الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالحديث المنقطع عندهم يسمى موقوفاً إذا انتهى إلى الصحابي.
مسألة: هل يسمى الموقوف أثراً؟
الأثر يطلق على الإسناد المرفوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ويطلق على الصحابي وعلى التابعي، ويطلق على كل حديث مسند، تقول مثلاً هناك أثر عن الزهري أو معمر أو وهب بن منبه.
(الحديث المرسل)
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ:
ومرسل منه الصحابي سقط
…
.........................
انتقل المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ إلى القسم السادس عشر وهو (الحديث المرسل) .
الإرسال في اللغة: الإطلاق، تقول أرسلت الشيء أي أطلقته، وقد يكون الإرسال بمعنى التفرق والتقطّع تقول: جاء القوم أرسالاً أي متفرقين، وقد يكون الإرسال بمعنى السرعة، تقول: ناقة مِرْسالَة أي سريعة، وهذه الإطلاقات اللغوية كلها تصبّ في معنى " الحديث المرسل ".
والحديث " المرسل " عرّف بعدّة تعريفات: -
التعريف الأول:
ما سقط الصحابي من إسناده. وهذا هو تعريف المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ، حيث قال: ومرسل منه الصحابي سقط.
فإذا رأيت حديثاً سقط صحابيه فاعلم أنه " مرسل " سواء كان الذي قبل الصحابي الذي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم تابعي أو تابع التابعي أو تابع تابع التابعي.
ونحتاج إلى قيد آخر في الحد وهو أن نقول: ورفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ هذا مع أنه معلوم لديه، لكن عندما يقولون الحدّ لا بد أن نذكر جميع ما هيّات المحدود.
إذاً نقول " المرسل ": ما سقط منه الصحابي ورفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فلا بد أن نذكر هذا لنخرج غيره.
وهذا الحدّ هو حدّ الإمام الذهبي ـ رحمه الله تعالى ـ،وقد اعترض بعض أهل العلم على هذا الحدّ: بأنه حدّ غير جامع ووجهه: أن قول المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ: " ومرسل منه الصحابي سقط "، معناه أن الذي سقط هو الصحابي، فتحديد أن الساقط هو الصحابي إشكال، وقد سبق لنا بأن إبهام الصحابي لا يضر، فإذا علمنا أن الصحابي هو الذي سقط فلا إشكال فالصحابة كلهم عدول، فإذا قال سعيد بن المسيب ـ رحمه الله تعالى ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمنا بأن الساقط هو صحابي فلا إشكال، وليس هذا هو حدّ المرسل عندهم فهم لا يعنون بهذا المرسل، فمالذي جعلهم يضعّفون المرسل؟ هو أننا لا نعرف من الذي سقط هل هو صحابي أو تابعي؟! فقد يكون سعيد بن المسيب ـ رحمه الله تعالى ـ سمعه من محمد بن سيرين ـ رحمه الله تعالى ـ ومحمد بن سيرين ـ رحمه الله تعالى ـ قد يكون سمعه من أبي حازم ـ رحمه الله تعالى ـ، وأبو حازم ـ رحمه الله تعالى ـ قد يكون سمعه من صفيّة أحد التابعيات ـ رحمها الله تعالى ـ، إذاً ما نعرف من هو الساقط يقولون الجهل بالساقط.
فتحديد الساقط بأنه صحابي فيه إشكال، لكن على توجيهنا الذي ذكرناه قبل قليل يندثر هذا الإشكال، وهو أننا قلنا بأنه جعل ضابطاً، هولم يقصد تحديد الساقط من هو؟ وإنما جعل ضابطاً للمرسل بالنسبة للرآئي، هو لا يقصد أن يحدد من هو الساقط؟ وإنما أراد أن يعطي ضابطاً للرآئي في هذا الإسناد فقط لم يقصد أن يجعل حداً أن يحدد من هو الساقط؟ وإذا فسرنا تعريف الذهبي والمؤلف ـ رحمها الله تعالى ـ بهذا لم يكن عندنا إشكال لأنه لم يحدد المؤلف من هو الساقط، وإنما أراد بأن تقول كلما رأيت إسناداً ليس فيه صحابي وهو مرفوع فإنه مرسل، وهذا يندفع به الإشكال، ولا تكاد تجد من عرّف بهذا التعريف إلا اعترض عليه من شارح أو مُحشٍّ بهذا الإعتراض، ولكن نقول بأن المؤلف ما قصد تحديد الساقط، وإنما قصد أن يجعل ضابطاً في معرفة ما هو الإسناد المرسل؟ بأن ترى الإسناد ليس فيه صحابي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والحديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم قل مرسل.
إذاً هذا هو التعريف الأول للمرسل، وعليه إشكال نستطيع أن نجيب عنه بما ذكرته لكم.
التعريف الثاني:
ما رفعه التابعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن عرّفه بهذا أراد أن ينفك من الإيراد الذي أورد على المؤلف رحمه الله، كذلك أراد أن يحدّ المرسل، فلا بدّ أن يكون الذي رفع الحديث تابعي، فلو رفعه غير التابعي فإنه لا يكون مرسلاً عنده، وإنما يكون منقطعاً أو معضلاً أو ماشابه ذلك من الذي سنأخذه ـ إن شاء الله ـ.
فلو قال مالك ـ رحمه الله تعالى ـ بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا نقول عنه ـ على التعريف الثاني ـ معضل أو منقطع كما سيأتي، وهو مرسل على التعريف الأول، أما على التعريف الثاني فليس بمرسل.
التعريف الثالث:
ما رفعه التابعي الكبير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يخرج التابعي الصغير، ويخرج تابع التابعي، فسعيد بن المسيب رحمه الله مثلاً تابعي كبير، لكن مجاهد ـ رحمه الله تعالى ـ مثلاً هو من أواسط التابعين ليس من كبار التابعين.
وكلها اصطلاحات مستخدمة عند الأئمة.
مسألة: ما حكم الحديث " المرسل "؟
اختلف أهل العلم في الحديث المرسل في صحته وضعفه على أقوال:-
القول الأول: أن المرسل صحيح، بشرط أن يرسله تابعي كبير معروف بالرواية عن الصحابة رضي الله عنهم، مثل سعيد بن المسيب أو أبي حازم ـ رحمهما الله تعالى ـ أو نحوهما.
القول الثاني: أن المرسل ضعيف مطلقاً، وهو قول جماهير النقّاد من أهل الحديث، وقد ذكر الإمام مسلم ـ رحمه الله تعالى ـ في صدر صحيحه رد الحديث " المرسل " وأن عليه الجماهير، وأصّل هذا الرأي تأصيلاً طويلاً بأن الحديث " المرسل " ضعيف، وكذلك ابن عبد البر ـ رحمه الله تعالى ـ في التمهيد نقل قول جماهير النقّاد بأنه ضعيف، وذلك للجهل بالساقط في الإسناد، فهم مشوا على القاعدة ففيه سقط فكيف يصحح هذا الحديث مع وجود هذا السقط؟
قال الحافظ العراقي ـ رحمه الله تعالى ـ:-
وردّه جماهر النّقّادِ
…
للجهل بالساقط في الإسنادِ
وصاحب التمهيد عنهم نقله
…
ومسلم صدر الصحيح أصله
والإمام الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ له تفصيل في الإسناد " المرسل "، واختلف الشرّاح في شرح كلامه ولكن إليكم زبْدة الكلام واختصاره ومن فَقِه هذا الكلام يستطيع أن يَفْقه كلام الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه " الرسالة ".
فالشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ جعل شروطاً للراوي، وشروطاً للمروي لصحة الحديث " المرسل ":-
أولاً: شروط الراوي.
1) أن يكون ثقةً.
2) أن يكون من كبار التابعين.
3) أن يكون ممن عرف بأنه لا يروي عن الضعفاء والمجاهيل.
وهذه الشروط ليست على سبيل البدل فلا بدّ من توفّرها جميعاً.
ثانياً: الشروط في المروي.
1) أن يعضد هذ المرسل حديث مسند موصول وإن كان ضعيفاً.
2) أو يعضده مرسل آخر، فلو جاءنا مرسل عن الحسن ـ رحمه الله تعالى ـ على القول بأن مراسيله جيدة كما هو رأي يحيى بن سعيد القطّان، أو مرسل سعيد بن المسيب ـ رحمه الله تعالى ـ كما هو رأي أكثر أهل الحديث بأن مراسيله جيّدة، فنبحث هل له مرسل آخر لمحمد بن سيرين أو مجاهد أو أبي حازم ـ رحمهم الله تعالى ـ يعضد هذا المرسل الأول فيقبل، بشرط أن يكون المخرج مختلفاً بأن يكون المرسل الأول له إسناد لوحده، والمرسل الثاني له إسناد لوحده، فلا يكون المخرج واحد، إذاً أن يصحّ لنا مخرجه من طريق آخر.
وهذان الشرطان على سبيل البدل فإذا وجد واحداً منها قُبل وكفى.
قال الحافظ العراقي ـ رحمه الله تعالى ـ:-
لكن إذا صحّ لنا مخرجه
…
بمسنَدٍ أو مرسَلٍ يُخْرِجُه
من ليس يروي عن رجال الأول
…
نقبله،.............................
3) أن يوافق هذا المتن الموجود في هذا المرسل فتوى الصحابة أو فتوى العلماء، أوعليه العلماء بأن أخذوه وقبلوه، فلا يكون مهجوراً.
والصحيح في المرسل أنه ضعيف.
مسألة: الاحتجاج بالحديث " المرسل ".
وهذه مسألة منفكّة عن الصحة والضعف، فمسألة الاحتجاج غير مسألة التصحيح، فهل يحتج بالحديث " المرسل "؟
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال:-
القول الأول: وهو قول الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ وقد سبق قوله متى يحتج بالحديث "المرسل" فهو يفصّل.
القول الثاني: أن المرسل لا يحتج به مطلقاً، وهذا هو مذهب المتشددين من أهل الحديث، وهو مذهب الظاهرية.
القول الثالث: أنه يحتج بالحديث " المرسل " وإن كنا لا نصححه، وهذا هو مذهب الأئمة الأربعة: مالك وأبي حنيفة وأحمد والشافعي ـ رحمهم الله تعالى ـ.
قال الحافظ العراقي ـ رحمه الله تعالىـ:-
واحتج مالك كذا النعمان
…
وتابِعُوهُما به ودانوا