المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الحديث الموضوع - الكواكب الدرية على المنظومة البيقونية

[سليمان بن خالد الحربي]

الفصل: ‌ الحديث الموضوع

انتقل المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ إلى القسم الحادي والثلاثين وهو (الحديث المتروك) .

المتروك: هو المهجور، وسمّاه الذهبي ـ رحمه الله تعالى ـ " الحديث المطّرَح "، أو نحن نزيد " الحديث الواهي "، أو " الحديث الباطل "، فهذه كلها أسماء صحيحة للمتروك.

والمتروك هو: ما انفرد به ضعيفٌ مجمعٌ على ضعفه، وهذا هو تعريف المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ.

إذاً هذا الحديث يضعّف من وجهين:

الوجه الأول: من جهة الإجماع على ضعف الراوي، بل حتى ولو لم يجمع على ضعفه.

الوجه الثاني: من جهة أنه تفرّد بهذا الأصل بهذا الحديث، فكيف بواحد ضعيف مجمع على ضعفه، يروي لنا متناً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والثقات يتركونه، فهذا لا يمكن.

وبعض أهل العلم يقول: إن المتروك هو " الموضوع " وفي هذا تسامح، لما سيأتي في‌

‌ الحديث الموضوع

.

(الحديث الموضوع)

قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ:

والكذب المختلَقُ المصنوع

على النبي فذلك الموضوع

انتقل المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ إلى القسم الثاني والثلاثين، وهو (الحديث الموضوع) .

الحديث الموضوع هو: الحديث المكذوب المختلَق المصنوع عى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالحديث الموضوع لآ بد من أن يشتمل على ثلاثة أوصاف: -

1) أن يكون مكذوباً.

2) أن يكون مختلَقاً.

3) أن يكون مصنوعاً.

وهناك مسائل مهمة جداً في الحديث الموضوع.

فالمؤلف قال: " مختلَق "، ولايختلِق الإنسان شيئاً إلا إذا تقصّد أن يختلِقَه، فهل من شرط الموضوع أن يتقصّد الواضع الوضع؟

هذه المسألة مما اختلف فيها المحدثون على قولين: -

ص: 122

القول الأول: أنه يشترط القصد في الوضع، فلا نحكم على حديثٍ بالوضع حتى يتقصّد الواضع الوضع، وأما إذا لم يتقصّد فنسمّيه خطأ، نسميه مقلوباً، نسميه مدرجاً، نسميه شاذاً، وهذا هو القول الراجح، وهو أضبط، لكنه من حيث اللغة يصحّ أن يكون هذا موضوعاً، فلا ينسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.

القول الثاني: لا يشترط التقصّد، ونسميه موضوعاً بشرط أن نجزم جزماً يقينياً أنه لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه المقلوب الذي علمنا قلبه يسمى " موضوعاً "، والمدرج الذي علمنا إدراجه يسمى " موضوعاً ". وهذا فيه تسامح ولا ينبغي التوسع فيه ولاينبغي الأخذ به، لأننا لا يمكن أن نضبط الناس، فأنا قد أجزم بأن هذا منقلب على الراوي فأقول " موضوع "، لكن هناك عالِم آخر يقول بأنه لم ينقلب على الراوي فيحكم عليه بالصحّة، فكيف أحكم عليه بالوضع، وهو يحكم عليه بالصحّة؟! فهذا غير جيد وهو يؤدي إلى اضطراب كبير لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وينبني عليه إشكالات كثيرة فمثلاً أن أنسف كل أحاديث المخطئ لأنني سأقول بأنه وضّاع، وكذلك أقطع باب البحث، فأنا لما آتي وأقول هذا الحديث موضوع، فمعناه لا تبحثوا في إسناده وهذا لا يمكن، أما لو حكم عليه بالصحة، وأنا أحكم عليه بالضعف، فهذا ممكن، ولا يغلق باب البحث، فربما لم يبحث هو أسانيده جيّداً.

ولهذا اعترض الأئمة على ابن الجوزي ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه " العلل المتناهية " و " الموضوعات "، فابن الجوزي ـ رحمه الله تعالى ـ توسّع، فكل ما كان عنده لا يمكن أن يكون صحيحاً قال: هو " موضوع "، مع أن غيره من الأئمة يصححه فممكن البخاري ومسلم يصححانه ـ رحمهما الله تعالى ـ، وهو ـ رحمه الله تعالى ـ يحكم عليه بالوضع، لأنه جزم أنه لا يصحّ.

قال الحافظ العراقي ـ رحمه الله تعالى ـ:-

وأخطأ الجامع فيه إذ خرج

لمطلق الضعف، عنى أبا الفرج

ص: 123

ولهذا بن الجوزي ـ رحمه الله تعالى ـ له قاعدة في ذلك وهي: أن ما خالف المعقول، وما ناقض الأصول فهو الموضوع.

نقول باين المعقول عند من؟! خالف المنقول عند من؟! وناقض الأصول عند من؟!

إذاً نخطِّئ ابن الجوزي ـ رحمه الله تعالى ـ في عمله.

مسألة: حكم الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أجمع أهل العلم على أنه كبيرة من كبائر الذنوب، وقد ورد في الحديث المتواتر (من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النّار) .

اختلفوا في تكفيره، وقد نقل عن الإمام الجويني ـ رجمه الله تعالى ـ أنه كفّره إذا علم أنه موضوع، لكن النووي ـ رحمه الله تعالى ـ ردّ عليه قال: لأن هناك عبّاداً زهّاداً لما رأو الناس لا يقرأون القرآن فوضعوا أحاديث في فضائل السور، فكيف أكفّره؟! فهو الآن مقصده الخير، وقد أخطأ فيه، فانتقد النووي ـ رحمه الله تعالى ـ هذا القول وقال: لا يمكن أن نقول هذا لأنه سيدخل في التكفير على أناس لم يقصدوا هذا.

فالصحيح كما قال النووي ـ رحمه الله تعالى ـ وهو قول جماهير أهل العلم: أن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم كبيرة من كبائر الذنوب لا يكفر فاعلُه حتى يستحلَّه.

مظان الأحاديث الموضوعة:-

كتاب " الموضوعات " و " العلل المتناهية " لابن الجوزي ـ رحمه الله تعالى ـ.

(الخاتمة)

قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ:

وقد أتت كالجوهر المكنونِ

سميّتها منظومة البيقوني

فوق الثلاثين بأربع أتت

أبياتها ثم بخيرٍ ختمت

شبّه المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ هذه المنظومة بالجوهر النفيس المكنون المحفوظ في وعاء.

قال: سميّتها منظومة البيقوني، أي سمّاها هذا المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فهي اسمها منظومة البيقوني، وبه نعلم ما ذكرته لكم في أول درس، أن المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ لم يتقصد أن يخفي نفسه، فلو قصد المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ أن يخفي نفسه لما ذكر اسمه.

ص: 124

وقوله " فوق الثلاثين بأربع أتت ": أي عدد أبياتها أربعاً وثلاثين بيتاً.

وقوله " ثم بخيرٍ ختمت ": ختمت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو خير ما يختم به الأشياء.

ونحن نختم هذه المنظومة بالدعاء للمؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ بأن يغفر له ذنوبه وأن يجزيه خير الجزاء على ما حفظ لنا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يرفع درجاته، وأن يعلي قدره، وأن يسكنه الفردوس الأعلى، وأن يغفر له ما قد وما أخّر وما أسرر وما أعلن، كما ندعو لمن أفادنا في شرح هذه المنظومة، ولمن حظر ولمن تسبب في إقامة هذه الدورة بأن يجزيهم خير الجزاء وأوفره وأكمله وأتمّه، ومن سعى في نفع الناس إنه جواد كريم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات)

وكتبه

عبد العزيز بن أحمد المسعود

الزلفي

ص: 125

الحديث الفرد..............................................................

133

الحديث المعلل.............................................................

136

الحديث المدرج............................................................

146

الحديث الدبّج.............................................................

150

الحديث المتفق والمفترق.....................................................

152

الحديث المؤتلف والمختلف..................................................

154

الحديث المنكر.............................................................

156

الحديث المتروك............................................................

158

الحديث الموضوع..........................................................

159

الخاتمة................................................................

162

الفهارس..................................................................

164

ص: 127