الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب قول الله تعالى
{وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}
1 الآية.
ذكر ابن أبي حاتم2 عن ابن عباس: {يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} 3 يشركون.
وعنه: "سموا اللات من الإله، والعزى من العزيز".
وعن الأعمش: "يدخلون فيها ما ليس منها".
فيه مسائل:
الأولى: إثبات الأسماء.
الثانية: كونها حسنى.
الثالثة: الأمر بدعائه بها.
الرابعة: ترك من عارض من الجاهلين الملحدين.
الخامسة: تفسير الإلحاد فيها.
السادسة: وعيد من ألحد.
[التعليق:]
باب:
قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} 4 إلى آخر الآية
أصل التوحيد إثبات ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله من الأسماء الحسنى، ومعرفة ما احتوت عليه من المعاني الجليلة، والمعارف الجميلة، والتعبد لله بها ودعاؤه بها.
1 سورة الأعراف آية: 180.
(الدر المنثور) 3 /149 وفيه (واللات من الله
…
) .
3 سورة الأعراف آية: 180.
4 سورة الأعراف آية: 180.
فكل مطلب يطلبه العبد من ربه من أمور دينه ودنياه. فليتوسل إليه باسم مناسب له من أسماء الله الحسنى، فمن دعاه لحصول رزق فليسأله باسمه الرزاق، ولحصول رحمة ومغفرة فباسمه الرحيم الرحمن البر الكريم العفو الغفور التواب ونحو ذلك.
وأفضل من ذلك أن يدعوه بأسمائه وصفاته دعاء العبادة، وذلك باستحضار معاني الأسماء الحسنى وتحصيلها في القلوب حتى تتأثر القلوب بآثارها ومقتضياتها، وتمتلئ بأجل المعارف.
فمثلا أسماء العظمة والكبرياء والمجد والجلال والهيبة تملأ القلوب تعظيما لله وإجلالا له.
وأسماء الجمال والبر والإحسان والرحمة والجود تملأ القلب محبة لله وشوقا له وحمدا له وشكرا.
وأسماء العز والحكمة والعلم والقدرة تملأ القلب خضوعا لله وخشوعا وانكسارا بين يديه.
وأسماء العلم والخبرة والإحاطة والمراقبة والمشاهدة تملأ القلب مراقبة لله في الحركات والسكنات، وحراسة للخواطر عن الأفكار الردية والإرادات الفاسدة.
وأسماء الغنى واللطف تملأ القلب افتقارا واضطرارا إليه، والتفاتا إليه كل وقت، في كل حال.
فهذه المعارف التي تحصل للقلوب بسبب معرفة العبد بأسمائه وصفاته، وتعبده بها لله لا يحصل العبد في الدنيا أجل ولا أفضل ولا أكمل منها، وهي أفضل العطايا من الله لعبده، وهي روح التوحيد وروحه.
ومن انفتح له هذا الباب انفتح له باب التوحيد الخالص، والإيمان الكامل الذي لا يحصل إلا لِلْكُمَّل من الموحدين.
وإثبات الأسماء والصفات هو الأصل لهذا المطلب الأعلى.
وأما الإلحاد في أسماء الله وصفاته فإنه ينافي هذا المقصد العظيم أعظم منافاة.
والإلحاد أنواع:
إما أن ينفي الملحد معانيها كما تفعله الجهمية ومن تبعهم.
وإما بتشبيهها بصفات المخلوقين كما يفعله المشبهة من الرافضة وغيرهم.
وإما بتسمية المخلوقين بها كما يفعله المشركون حيث سموا اللات من الإله، والعزى من العزيز، ومناة من المنان، فاشتقوا لها من أسماء الله الحسنى، فشبهوها بالله ثم جعلوا لها من حقوق العبادة ما هو من حقوق الله الخاصة.
فحقيقة الإلحاد في أسماء الله: هو الميل بها عن مقصودها لفظا أو معنى، تصريحا أو تأويلا أو تحريفا، وكل ذلك مناف للتوحيد والإيمان.