الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بلب: قول الله تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادآ يحبونهم كحب الله}
…
باب
قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} 1
وقوله: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} 2 عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين" أخرجاه3.
ولهما عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار"4. وفي رواية: "لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى يحب المرء لا يحبه إلا لله"إلى آخره5.
1 سورة البقرة آية: 165.
2 سورة التوبة آية: 24.
3 رواه البخاري: كتاب الإيمان باب حب الرسول (من الإيمان (1 /14) حديث رقم (15) . ومسلم: كتاب الإيمان باب وجوب محبة رسول الله (أكثر من الأهل والولد والوالد والناس أجمعين (1 /67) حديث رقم (44) .
4 رواه البخاري: كتاب الإيمان، باب حلاوة الإيمان (1 /14) حديث رقم (16) . ومسلم: كتاب الإيمان باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان (1 /66) حديث رقم (43) .
5 رواه البخاري: كتاب الأدب باب الحب في الله (5 /2246) حديث رقم (5694) . وتمامه: "وحتى أن يقذف في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله، وحتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما".
وعن ابن عباس قال: "من أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك، ولن يجد عبد طعم الإيمان- وإن كثرت صلاته وصومه- حتى يكون كذلك. وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يجدي على أهله شيئا" رواه ابن جرير1. وقال ابن عباس في قوله: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} 2 قال: المودة3.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية البقرة.
الثانية: تفسير آية براءة.
الثالثه: وجوب [تقديم] محبته صلى الله عليه وسلم على النفس والأهل والمال.
الرابعة: أن نفي الإيمان لا يدل على الخروج من الإسلام.
الخامسة: أن للإيمان حلاوة قد يجدها الإنسان وقد لا يجدها.
السادسة: أعمال القلب الأربع التي لا تنال ولاية الله إلا بها، ولا يجد أحد طعم الإيمان إلا بها.
السابعة: فهم الصحابي للواقع: أن عامة المؤاخاة على أمر الدنيا.
الثامنة: تفسير: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} 4.
التاسعة: أن من المشركين من يحب الله حبا شديدا.
العاشرة: الوعيد على من كان الثمانية أحب إليه من دينه5.
1 لم أقف عليه من قول ابن عباس عند ابن جرير، ووقفت عليه عند ابن المبارك (الزهد) ص 121 حديث رقم (353) (باب جليس الصدق) . وفي إسناده (ليث) وهو ابن أبي سليم. قال ابن حجر (تقريب التهذيب) 2 /138:(صدوق اختلط أخيرا ولم يتميز حديثه فترك) . اهـ.
2 سورة البقرة آية: 166.
3 رواه ابن جرير (جامع البيان عن تأويل آي القرآن) 2 /43 من طريق محمد بن عمرو ثنا أبو عاصم عن عيسى قال أخبرني قيس بن سعد عن عطاء عن ابن عباس قوله.
4 سورة البقرة آية: 166.
5 وهي الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة والأموال والتجارة والمساكن.
الحادية عشرة: أن من اتخذ ندا تساوي محبته محبة الله فهو الشرك الأكبر.
[التعليق:]
باب:
قول الله تعالى: ? {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} 1.
أصل التوحيد وروحه: إخلاص المحبة لله وحده، وهي أصل التأله والتعبد له، بل هي حقيقة العبادة، ولا يتم التوحيد حتى تكمل محبة العبد لربه، وتسبق محبته جميع المحاب وتغلبها، ويكون لها الحكم عليها بحيث تكون سائر محاب العبد تبعا لهذه المحبة التي بها سعادة العبد وفلاحه. ومن تفريعها وتكميلها الحب في الله، فيحب العبد ما يحبه الله من الأعمال والأشخاص، ويبغض ما يبغضه الله من الأشخاص والأعمال، ويوالي أولياءه ويعادي أعداءه، وبذلك يكمل إيمان العبد وتوحيده.
أما اتخاذ أنداد من الخلق يحبهم كحب الله، ويقدم طاعتهم على طاعة الله، ويلهج بذكرهم ودعائهم فهذا هو الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله، وصاحب هذا الشرك قد انقطع قلبه من ولاية العزيز الحميد، وتعلق بغيره ممن لا يملك له شيئا، وهذا السبب الواهي الذي تعلق به المشركون سينقطع يوم القيامة أحوج ما يكون العبد لعمله، وستنقلب هذه المودة والموالاة بغضا وعداوة.
واعلم أن أنواع المحبة ثلاثة أقسام:
الأول: محبة الله التي هي أصل الإيمان والتوحيد.
الثاني: المحبة في الله وهي محبة أنبياء الله ورسله وأتباعهم، ومحبة ما يحبه الله من الأعمال والأزمنة والأمكنة وغيرهم، وهذه تابعة لمحبة الله ومكملة لها.
الثالث: محبة مع الله وهي محبة المشركين لآلهتهم وأندادهم من شجر وحجر وبشر وملك، وغيرها، وهي أصل الشرك وأساسه.