الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب بيان سببه
أي سببُ الإجماع (الداعي والناقل)،فالداعي: هو السببُ للانعقاد، والناقلُ: هو السببُ للإظهار (فيصلح أن يكون من أخبار الآحاد والقياس)، وفائدتهُ تخصصيهما في السببية دون الكتاب والمتواتر من السنة وإن كانا يصلحان للسببية أيضًا لانعقاد الإجماع. لما أن ثمرة الإجماع وهى إثباتُ العلم والعمل بالإجماع إنما تظهر في حقهماَ لا في الكتاب والمتواتر من السنة؛ لأن كلًا منهما موجبٌ للعلم بدون انضمام الإجماع إليه.
(لصار الإجماعُ لغوا)؛ لأنه حينئذ يضاف الحكمُ إلى ذلك الشيء الذي يوجب علم اليقين لا إلى الإجماع، فكان ذلك الإجماعُ بمنزلة الإجماع وقت حياة النبي عليه السلام، فإنه لا اعتبار لذلك الإجماع لكونه ضائعًا، إذ الاعتبار لقول النبي عليه السلام لا للإجماع.
روى الإمام المحقق مولانا حميد الدين عن الإمام العلامة مولانا شمس الدين الكردي -رحمهما الله- فإنه قال: الإجماعُ جائزٌ بدون أن يكون ذلك مبنيًا على خبر الواحد أو القياس؛ لأن ذلك ثبت كرامةً للأمة، وإدامةً للحجة، وصيانةً للدين المستقيم، فيجوز أن يخلق اللهِ تعالى في قلوب الأمة كلِّهم شيئًا يجتمعون عليه، كما قال عليه السلام:"ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن".
قوله: (وأما السبب الناقل إلينا) فهو إسنادٌ مجازى؛ لأنه أراد به الإجماعَ الثابتَ الذي كان هو داعيًا إلى النقل فيكون هو بمنزلة الناقل حكمًا؛ لأن الشيء يضافُ إلى الشيء بأدنى ملابسةٍ ووصلةٍ بينهما، والداعي إلى
النقل في الحقيقة ظهورُ الحكم الشرعي في الخلف كما كان في السلف غيرَ أن النقلً أنما يتحقق به وينفعل فيه فأضيف إليه، فكان فيه إضافةُ الشيء إلى المحل، فكان نقلُ إجماع السلف إلينا بمنزلة نقل السنة فكما كان في نقل السنة نقلٌ بطريقة التواتر والآحاد فكذلك في نقل إجماعُ السلف، فكما أن السنةَ في أصلها موجبةٌ للعلم والعمل ثم عند شبهة عدم الاتصال في النقل كانت موجبةً للعلم دون العمل، فكذلك في نقل إجماع الصحابة رضي الله عنهم فإن إجماع َ الصحابة في أصله موجبٌ للعلم والعمل، وعند شبهة عدم اتصال النقل إذا اتصل إلينا بالأفراد كان موجبًا للعمل دون العلم.
(عَبيدة) -بفتح العين وكسر الباء- (السلَماني) -بفتح اللام-
(وعلى تحريم نكاح الأخت في عدة الأخت)، وعند الشافعي يجوز نكاحُ الأخت إذا كانت العدةَ عن طلاقٍ بائنٍ أو ثلاثٍ.
وأما في عدة الطلاق الرجعي فلا يجوز الاتفاق فكان المراد من العدة هنا العدةَ عن طلاقٍ بائنٍ لتظهر فائدةُ الخلاف.
(وكما روي في تأكيد المهر بالخلوة) وعند الشافعي لا يتأكد المهر بالخلوة.
(ومن الفقهاء من أبى النقلَ بالآحاد في هذا الباب) أي أبى نقلَ إجماع السلف بالآحاد، فقال: لأن الإجماعَ يوجبُ العلم قطعًا، وخبرُ الواحد لا يوجب ذلك، وهذا خطأٌ بينٌ، فإن قول رسول الله عليه السلام موجبٌ للعلم أيضًا، ثم يجوز أن يثبتَ ذلك بطريقة الآحاد على أن يكون موجبًا العملَ دون العلم. كذا قاله الأمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله.
ومن أنكر الإجماع فقد أبطل دينه كما أن من أنكر خبرَ الرسول عليه السلام في أصله فقد أبطل دينه؛ لأن القرآنَ إنما ثبت بالإجماع. كذا قاله في
"الميزان" والله أعلم.