الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب وجوه دفع العلل
لما فرغ من بيان نفس القياس وشرطه وركنه وحكمه شرع في بيان دفعه، إذ بالعجز عن الدفع يتم القياس كما في صورة دعوى المدعى إذا عجز المدعى عليه عن دفع دعواه حينئذ تم دعوى المدعي.
اعلم أن الاعتراض بفساد الوضع على العلل المؤثر باطل، لأن التأثير لا يثبت إلا بدليل مجمع عليه فبعد ذلك دعواه أن الوصف يأبى هذا الحكم لا يتصور ذلك، لأن الكتاب أو السنة أو الإجماع لا يوضع في الفاسد.
(وأما عدم العلة وقيام الحكم ف لا باس به لاحتمال علة أخرى)، لأن ثبوته بعلة لا ينافي كونه ثابتًا بعلة أخرى.
ألا ترى أن الحكم يجوز أن يثبت بشهادة الشاهدين ويجوز أن يثبت بشهادة أربعة، حتى إذا رجع اثنان قبل القضاء يبقى القضاء واجبًا بشهادة الباقين، وهذا لأن العلة لم توضع لإبطال علة أخرى بل لإيجاب الحكم بها ومع كونه واجبًا بها يجوز الوجود بغيرها، ف إذا عدمت هذه يجوز أن يوجد غيرها فيثبت به الحكم.
(وأما الفرق فإنما فسد لوجوه ثلاث) وأولي الوجوه في هذا ما ذكره الإمام المحقق شمس الأئمة- رحمه الله بقوله: أحدها- أن شرط صحة
القياس تعدية الحكم إلى الفروع بتعليل الأصل ببعض أوصافه لا بجميع أوصافه، وقد بينا فساد ذلك، لأنه متى كان التعليل بجميع أوصاف الأصل لا يكون ذلك مقايسة.
يعني حينئذ يكون هو عين الأصل، لأن جميع أوصاف الأصل لا يوجد إلا في الأصل، ولما كان كذلك كان ذكر الفرق بين الأصل والفرع بذكر وصف آخر لا يوجد ذلك ف ي الفرع راجعًا إلى بيان صحة المقايسة لا اعتراضًا على العلة، لأن اندفاع الفرع عن كونه عين الأصل إنما يحصل به فحينئذ تصح المقايسة.
(فلان لا يصلح دليلًا عن مقابلة الحجة أولى).
بيان هذا أنه إذا لم يثبت حجةً على كون الوصف علة لا يصلح قول الخصم: "لا علة دليلًا" فلأن لا يصلح قوله: (لا علة دليلا) إذا قامت الحجة على كون الوصف علة أولى.