الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: قول الله تعالى: {حتى إذا فزع عن قلوبهم قالو ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير}
…
باب قول الله تعالى:
وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك، {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} فيسمعها مسترق السمع، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض- وصفه سفيان بكفه، فحرفها وبدد بين أصابعه- فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها، الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبة، فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا؟ فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء"2.
وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله تعالى أن يوحي بالأمر، وتكلم بالوحي أخذت السماوات منه رجفة، - أو قال: رعدة - شديدة خوفا من الله (، فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعقوا وخروا لله سجدا، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل، فيكلمه الله من وحيه بما أراد، ثم يمر جبريل على الملائكة، كلما مر بسماء سأله ملائكتها: ماذا قال ربنا
1 سورة سبأ آية: 23.
2 رواه البخاري: كتاب التفسير تفسير سورة سبأ باب: (حتى إذا فزع عن قلوبهم)(4 / 1804) حديث رقم (4522) .
يا جبريل؟ فيقول جبريل: قال: الحق، وهو العلي الكبير. فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل، فينتهي جبريل بالوحي إلى حيث أمره الله " 1.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير الآية.
الثانية: ما فيها من الحجة على إبطال الشرك، خصوصا من تعلق على الصالحين، وهي الآية التي قيل: إنها تقطع عروق شجرة الشرك من القلب.
الثالثة: تفسير قوله: {قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} 2.
الرابعة: سبب سؤالهم عن ذلك.
الخامسة: أن جبريل يجيبهم بعد ذلك بقوله:"قال كذا وكذا".
السادسة: ذكر أن أول من يرفع رأسه جبريل.
السابعة: أنه يقول لأهل السماوات كلهم؛ لأنهم يسألونه.
الثامنة: أن الغشي يعم أهل السماوات كلهم.
التاسعة: ارتجاف السماوات لكلام الله.
العاشرة: أن جبريل هو الذي ينتهي بالوحي إلى حيث أمره الله.
الحادية عشرة: ذكر استراق الشياطين.
الثانية عشرة: صفة ركوب بعضهم بعضا.
1 رواه ابن أبي عاصم (السنة) 1 / 226-227 حديث رقم (515) من طريق نعيم بن حماد ثنا الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن عبد الله ابن أبي زكريا عن رجاء بن حيوة عن النواس بن سمعان الكلابي
…
الحديث بنحوه وإسناده ضعيف لأجل الوليد بن مسلم. قال ابن حجر (تقريب التهذيب) 2 / 336: (ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية) . ونص بعض العلماء على أنه ليس لهذا الحديث أصل قال الذهبي (الميزان) 4 / 268: (قال أبو زرعة الدمشقي: عرضت على دحيم حديثا حدثناه نعيم بن حماد عن الوليد بن مسلم عن ابن جابر عن ابن أبي زكريا عن رجاء بن حيوة عن النواس بن سمعان: إذا تكلم الله بالوحي. فقال دحيم: لا أصل له) . اهـ.
2 سورة سبأ آية: 23.
الثالثة عشرة: إرسال الشهب.
الرابعة عشرة: أنه تارة يدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وتارة يلقيها في أذن وليه من الإنس قبل أن يدركه.
الخامسة عشرة: كون الكاهن يصدق بعض الأحيان.
السادسة عشرة: كونه يكذب معها مائة كذبة.
السابعة عشرة: أنه لم يصدق كذبه إلا بتلك الكلمة التي سمعت من السماء.
الثامنة عشرة: قبول النفوس للباطل كيف يتعلقون بواحدة ولا يعتبرون بمائة؟.
التاسعة عشرة: كونهم يتلقى بعضهم من بعض تلك الكلمة ويحفظونها ويستدلون بها.
العشرون: إثبات الصفات خلافا للأشعرية المعطلة.
الحادية والعشرون: التصريح بأن تلك الرجفة والغشي خوفا من الله (.
الثانية والعشرون: أنهم يخرون لله سجدا.
[التعليق:]
باب: قول الله تعالى:
{حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} 1.
وهذا أيضا برهان عظيم آخر على وجوب التوحيد وبطلان الشرك، وهو ذكر النصوص الدالة على كبرياء الرب وعظمته التي تتضاءل وتضمحل عندها عظمة المخلوقات العظيمة، وتخضع له الملائكة والعالم العلوي والسفلي، ولا تثبت أفئدتهم عندما يسمعون كلامه، أو تتبدى لهم بعض عظمته ومجده، فالمخلوقات بأسرها خاضعة لجلاله، معترفة بعظمته ومجده خاضعة له خائفة منه، فمن كان
1 سورة سبأ آية: 23.
هذا شأنه فهو الرب الذي لا يستحق العبادة والحمد والثناء والشكر والتعظيم والتأله إلا هو، ومن سواه ليس له من هذا الحق شيء.
فكما أن الكمال المطلق والكبرياء والعظمة ونعوت الجلال والجمال المطلق كلها لله لا يمكن أن يتصف بها غيره، فكذلك العبودية الظاهرة والباطنة كلها حقه تعالى الخاص الذي لا يشاركه فيه مشارك بوجه.