الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: ما جاء في "لو
"
…
باب ما جاء في اللَّوْ
وقول الله تعالى: {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} 1.
وقوله: {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} 2.
في الصحيح عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجزن، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا. ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان3".
فيه مسائل:
الأولى: تفسير الآيتين في آل عمران.
الثانية: النهي الصريح عن قول: "لو" إذا أصابك شيء.
الثالثة: تعليل المسألة بأن ذلك يفتح عمل الشيطان.
الرابعة: الإرشاد إلى الكلام الحسن.
الخامسة: الأمر بالحرص على ما ينفع، مع الاستعانة بالله.
السادسة: النهي عن ضد ذلك وهو العجز.
[التعليق:]
باب: ما جاء في اللَّوْ
اعلم أن استعمال العبد للفظة: "لو" تقع على قسمين: مذموم ومحمود
1 سورة آل عمران آية: 154.
2 سورة آل عمران آية: 168.
3 رواه مسلم: كتاب القدر باب في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله وتفويض المقادير لله (4 /2052) حديث رقم (2664) . وأوله: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، أحرص".
أما المذموم فأن يقع منه أو عليه أمر لا يحبه فيقول: لو أني فعلت كذا لكان كذا، فهذا من عمل الشيطان؛ لأن فيه محذورين:
أحدهما: أنها تفتح عليه باب الندم والسخط والحزن الذي ينبغي له إغلاقه، وليس فيها نفع.
الثاني: أن في ذلك سوء أدب على الله وعلى قدره، فإن الأمور كلها والحوادث دقيقها وجليلها بقضاء الله وقدره، وما وقع من الأمور فلا بد من وقوعه، ولا يمكن رده، فكان في قوله: لو كان كذا أو لو فعلت كذا كان كذا، نوع اعتراض ونوع ضعف إيمان بقضاء الله وقدره. ولا ريب أن هذين الأمرين المحذورين لا يتم للعبد إيمان ولا توحيد إلا بتركهما.
وأما المحمود من ذلك فأن يقولها العبد تمنيا للخير. كقوله صلى الله عليه وسلم: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولأهللت بالعمرة"1.
وقوله في الرجل المتمني للخير: "لو أن لي مثل مال فلان، لعملت فيه مثل عمل فلان"2.
و"لو صبر أخي موسى لقص الله علينا من نبأهما"3 أي في قصته مع الخضر.
1 رواه البخاري، كتاب الحج، باب تقضي الحائض المنسك كلها إلا الطواف بالبيت (2 /594- 595) حديث رقم (1568) . ومسلم: كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام (2 /883- 884) حديث رقم (1216) . وهو جزء من حديث طويل عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
2 رواه الترمذي (السنن) 4 /562 (كتاب الزهد)(باب ما جاء مثل الدنيا مثل أربعة نفر) حديث (2325) وقال: (حسن صحيح) . اهـ.
3 رواه البخاري: كتاب الأنبياء باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام (3 /1246- 1248) رقم (3220) . ومسلم: كتاب الفضائل، باب فضائل الخضر عليه السلام (4 /1850-1852) حديث رقم (2380) وهو جزء من حديث طويل عن أبي بن كعب رضي الله عنه.
وكما أن (لو) إذا قالها متمنيا للخير فهو محمود.
فإذا قالها متمنيا للشر فهو مذموم. فاستعمال (لو) تكون بحسب الحال الحامل عليها.
إن حمل عليها الضجر والحزن وضعف الإيمان بالقضاء والقدر أو تمنى الشر كان مذموما.
وإن حمل عليها الرغبة في الخير والإرشاد والتعليم كان محمودا، ولهذا جعل المصنف الترجمة محتملة للأمرين.