الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى هذا التعريف احترز مما يلي: -
1) ما سقط منه اثنان فأكثر.
2) احترز من المعلّق والمرسل والمنقطع من أكثر من جهة.
3) احترز من كونه قد يسقط أكثر من اثنين.
وهذا هو التعريف المرتضى، وهذا هو الأكثر، وإلا فإن الأئمة استخدموا غير هذا التعريف.
مثال للمعضل:
لو أن عبد الرزاق ـ رحمه الله تعالى ـ روى في مصنفه عن معمر عن أبي هريرة رضي الله عنه، فأسقط عبد الرزاق راويان، أسقط مثلاً الزهري وأبا سلمة ـ رحمهما الله تعالى ـ، إذاً هذا يسمى " معضلاً "، فانطبق عليه حدّ الإعضال، فقد سقط اثنان متصلان لا في أول الإسناد ولا في آخره.
(الحديث المُدلَّس)
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ:
................................
…
وما أتى مدلَّساً نوعان
الأول الاسقاط للشيخ وأن
…
ينقل عمن فوقه بعن وأن
والثاني لا يسقطه لكن يصف
…
أوصافه بما به لا ينعرف
انتقل المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ إلى القسم العشرين وهو (الحديث المدلَّس) .
المدلَّس: من الدّلَس وهو الظلمة وعدم الوضوح والظهور وعدم التّبيُّن، فهذا يسمى دُلْسةً ودَلَسَاً، ومنه عيب التدليس: وهو أن يخفي عيباً.
المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ لم يحدّ " الحديث المدلَّس "، بل اكتفى بالتقسيم عن الحدّ، وذلك لأن الحدّ لا يمكن أن يحصر القسمين.
لكن لو اخترنا تعريفاً الآن ذكره بعض أهل العلم يمكن أن يكون شاملاً لهذين المعنيين.
فقلنا: هو إخفاء عيب في الإسناد أو في الصيغة الإسنادية، فلو اخترنا هذا التعريف، ولكن هو ليس حداً في الحقيقة جامعاً مانعاً، لكن هو يقرّب لنا الصورة بحيث يجمع كل صور التدليس نوعاً ما.
التدليس: قسمان على كلام المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ:
القسم الأول:
تدليس الإسناد: فقال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ:
................................
…
وما أتى مدلَّساً نوعان
الأول الاسقاط للشيخ وأن
…
ينقل عمن فوقه بعن وأن
فهذا هو القسم الأول من أقسام التدليس.
التدليس: أن يأتي الراوي فيخفي عيباً موجوداً في الرواية، فهو ليس بظاهر.
القسم الأول: نصطلح عليه باسم " تدليس الإسناد "، إذاً هذا الإخفاء مكانه في الإسناد، عرفه المؤلف فقال: تدليس الإسناد هو أن يروي المدلِّس عن شيخه ما لم يسمعه منه.
حيث قال:
…
الأول الإسقاط للشيخ وأن.............................
فهو يروي عن شيخه الذي سمع منه وعُرف بالأخذ عنه، ولكن هذا الحديث بعينه لم يسمعه منه بصيغة " عن " أو " أن " أو " قال "، سمع منه هذا الحديث فيرويه عمن لم يسمعه منه.
مثلاًَ: يأتي ابن جريج فيروي حديثاً عن هشام بن عروة، وهو شيخه وسمع منه، لكن هذا الحديث لم يسمعه منه، يقول فيه: عن هشام، أو " أن " هشام، أو " قال " هشام، لا يصرّح بالسماع.
قال الحافظ العراقي ـ رحمه الله تعالى ـ:
تدليس الإسناد كمن يسقط من
…
حدّثه، ويرتقي بعن وأن
وقال، يوهم اتصالاً،.......
…
...............................
يوهم أنه اتصل به وهو لم يسمعه منه.
أعيد مرة ثانية: التدليس من حيث الإسناد ينقسم إلى أقسام:
نقول تدليس الإسناد: عرّفه المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ أن يروي الراوي حديثاً عن شيخٍ لم يسمع منه هذا الحديث، فهذا يسمى تدليس الإسناد.
بعضكم الآن سيسأل، هل هذا الشيخ الذي روى عنه هل هو سمع منه والتقى به، أو هو لم يره أصلاً، أو هو مات قبل أن يولد، هذا كله إيرادات على هذا التعريف.
هذا تعريف المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ: أن يروي الراوي حديثاً لم يسمعه ممن حدثه عنه.
لكن هذا التعريف فيه عدّة أسئلة، هل لقيه، هل سمع منه غير هذا الحديث، هل هو ولد بعد أن توفي، فهذه أسئلة تورد.
إذاً نقسمه فنقول هذا التعريف فيه عدّة أقسام:
القسم الأول:
أن يروي الراوي الذي وصف بالتدليس عن شيخه الذي سمع منه حديثاً لم يصرّح بالسماع منه لهذا الحديث، بصيغة عن أو أن أو قال، وهذا بالإتفاق أن هذا " تدليس الإسناد ".
نضرب مثالاً:
ابن جريج ـ رحمه الله تعالى ـ معروف بالتدليس، ووصفه الأئمة بالتدليس فإذا روى عن شيخه هشام بن عروة بصيغة حدثنا فهو مقبول، وإذا رواه بصيغة عن أو أن أو قال، فهو حديث مدلَّس إلا إذا وجدناه قد صرّح في موضع آخر بالتحديث.
القسم الثاني:
أن يروي الراوي حديثاً عن شيخٍ لم يعاصره كأن يكون ولد بعد أن مات أو أنه كان عمره سنة أو سنتين بما يتفق العقلاء بأنه لا يمكن أن يتحمّل منه حديثاً، بصيغة عن أو أن أو قال، وهذا القسم بعض المحدثين يسميه تدليساً، لأن صورته صورة تدليس، وهذا غير صحيح.
وقيل بأنه منقطع، وقيل: بأنه مرسل، فقد نقول أرسله فلان عن فلان وهو لم يسمع منه، وقد نقول بأنه منقطع، فالإرسال منطبق على هذا في بعض التعاريف التي أخذناها، وكذلك ينطبق عليه حدّ المنقطع ألم نذكر فيه أنه " ما رواه راوٍ عن شخصٍ لم يلقه ".
إذاً هذا ينطبق عليه الانقطاع والإرسال والتدليس، هذا في اصطلاح المحدثين.
إذاً هذا هو القسم الثاني، وهل القسم الأول يسمى إرسالاً، لا يمكن أن نسميه إرسالاً لأنه شيخه.
القسم الثالث:
أن يروي الراوي عمن عاصره ولم يلقه أو يسمع منه، هذا اسمه " تدليس "، وسماه بعض المحدثين بالمرسل الخفي، فهذا هو المرسل الخفي.
إذاً ما هو المرسل الخفي؟ أن يروي الراوي عمن عاصره ولم يسمع منه.
انتبهوا لهذه المسألة الدقيقة التي سأذكرها الآن.
هل يشترط أن نعرف عدم اللقاء، فلا بد مثلاً أن يأتي إمام من الأئمة فيثبت عدم اللقاء ويقول فلان لم يسمع من فلان، أو هو يقول أنا لم أسمع من فلان شيئاً. ثم بعد ذلك إذا روى عنه نقول هذا مرسل خفي، لأنك قلت بأنك لم تسمع منه، أو إذا روى مثلاً عن شخص نقول لا هذا مرسل خفي لأن أبا حاتم قال فلان لم يلق فلان، فلا نسمي هذا النوع إلا مرسلاً خفياً، فهل يشترط أن نعرف عدم ثبوت اللقاء للحكم على أنه مرسل خفي أم لا؟ نعم نشترط في المرسل الخفي أنه لم يسمع منه.
إذاً عندنا حالات:
1) إما أن نعرف اللقاء. وهذا مقبول إلا أن يكون مدلساً، فلابد من التصريح بالسماع.
2) وإما أن نعرف عدم اللقاء. وهذا هو الانقطاع أو الإرسال.
3) وإما أن لا نعرف اللقي وعدم اللقي. وهذه هي مسألة العنعنة.
إما أن لا نعرف اللقي أو عدم اللقي، فمثلاً لو قلنا الحسن يروي عن أبي هريرة رضي الله عنه، يروي الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه،وطبعاً الحسن ولد عام 20 أو 21،وأبو هريرة رضي الله عنه توفي سنة 57هـ.
فالحسن عاصره لكننا لا نعرف هل الحسن لقي أبا هريرة رضي الله عنه، أو الحسن لم يلق أبا هريرة رضي الله عنه ـ نحن الآن نفترض وإلا نحن نعرف إن شاء الله ـ طيب أعيد السؤال مرة أخرى.
إذا لم نعرف أنه لم يلقه أو لقيه؟ والاحتمال موجود بلقيه؟
نرجع إلى مسألة العنعنة، فهذا هو الجواب باختصار، فإذا لم نعرف أنه لقيه أو أنه لم يلقه نرجع إلى مسألة العنعنة.
فنقول عندنا احتمالان:
1) إما أنه لا يثبت السماع وعدمه، فليس عندنا أنه قال إني لقيت ولا عندنا أنه قال إني لم ألقه، ولا عندنا أحد الأئمة قال فلان لقي فلاناً، وليس عندنا ما ينفي السماع عقلاً. ولا أحد من الأئمة قال فلان لم يلق فلان، فماذا نسمي هذا؟ هذه مسألة " الحديث المعنعن "
2) أن يكون عندنا قطعٌ بأنه لم يلقه، فهذا هو " المرسل الخفي ".
إذاً القسمة لا تخرج عن ثلاثة أشياء:
الأول: أن يروي الراوي الموصوف بالتدليس من شيخه الذي سمع منه حديثاً بصيغة " عن " أو " أن " أو " قال " فهذا يسمى " تدليس الإسناد " بالاتفاق.
الثاني: أن يروي الراوي عمن لم يعاصره أصلاً، فهذا إما أن يسمى تدليساً، وإما أن يسمى مرسلاً، وإما أن يسمى منقطعاً، وهذا لا إشكال فيه أيضاً.
الثالث: أن يروي الراوي عمن عاصره، بصيغة عن أو أن.
فنقول هذا التعريف يرد عليه احتمالان:
الاحتمال الأول: أن يكون عندنا قطعٌ بأنه لم يلقه، فهذا هو " المرسل الخفي ".
الاحتمال الثاني: أن لا يرد أنه لقيه ولا يرد أنه لم يلقه، فهذا هو الحديث المعنعن، بالكلام الذي أخذناه وشرحناه وفهمناه إن شاء الله.
فإذا سئلت ما هو المرسل الخفي؟
تقول: أن يروي الراوي عمن عاصره ولم يسمع منه.
فإن قيل لك دقق، قل: أن يروي الراوي عمن عاصره ولم يلقه أصلاً، فهذا تدقيق في التعريف.
إذا سئلت ما هو الفرق بين التدليس وبين المرسل الخفي؟
فقل التدليس: أن يروي الراوي عن شيخه ـ ونحن متأكدين أنه شيخه.
أما المرسل الخفي: أن يروي عمن لم يلقه.
وبماذا يجتمعان؟ يجتمعان بالمعاصرة.
إذاً يختلفان بأن التدليس يروي عن شيخه الذي ثبت أنه سمع منه، بينما الإرسال الخفي يروي عمن ثبت أنه لم يلقه.
فالتدليس ثبت أنه لقيه لكن هذا الحديث بعينه لم يسمعه منه، بينما الإرسال الخفي كل الأحاديث أصلاً ما سمعها منه.
ما الفرق بين الإرسال الخفي والحديث المعنعن؟
الإرسال الخفي: ثبوت المعاصرة وعدم اللقاء.
والمعنعن: ثبوت المعاصرة ولم يثبت اللقاء أو عدمه.
مسألة:
ما الفائدة من كلامنا على الإرسال الخفي، وكلامنا على التدليس؟
سبق لنا أن هناك من جعل الإرسال الخفي والتدليس شيئاً واحداً، إذاً ما الفائدة من التفريق؟
الفائدة كبيرة جداً، وأول من نبَّه على هذه الفائدة – فيما أعلم – الشيخ الدكتور الشريف حاتم العوني أن المرسل الخفي إذا جعلنا القسم كله تدليساً وجعلنا الأقسام كلها واحدة وهو التدليس.
نضرب مثالاً: الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه، الحسن روى عن أبي هريرة بكثرة، هناك من جعل هذا تدليس مع أنه عاصره، وهناك من جعله إرسالاً خفيّاً، فإذا جعلته قسماً واحداً وهو التدليس، فجاء حديث فقال الحسن حدثني أبو هريرة رضي الله عنه، إذا كنت سأتعامل معه على أنه ما فيه إلا تدليس ماذا سينتج؟
يلزم منه إذا قلنا أنه مافيه إلا تدليس وجاءنا حديث قال فيه الحسن حدثني أبي هريرة رضي الله عنه، نقول لا نقبل إلا بما صرّح به الحسن بالتحديث، فالحسن مدلِّس، وسبق لنا أنّ المدلِّس ما يقبل منه إلا بما صرّح بالتحديث، يلزم منه أن لا نقبل حديثاً عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه إلا إذا قال حدثني، وما عداه الذي فيه " عن " لا نقبله، لأنه ليس عندنا إلا قسم واحد وهو التدليس، فسمينا الحسن مدلِّساً الآن، وإذا سميناه مدلِّساً أعطيناه قاعدة التدليس، فجاء في الحديث قال حدثني قبلناه، جاء الحديث ولم يقل حدّثني لم نقبله.
أما إذا جعلنا هناك قسماً آخر وهو المرسل الخفي، قلنا. لا، ثبت عندنا أن الحسن سمع من أبي هريرة رضي الله عنه، إذاً ماذا سيحصل سنقبل جميع روايات الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه في هذا الحديث وغيره.
مثلاً: قتادة يروي عن عكرمة، وقتادة أدرك عكرمة وعاصره، لكن هل سمع منه وإلا لا؟
فجئنا ووصفنا قتادة بالتدليس، لأنه روى عن عكرمة وهو ما لقيه ثبت أن أناساً يقولون أنه لم يلقه، فوجدنا قتادة يروي يقول حدثني عكرمة وثبت عندنا السماع، إذا جعلناه من باب التدليس قلنا لا نقبل إلا هذه الرواية.
وإذا قلنا أنه من باب المرسل الخفي قلنا الحمد لله صحت رواية قتادة في كل حديث.
تدليس الإسناد:
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ:
...............................
…
وما أتى مدلَّساً نوعان
الأول الاسقاط للشيخ وأن
…
ينقل عمن فوقه بعن وأن
طيب هو نقل عن شيخه الذي سمعه منه حديثاً لم يسمعه منه هذا هو تدليس الإسناد، ينقل عن شيخه الذي هو مكثر منه لكنه مثلاً مرة من المرات غاب عن الدرس وهو قد حضر كل دروس الشيخ وقد فاته حديث ذلك اليوم، فجاء إلى أحد الطلاب فقال ماذا حدثكم الشيخ، فقال حدثنا بحديث كذا كذا، فقال هذا التلميذ أنا الآن اكتب روايات شيخي كلها وأجعل في بعض هذه الروايات تلميذاً من أقراني.
إذاً لماذا يدلّس التلميذ تدليس الإسناد؟ ما أسباب التدليس؟
1) القرب من الشيخ، والعلو في الإسناد.
2) أحياناً قد يكون لإخفاء الضعف في الإسناد، إما بسبب أن شيخه ضعيف أو بسبب أن شيخه مجهول.
3) أن يكون خائفاً على نفسه، فيخاف أن يصرّح مثلاً أنه تتلمذ على فلان المبتدع، فيقال له أنت درست على مبتدعه فتترك. وسواء كان خوفاً سياسياً أو دينياً.
4) الاستحقار، يخاف أن يقول أنت تتلمذت على فلان، إما حسداً وإما أنه محتقره ولا يريد أن يرفع من شأنه عند الناس، استحقاراً أو حسداً أو تسطيح للشيخ أو ما شابه ذلك، وهناك أسباب كثيرة للتدليس.
مسألة:
ما حكم رواية المدلّس تدليس الإسناد؟ عندما نتكلم عن شُبه التدليس بغضّ النظر عن حال المدلّس وضعفه ما علينا من هذا، نتكلم عن شبه التدليس فنقول:
إذا ثبت أن هذا الراوي مكثر من التدليس فلا تقبل روايته إلا إذا صرح بالتحديث
وما لم يصرّح بالتحديث فلا يصح حديثه، إذاً نقول ما حكم رواية المدلِّس، رواية المدلِّس المكثر من التدليس لا تصح روايته حتى يثبت أنه صرّح بالتحديث في رواية ما.
مثل محمد بن إسحاق من أشهر من يرمون بالتدليس محمد بن إسحاق يقبل حديثه بشرط أن يصرّح بالتحديث من شيخه فإن لم يصرّح فلا نقبله.
ومثل بن جريج مقبول حديثه ثقة لا يصح حديثه حتى يصرّح بالتحديث، إذاً نحترز ممن نحن الآن؟ نحترز من أناس وهذا سنذكر لكم أقسام المدلّسين عند الحافظ بن حجر ـ رحمه الله تعالى ـ وسأتكلم عليه باختصار طبعاً، لكن هذا حتى يكون قد أنهينا باب التدليس.
المدلّسون الذين ذكرهم الحافظ بن حجر ـ رحمه الله تعالى ـ على خمسة مراتب:
الأولى: من لم يوصف بذلك الا نادراً، كيحيى بن سعيد الانصاري.
الثانية: من احتمل الائمة تدليسه وأخرجوا له في الصحيح لإمامته وقلة تدليسه في جنب ما روى، كالثوري أو كان لا يدلس إلا عن ثقة كإبن عيينة.
الثالثة: من أكثر من التدليس فلم يحتج الائمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع ومنهم من رد حديثهم مطلقا ومنهم من قبلهم كأبي الزبير المكي.
الرابعة: من اتفق على أنه لا يحتج بشئ من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهيل كبقية بن الوليد.
الخامسة: من ضعف بأمر آخر سوى التدليس فحديثهم مردود ولو صرحوا بالسماع إلا أن يوثق من كان ضعفه يسيراً كابن لهيعة.
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ:
والثاني لا يسقطه لكن يصف
…
أوصافه بما به لا ينعرف
هذا هو القسم الثاني من أقسام التدليس وهو تدليس الشيوخ.
تدليس الشيوخ: هو أن لا يسقط أحداً ـ فليس فيه إسقاط ـ ولكن يصف شيخه بما لا ينعرف ويشتهر به، فليس فيه سقوط في الإسناد. وهذا هو تعريف المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ.
ما هي صيغة التحمّل؟ حدثنا، أخبرنا، عن، قال، فلا إشكال فلا نشترط صيغة.
هو أن يروي الراوي عن شيخه الذي سمع منه حديثاً سمع منه، إذاً ما هو الإشكال لماذا يسمى تدليس؟ نحن قلنا في التعريف: إخفاء عيب في الإسناد أو طريق الإسناد طريقة التحمّل، فيخفي الطريقة، فهذا الشيخ يمكن أنه ضعيف من يوم أقول للناس حدثني فلان سيقولون هذا اترك حديثه ضعيف، فأصفه بما لا ينعرف.
فمثلاً: لو كان اسمه عبد الله بن فلان بن فلان، وهو أعرج فأقول حدثني عبد الله الأعرج لا أبيّن، حدثني العراقي فلا ينعرف به، أو آتي بكنيته، فمثلاً هو معروف باسمه ولا يعرف بكنيته، أقول حدثني أبو فلان، هل أنا دلّست هل أنا أسقطت. لا.، لكني أخفيت عيباً فأنا دلًست.
إذاً إذا قلت دلّست لا تفهم أن فيه سقوط مباشرة لا، دلّست أخفيت عيباً، فهل دلّست أنا الآن نعم دلّست، كيف صيغة التدليس تدليس شيوخ، فأخفيت هذا الراوي عن الناس بوصفه بشيء آخر لا ينعرف به.
ما أسباب تدليس الشيوخ؟
1) إخفاء ضعف الشيخ فأصفه باسم آخر.
2) خوف ديني أو سياسي.
3) الحسد أو الاستحقار، فلا يريد أن يقال فلان يروي عن فلان.
4) التكثّر، فأنا مثلاً ما لي إلا شيخ واحد سمعت منه فأقو اليوم مثلاً حدثني المصري، وغداً أقول حدثني الأعرج، ولو كان أعمى أقول حدثني الأعمى، وأقول حدثني أبو عبد الله، ولو كان اسمه زيد أقول حدثني زيد، وهو كل هذا واحد إذاً هو استكثار بالشيوخ، يقولون والعهدة عليهم، الخطيب البغدادي يفعل هذا ـ رحمه الله تعالى ـ، وأنا بريء من هذا، لكنهم هم يقولون هذا
قال الحافظ العراقي ـ رحمه الله تعالى ـ:
............................... وكالخطيب يوهم استكثارا
وأنا بريء من هذا لكن أهل العلم ذكروا هذا، إذاً هذا هو تدليس الشيوخ وهو القسم الثاني، ولم يذكر المؤلف القسم الثالث، تبعاً لابن الصلاح ـ رحمه الله تعالى ـ، فهناك قسم ثالث ذكره أهل العلم سنرى هل هو قسم أم لا، اسمه " تدليس التسوية ".
صفة هذا التدليس: أن يروي التلميذ عن شيخه الذي سمع منه فيصعد إلى ما فوق شيخ شيخه بصيغة عن.
أعيد مرة ثانية: أن يروي التلميذ عن شيخه الذي سمع منه هذا الحديث ـ إلى الآن ما فيه إشكال حتى ما فيه تدليس لا إسناد ولا شيوخ ولا شيء ـ عن شيخ شيخه،فيسقط شيخ الشيخ.
فلو افترضنا بأن عبد الرزاق يروي عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه، فأراد عبد الرزاق أن يدلّس تدليس تسوية، فيقول حدثني معمر عن أبي سلمة، إذاً أسقط شيخ شيخه. هذا يسمى تدليس التسوية، لماذا سمي تدليس التسوية، لأن التلميذ كأنه يسوّي الحديث ويحسّنه، لأن أصلاً شيخ شيخه ضعيف أو لأي سبب من الأسباب التي ذكرناها في أسباب تدليس الإسناد، قد يكون لا يحب أن يُذكر بأن شيخه سمع من بعض أقرانه أو من المبتدعة لأي سبب من الأسباب التي ذكرناها. نعم، فيصعد من أجل أن يسّوي حالة شيخه. إذاً هو أن يروي التلميذ عن شيخه الذي سمع منه هذا الحديث فيسقط شيخ شيخه.
فهذا هو تدليس التسوية، نعم لنرى لماذا لم يذكر بن الصلاح ـ رحمه الله تعالى ـ هذا القسم لأنه داخل في تدليس الإسناد، روى في الحديث عن شخص لم يسمع منه بصيغة عن أو أن، صح إنه قسم من أقسام التدليس، يعني لو أردنا أن نقسم تدليس الإسناد إلى أقسام، سنقول:
1) قد يكون تدليس الإسناد هو يدلّس عن شيخه.
2) وقد نقول إنه ينقسم تقسيم ثاني، أن يجعل شيخ شيخه يدلّس. فهذا الذي جعل الحافظ بن الصلاح ـ رحمه الله تعالى ـ لم يذكر هذا الكلام " تدليس التسوية "، وذكره المتأخرون.
وترك الماتن " تدليس التسوية " تبعاً لابن الصلاح ـ رحمه الله تعالى ـ.
وأشهر من يُعرف به هو بقيّة بن الوليد، والوليد بن مسلم ـ رحمهما الله تعالى ـ، فهذان هما أشهر من يفعل هذا التدليس، وهم معدودين وهم قلّة جداً، لا يتجاوزون العشرة فيمن يدلس تدليس التسوية قلّة.
لكن هناك قسمان يذكرهما أهل العلم:
1) وهو " تدليس القطع " أو يسمى " تدليس السكوت "، وهو قريب جداً لكن هو موجود في الاصطلاح.
وهو أن يقول المدلِّس حدثني فلان حدثني فلان ثم يقول حدثني ثم يسكت فينوي السكوت وينوي القطع ثم يقول بن سيرين ـ رحمه الله تعالى ـ.