)(باب في القدر) حديث رقم (4699) . وابن ماجه (السنن) 1 /29-30 (المقدمة)(باب في القدر) حديث رقم (77) . والإمام أحمد (المسند) 5 /82. ولم أقف عليه في (المستدرك) للحاكم ولعله أراد ابن حبان في (صحيحه) (موارد الظمآن) ص450 حديث رقم (1817) . قال المنذري في (مختصر السنن) 7 /69: (وفي إسناده سعيد بن سنان الشيباني، وثقه يحيى بن معين وغيره، وتكلم الإمام أحمد وغيره) . وقال فيه ابن حجر في (تقريب التهذيب) 1 /298: (صدوق له أوهام) . وصححه الألباني في تخريج (السنة) لابن أبي عاصم 1 /109.
[التعليق:]
باب: ما جاء في منكري القدر
قد ثبت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة: أن الإيمان بالقدر أحد أركان الإيمان، وأنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فمن لم يؤمن بهذا فإنه ما آمن بالله حقيقة.
فعلينا أن نؤمن بجميع مراتب القدر: فنؤمن أن الله بكل شيء عليم، وأنه كتب في اللوح المحفوظ جميع ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، وأن الأمور كلها بخلقه وقدرته وتدبيره.
ومن تمام الإيمان بالقدر: العلم بأن الله لم يجبر العباد على خلاف ما يريدون، بل جعلهم مختارين لطاعتهم ومعاصيهم.