الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الممانعة
(وهي أساس النظر) أي الممانعة أساس النظر، لأن المجيب مدع والسائل مدعى عليه فسبيله الإنكار، والأصل في الإنكار الممانعة فلا ينبغي له أن يجاوز إلى غيره إلا عند الضرورة، ولأن عوار المعلل في تعليله إنما يتبين بالممانعة، وبها يظهر المدعي من المنكر والملزم من الدافع، فيلزم أن تكون
حجة أحدهما غير حجة الآخر وذلك إنما يكون بالتمسك بالممانعة، فلذلك كانت هي أساس النظر.
(مثل قول الشافعي في النكاح: إنه ليس بمال) إلى آخره، وهذا النوع لا يصلح حجة، لإيجاب الحكم عندنا على ما بينا، فترك الممانعة فيه يكون قبولًا من الخصم لما لا يكون حجة أصلًا وذلك دليل الجهل، فكانت الممانعة في نفس الحجة دليل المفاقهة.
(مثل قولنا) أي مثل قول أبي حنيفة ومحمد- رضى الله عنهما- (في إيداع الصبي إنه مسلط على الاستهلاك) فيقول: المانع وهو أبو يوسف رحمه الله سلمنا أن كونه مسلطًا مسقط للضمان، ولكن لا نسلم أن إيداع الصبي تسليط.
(وأما الممانعة في الشروط) فنقول: لم قلت: إن شرط القياس موجود فيما قست؟
(وإنما يعتبر الإنكار معنى لا صورةً مثل قولنا في المودع يدعي الرد إن القول قوله وهو مدع صورةِ) ولكنه منكر للضمان معني، ولهذا كان القول
قوله مع اليمين.
والبكر إذا قالت: بلغني النكاح فرددت، وقال الزوج: بل سكت فالقول قولها عندنا، وهي في الصورة تدعي الرد ولكنها تنكر ثبوت ملك النكاح عليها في المعنى ف كانت منكرة لا مدعية.
وإذا ثبت هذا فنقول: هذه الوجوه من الممانعة تكون إنكارا من السائل فلا حاجة إلى إثبات إنكاره بالحجة واشتغاله بذلك كان اشتغالا بما لا يفيد.
وقوله: إن الحكم في الأصل ما تعلق بهذا الوصف فقط، بل به وبقرينة أخرى يكون إنكارًا صحيحًا من حيث المعني وإن كان دعوى من حيث الصورة، لأن الحكم المتعلق ب علة ذات وصفين لا يثبت بوجود أحد الوصفين وذلك نحو ما يعلل به الشافعي في اليمين المعقود على أمر في المستقبل، لأنها يمين بالله مقصودة فيتعدى الحكم بهذا الوصف إلى الغموس.
فإنا نقول: الحكم في الأصل ثبت بهذا الوصف مع قرينة وهي توهم البر فيها فيكون هذا منعا ل ما ادعاه الخصم، والخصم هو المحتاج إلى إثبات دعواه بالحجة.
فأما قول السائل: ليس المعني في الأصل ما قلت، وإنما المعنى فيه كذا هو إنكار صورة لكنه دعوى من حيث المعنى وهي دعوى غير مفيدة في موضع
النزاع، لأنه لا يمكنه أن يقول في موضع النزاع لتقرير ذلك المعني سوى أن هذا المعنى معدوم في موضع النزاع، وعدم العلة المعينة لا يوجب عدم الحكم، والله أعلم.