الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحالة الثالثة: أو أتردد فلا أستطيع أن أرجح فهذا هو المضطرب.
الحالة الرابعة: قد أرجح هذا وهذ، وأقول إن الحديث جاء من هذا الوجه، وجاء الحديث من هذا الوجه.
والاضطراب قد يكون من راوٍ واحد، فأنا مضطرب ما هو الحديث الذي حفظه؟ فيأتيني راوي مرة يقول شيخي كذا، ومرّة يقول شيخي كذا، فإن استطعت أن أرجح فإن كان ضعيفا هذا الراوي الذي اضطرب فالحديث إذاً ضعيف ولا يحتاج أن نقول بأنه مضطرب لأن الراوي ضعيف، فإن كان ثقة فهذا يختلف فقد أرجح وقد لا أرجح فأكون مضطرباً في هذا الإسناد، لكن هذا بقلة أن يكون الاضطراب من واحد.
مسألة: حكم الحديث المضطرب.
المضطرب من قسيم الحديث الضعيف.
(الحديث المُدرج)
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ:
والمدرجات في الحديث ما أتت
…
من بعض ألفاظ الرواة اتصلت
انتقل المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ إلى القسم السادس والعشرين وهو (الحديث المدرج) .
مدرج: اسم مفعول.
الإدراج لغة: هو الإدخال.
اصطلاحاً: ما زيدت بعض ألفاظ من الرواة في الحديث، وهكذا عرّفه المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ.
والمؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ ذكر تعريف قسمٍ واحد من أقسام المدرجات، وهو المدرج في المتن فهو قال: من بعض ألفاظ. فلم يذكر الإدراج في الإسناد فكأنه خصّ باب الإدراج في المتون فقط، وهذا غير صحيح.
والتعريف الصحيح هو: ما زيد في إسناده أو متنه مما ليس منه.
فالمدرج قسمين:
القسم الأول:
إدراج في الإسناد، وصفته: أن يأتي الراوي فيدرج في إسناده متناً غير المتن الذي هو له.
مثاله:
قصة ثابت بن موسى لما دخل على شريك وهو يملي على التلاميذ ويقول: حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سكت سكتة لطيفة، فلما نظر إلى وجه ثابت عند دخوله قال شريك:(من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار) ، وكان يقصد ثابتاً لزهده وورعه، إلا أن ثابتاً ظن أن هذا هو متن ذلك الإسناد، فكان يحدّث به.
وإلا فإن الحديث الذي ذكر متنه شريك هو: (إذا نام أحدكم فإن الشيطان يعقد على رأسه ثلاث عقد......الحديث) .
وكذلك مما يمثل به، أن بعض الرواة يجد حديثاً متنه واحد، لكن إسناده مختلف، وهو كله عن أبي هريرة رضي الله عنه مثلاً، فيأتي إلى لفظة في أحد الحديثين فيجعلها في الحديث الآخر، مثل حديث سعيد بن أبي مريم عن مالك عن الزهري عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تنافسوا...........الحديث) .
فقوله: (ولا تنافسوا) مدرجة من كلام سعيد بن أبي مريم وليست هي في هذا الحديث، بل هي في حديث آخر من حديث مالك عن أبي الزناد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا.......الحديث) .
القسم الثاني:
إدراج في المتن.
وصفته: أن يذكر الراوي بعض الألفاظ التي هي غير موجودة في الحديث، فيدرجها.
وهو ثلاث صور:-
الصورة الأولى: إدراج في أول المتن.
مثاله:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أسبغوا الوضوء (ويل للأعقاب من النار) .
فقوله: (أسبغوا الوضوء) مدرجة في الحديث من كلام أبي هريرة رضي الله عنه.
الصورة الثانية: إدراج في وسط المتن.
مثاله:
حديث عائشة رضي الله عنها في بدء الوحي عند البخاري قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذهب إلى غار حراء فيتحنّث فيه ـ وهو التعبد ـ الليالي ذوات العدد) .
فقوله في الحديث: (وهو التعبد) مدرج في الحديث من كلام الزهري ـ رحمه الله تعالى ـ.
الصورة الثالثة: إدراج في آخر المتن.
مثاله:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن أمتي يدعون يوم القيامة غرّا محجّلين من آثار الوضوء) فمن استطاع منكم أن يطيل غرّته فليفعل.
فقوله في الحديث " فمن استطاع منكم أن يطيل غرّته فليفعل " مدرج من كلام أبي هريرة رضي الله عنه.
مسألة: ما هو الطريق لمعرفة الإدراج في الأحاديث؟
يدرك الإدراج في الحديث بأحد الأمور التالية:
1) من خلال تتبع الأسانيد، فأجد في بعض الأحيان أن أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قلت: " فمن استطاع منكم أن يطيل غرّته فليفعل ".
2) أن ينص الراوي على الإدراج بأن يقول ثم قال أبو هريرة رضي الله عنه: " فمن استطاع منكم أن يطيل غرّته فليفعل ".
3) من خلال تأمل المعنى، فأحياناً تذكر أشياء لا يمكن أن يقولها النبي صلى الله عليه وسلم فواضح أن الذي ذكرها هو الراوي.
4) أن ينصّ بعض أهل الأئمة المطلعين على الإدرج، كشعبة، ووكيع، وأحمد، ويحيى بن معين، وابن المديني، والبخاري وغيرهم ـ رحمهم الله تعالى ـ.
وقد اهتمّ أهل العلم في المدرجات إهتماماً عظيماً فألفوا فيه كتب، ومن أعظم الكتب في هذا كتاب " الفصل للوصل المدرج في النقل " للخطيب البغدادي ـ رحمه الله تعالى ـ، وهو مطبوع في مجلّدين.
وكذلك للحافظ بن حجر ـ رحمه الله تعالى ـ كتاب في هذا، وكذلك هناك لبعض المعاصرين كتاب في هذا.
مسألة: حكم الإدراج.
قال بن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ في شرحه على البيقونية ما نصّه: