الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اشترط هذا الشرط " أبو علي الجُبّائي " من المعتزلة، ومعنى ذلك أن رواية الواحد عنده ضعيفة، وينسب أهل المصطلح هذا الرأي للحاكم ـ رحمه الله تعالى ـ، وعندي أن هذه النسبة غير صحيحة، فالحاكم لا يقول بهذا الرأي أبداً، بدليل أنه صحح أحاديث في مستدركه هي غرائب ـ أي هي رواية واحد ـ، وقد صحح حديث (إنما الأعمال بالنيات.......الحديث) . وصحح حديث (كلمتان خفيفتان على اللسان........... الحديث) وهو فرد.
إذاً لماذا نسب هذا الرأي للحاكم ـ رحمه الله تعالى ـ؟
لما كان الحاكم ـ رحمه الله تعالى ـ يتكلم عن شرط البخاري ـ رحمه الله تعالى ـ قال: " إن شرط البخاري في الحديث الصحيح أن يكون الحديث عنده عزيزاً " فظن بعض أهل المصطلح أنه يتكلم عن شرط الحديث الصحيح، وهذا غير صحيح، إذاً ليس هناك أحد يشترط هذا الشرط إلا من كان يردّ الحديث الفرد مطلقاً، وسيأتي الكلام عليه ـ إن شاء الله ـ.
مثال للحديث العزيز:
أهل المصطلح يمثلون بحديث: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين) .
قالوا إنه رواه صحابيان: أنس، وأبو هريرة رضي الله عنهما.
ورواه عن أنس اثنان: قتادة، وعبد العزيز بن صهيب.
ورواه عن قتادة اثنان: شعبة وسعيد بن أبي عروبة.
ورواه عن عبد العزيز بن صهيب اثنان: إسماعيل بن عُليّة، وعبد الوارث.
(الحديث المشهور)
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ:
..........................
…
مشهور مروي فوق ما ثلاثة
انتقل المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ إلى القسم العاشر وهو (الحديث المشهور) .
والمشهور هو من قسم الآحاد، وقيل بأن المشهور قسم ثالث لوحده.
مشهور: اسم مفعول، عرفه المؤلف فقال: مروي فوق ما ثلاثة، إذا الأربعة فما فوق مشهور عند المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ.
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ: مشهور مروي فوق ما ثلاثة: " ما " هنا نقول بأنها زائدة، فالأصل: مشهور مروي فوق الثلاثة، و " ما " تأتي زائدة، وقد وردت في القرآن كثيراً، مثل قول الله جل وعلا:{فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ} البقرة88، وقوله:{فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ} النساء155، وقوله:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ} آل عمران159، وهكذا تكون زائدة بمعنى صلة للتأكيد والتكرار.
هل نقول في القرآن شيء زائد؟
هذا اصطلاح، والزيادة في المبنى زيادةٌ في المعنى، ولهذا بعض الناس لا يقول حرف زائد بل يقول حرف " صلة " تأدباً، لكنه حرفٌ زائدٌ مبنى زائدٌ معنى.
مسألة: اختلف أهل العلم في " المشهور "، هل المراد به هو ما رواه أربعة فقط، أو هو ما رواه أربعة ولم يصل إلى حد التواتر؟
المراد به هو الثاني: ما رواه أربعة ولم يصل إلى حد التواتر، وعلى رأي بن حجر رحمه الله: هو ما رواه ثلاثة فأكثر ولم يصل إلى حد التواتر.
إذاً المشهور ليس بعدد معين، ويعبر عنه البعض بـ " المستفيض "، إذاً المشهور والمستفيض بمعنى واحد، وبعض الأحناف وبعض المحدثين فرق بين المشهور والمستفيض بما لا طائل تحته.
? تنبيه:
ذكر المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ الحديث العزيز والحديث المشهور، وهذا التقسيم مبني على تقسيم أهل الأصول، فتقسيم الحديث إلى متواتر ومشهور وآحاد، إنما هو من تفصيلات أهل الأصول، وليس تفصيلات المحدثين، وهذا من العلوم التي دخلت على أهل السنة والجماعة، وعلى أهل الاصطلاح، وهو من التقسيمات غير المجدية وغير النافعة، وليس لها فائدة ولا ثمرة، فتقسيم الحديث إلى متواتر ومشهور وآحاد تقسيم لا ثمرة له، بل إن أهل الكلام أدخلوا هذا التقسيم على أهل السنة لغرض فاسد وهو إبطال حجية أحاديث الآحاد في صفات الله جل وعلا وأفعاله وأسمائه وما هو مستحق له من الكمالات فدرجوا على نفي أحاديث الصفات بتقسيم الأحاديث إلى متواتر وآحاد ثم قالوا المتواتر قطعي الدلالة قطعي الثبوت، والآحاد ظني الدلالة، ثم استنتجوا قاعدة فقالوا إن صفات الله لا تثبت إلا بالقطعيات والأحاديث الآحادية إنما هي ظنيّة، إذاً لا نثبت صفات الله جل وعلا بسبب هذا الوارد، فأصبح هذا التقسيم طاغوتاً ينفى به صفات الباري جل وعلا، ولهذا كسر أهل العلم هذه القاعدة، فنقول إن هذا غير صحيح، فلو قسمنا نقول هذا غير صحيح، لو قسمنا الأحاديث إلى متواترة وإلى آحاد من باب التقاسيم والاعتبارات لا إشكال، لكن نقول إن صفات الله تثبت بالآحاد وتثبت بالأحاديث المتواترة وتثبت بالأحاديث المشهورة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم خبره واحدٌ من السماء ومع ذلك هو متواتر فالله جل وعلا أرسل بشراً واحداً لينشر الدين كله ومع ذلك لم يكن هذا خبره خبر آحاد، ولم يُعذَر المشركون بأنهم ما تبعوا الرسول لأن خبره خبر آحاد، فلم يأته التواتر حتى الآن! ، بل إن الله جل وعلا أقام به الحُجة والمحَجّة،فهذا التقسيم تقسيم باطل يجب أن ينفى وأن يطرد إذا كان يستنبط منه ما سبق من ردّ أحاديث الصفات إذا كان حديث آحاد، ثم نذهب إلى أهل الأصول فننظر أن أهل الأصول من أهل السنة