الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهذا هو المتصل الموقوف.
ولو كان البيت:
وما بسمع كل راوٍ يتصل
…
إسناده للتابعي فالمتصل
فهذا هو المتصل المقطوع.
قوله " وما بسمع ": هل هذا القيد مقصود لذاته؟
ليس مقصوداً لذاته، لكنه كناية عن الاتصال وكناية على عدم الانقطاع، فقوله " وما بسمع " ليس شرطا وليس حداً وإنما هو وصف طردي فهو ذكر مثالاً لبعض طرق التحمل، فقد يكون التحمل كتابة وقد يكون مناولة وقد يكون إجازة وقد يكون وجادة، المهم أن يكون متصلاً بأي طرق التحمل، فليس هو السماع فقط.
قوله " المصطفى ": هو الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصل مصطفى " اصتفى "، فهي على وزن " افتعل "، والقاعدة أن الكلمة إذا كانت فاؤها صاداً أو أحد حروف الإطباق المعروفة، وهي مزيدة بتاء الافتعال، تقلب فاء الكلمة طاء في جميع التصاريف.
مسألة: ما الفرق بين المسند والمتصل؟
المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ لم يفرق بين المسند والمتصل.
وعلى قول من قال إن " المسند" يطلق على المنقطع مادام أنه يروى بالسلسلة مع أن فيه انقطاع، يكون هناك فرق بين المسند والمتصل، فالمسند على هذا القول قد يكون منقطعاً، والمتصل غير منقطع دائماً.
وكذلك على قول من قال إن " المسند " هو ما روي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقط ولو لم يكن متصلاً.
وكذلك على قول من قال إن " المسند " يطلق حتى ولو لم يروه النبي صلى الله عليه وسلم فيطلق على المقطوع والموقوف، سيكون هناك فرق بين المسند والمتصل.
(الحديث المسلسل)
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ:
مسلسل قل ما على وصف أتى
…
مثلُ أما والله أنباني الفتى
كذاك قد حدثنيه قائما
…
أو بعد أن حدثني تبسماً
انتقل المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ إلى القسم الثامن وهو (الحديث المسلسل) ، وهو من مباحث الإسناد.
مسلسل: اسم مفعول من سَلْسَلً يُسَلْسِل، والمسلسل: مأخوذ من السلسة، وعادة السلسلة أن تكون أجزائها متشابهه مع بعضها، ولما تشابه أجزاء السند قالوا عنه إنه مسلسل، وقيل إن لفظ المسلسل مأخوذ من الماء السَّلسَال من سَلْسَ الماء إذا كان عذباً ٍ طعمه جيد، فقالوا إن المسلسل من أجمل أنواع التحمل ففيه جمال في تحمله وفي وصفه.
ولا يمتنع أن يكون المسلسل مأخوذ من هذين المعنيين، فكلاهما في الحديث المسلسل.
المسلسل: عرفه المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ بأنه " الحديث الذي جاء على وصف " ونحن نزيد "واحد"، فيكون الحديث المسلسل:" هو الذي جاء على وصف واحد "، فهناك وصف في هذه السلسلة متشابهه فجميع أجزاء الإسناد فيه شيء متشابه.
ونأتي بتعريف آخر للمسلسل: " هو ما توارد إسناده أو طريقة تحمله على وصف واحد ".
هذا أدق في التعريف.
قال الحافظ العراقي ـ رحمه الله تعالى ـ:
مسلسل الحديث ما تواردا
…
فيه الرواة واحدا فواحدا
حالا لهم أوصفا أو وصف سند
…
كقول كلهم سمعت فاتَّحد
نستطيع أن نقسم المسلسل إلى عدة أقسام:
القسم الأول:
أن يكون التشابه في الرواة مثلا بأي نوع من أنواع التشابه.
مثاله: أن يكون أسماء كل الرواة محمد، أو يكون كل أسماء الرواة مبدوء بحرف العين، أو يكون كل الرواة بصريين أو مصريين أو شاميين أو حجازيين، أو يكون كل الرواة أئمة، أو يكون كل الرواة أصحاب عاهات، أو يكون الرواة كلهم ضعفاء.
القسم الثاني:
أن يكون التشابه في قول أو فعل موجود.
مثاله: مثال القول: قول معاذ "والله إني لأحبك " وهذا يسمى مسلسل " المحبة "، فكل راوٍ يقول لمن سيحدثه " والله إني لأحبك "، أو حديث مسلسل بالأولية فيقول التلميذ حدثني شيخي وكان أول ما سمعت منه وهكذا إلى نهاية السند، أومسلسل بالآخرية فيقول التلميذ حدثني شيخي وكان آخر ما سمعت منه وهكذا إلى نهاية السند، أو مسلسل التحريك وهكذا.
مثال الفعل: أن يبتسم الراوي ثم يروي الحديث ويسمى المسلسل بالتبسم.
القسم الثالث:
أن يكون التشابه في حال موجود حال التحمل.
مثاله: كقول المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ:
كذاك قد حدثنيه قائما
…
.............................
مسألة: هل كل السلاسل موصولة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
ليست كل السلاسل موصولة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعض السلاسل موجودة إلى الأئمة، كمسلسل مالك المشهور يسمى " مسلسل أقبل على شأنك ".
قال الإمام الذهبي ـ رحمه الله تعالى ـ: " وعامة المسلسلات واهية، وأكثرها باطلة لكذب رواتها "، وهو قد صدق ـ رحمه الله تعالى ـ، فبعض الناس يريد أن يغرب فيدخل بعض الأوصاف على السند، كالحديث المسلسل بالأولية " الراحمون يرحمهم الرحمن " هذا حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، فعبد الله حدث أبا قابوس مولى له وأبو قابوس حدث عمرو بن دينار وعمرو بن دينار حدث سفيان بن عيينة، وليس فيه " أول ما سمعت "، لكن بعض تلاميذ سفيان كان أول ما سمع من سفيان هذا الحديث، فكان يقول سمعت من سفيان وكان أول حديث سمعت منه عن عمرو بن دينار عن أبي قابوس عن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رحمهما الله تعالى ـ، فجاء بعض الرواة ولم يكتف بهذا بل جعل سفيان بن عيينة قال وكان أول حديث سمعته من عمرو بن دينار، وجعل عمرو بن دينار يقول وكان أول حديث سمعته من أبي قابوس، وجعل أبا قابوس يقول وكان أول حديث سمعته من عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وجعل عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يقول وكان أول حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فانظر إلى الإغراب كيف! حتى انتقده بن الصلاح ـ رحمه الله تعالى ـ في مقدمته.
ويقول الحافظ العراقي ـ رحمه الله تعالى ـ:
ومنه ذو نقص بقطع السلسله
…
كأولية، وبعضٌ وصله
فما وصل إلا من طرق واهية موضوعة، ولكن من أجل الإغراب، حتى ألف السيوطي كتابا اسمه " المسلسلات الكبرى " كل المسلسلات الكبرى وصلها إلى خمسة وثمانين حديثاً، ثم ألف كتابا آخر اسمه " المسلسلات الجياد "، يعني أجود ما في الباب.
قاعدة:
لا يصح أي مسلسل إلى زماننا هذا، وأحسن ما في الباب " مسلسل سورة الصف ".
ما هو مسلسل سورة الصف؟
كل شيخ يقول سمعت من شيخي سورة الصف ثم يقرأها عليه، فأحد الصحابة سمع سورة الصف من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم هذا الصحابي رواها إلى تلميذه فأسمعه إياها، فكان كل شيخ يقرأ سورة الصف على تلميذه ويقول سمعت سورة الصف، فالمسلسل هو " سمعت سورة الصف ".
مسألة: ما معنى قولنا " لا يصح في المسلسل حديث "؟
نقول الكلام في الإسناد وليس في المتن، أي لا يصح مسلسل في الصفة لا بد أن تنقطع، فمن وصلها فلا يصح الإسناد، نعم هناك أسانيد مسلسلة في بعض أجزاء الحديث صحيحة لا إشكال فيه، لكن نقول لا يصح إسناد مسلسل من مبتدأه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفة واحدة، لا بد أن تجد في أسانيدها ضعف.
مسألة: هل يلزم من ضعف أسانيد المسلسلات ضعف المتون؟
لا. فكثير من الأحاديث المسلسلة أحاديثها صحيحة، فمثلا حديث " يا معاذ والله إني لأحبك " هذا حديث صحيح، لكنه ليس متصلاً بهذه السلسلة " والله إني لأحبك " إلى آخر الإسناد، فتجد في بعض طبقات الإسناد ليس فيه " والله إني لأحبك "، وإلا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه " والله إني لأحبك "، ومعاذ قال للصُنَابَحي، والصُنَابَحي قالها للحُبُلي هذا ما فيه إشكال،
لكن هل هذه إلى وقتنا هذا؟ لا. وهذا لا يضر، فالحديث المسلسل ترف ليس من أصول علم المصطلح لأنه لا يؤثر على صحة أو ضعف.