المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مسألة: ما ثمرة الكلام على الإسناد العالي والإسناد النازل، لا - الكواكب الدرية على المنظومة البيقونية

[سليمان بن خالد الحربي]

الفصل: مسألة: ما ثمرة الكلام على الإسناد العالي والإسناد النازل، لا

مسألة: ما ثمرة الكلام على الإسناد العالي والإسناد النازل، لا سيما ونحن قلنا بأنه لا يفيد الصحة ولا الضعف؟

نقول بأن هذا هو اهتمام من المحدثين ـ رحمهم الله تعالى ـ، وقد نقل عن الإمام أحمد ـ رحمه الله تعالى ـ أنه قال:" طلب الإسناد العالي سنة عمّن سلف "، ونقل عن الإمام أحمد وغيره أنهم يبحثون عن الأسانيد العالية للقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذه هي ثمرة الإسناد العالي القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا روي عن ابن المديني وأبي عمرو المستملي النيسابوري ـ رحمهما الله تعالى ـ أهنما قالا:" الإسناد النازل شؤم "، وروي عن يحيى بن معين ـ رحمه الله تعالى ـ أنه قال:" الإسناد النازل قرحة في الوجه "، فكأنهم يستقبحون هذا الإسناد لأنك تستطيع أن تقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لا تحرص، وهذه هو وجه قولهم أنه " شؤم "، وأنه " قرحة في الوجه"، فهذا هو ثمرة هذا المبحث.

(الحديث الموقوف)

قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ:

وما أضفته إلى الأصحاب من

قول وفعل فهو موقوف زكن

انتقل المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ إلى القسم الخامس عشر وهو (الحديث الموقوف) .

الحديث الموقوف: وما أضفته إلى الأصحاب من قول وفعل. وهذا هو تعريف المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ.

إذاً الحديث الموقوف هو: كل إسنادٍ أضيف إلى أحدِ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

انتهى به الإسناد إلى الصحابي.

وقد مرّ معنا المقطوع: وهو كل ما وقف به الإسناد إلى التابعي، وهنا وقف الإسناد إلى الصحابي.

فلو جاءنا الإسناد عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان يفعل أو يقول كذا، فهذا نقول عنه إنه حديث موقوف.

وكذلك إذا قال التابعي " فعلنا كذا "، يقصد الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ فهذا أيضاً موقوف.

قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ: وما أضفته إلى الأصحاب.

من هو الصحابي؟

ص: 74

هو كل من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على ذلك. ولو لم يره كأن يكون أعمى، ولو لم يخاطبه كأن يحضر له خطبة، ولو لم يجلس معه فقط رآه مثلاً في حجة الوداع، فإنه يأخذ شرف الصحبة، ولا شك أن شرف الصحبة من أعظم الأوصاف، وهذا من فضل الله عليهم، قال صلى الله عليه وسلم:(لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل جبل أحد ذهباً ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه) ، قد يقول قائل ما هذا الفضل؟ ما الذي فعلوه؟ فهناك من التابعين من نشر العلم وغيره؟

أولاً: هذا محض فضل الله ـ جل وعلا ـ عليهم، وفضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، فأنت أيها الرجل، ما الذي فضّلك على المرأة، وعلى الرقيق، فهذا محض فضل الله، فالنبي صلى الله عليه وسلم فُضّل بالنبوة وهو محض فضل الله ـ جل وعلا ـ.

ثانياً: أنه دائماً عند ابتداء الشيء يكون العمل أشدّ وأصعب مما إذا جاءه بعد تحريره، فالصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ أتاهم شيء جديد خالفوا الناس كلهم، وليس قومهم فقط، فهذا يصعب على الإنسان أن يتخذ هذا القرار، فأنت مثلاً لو رأيت موضوعاً جديداً جاء إليك ورأيت الناس كلهم يقولون هذا خطأ وليس بصحيح، ومن يفعل هذا فهو كذا وكذا، فلا يمكن أن تتخذ قراراً بأنك تخالف فصعبٌ عليك، ومع هذا فالصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ عزّروا الرسول صلى الله عليه وسلم ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه، فهذا ليس سهلاً.

بعضهم يقول الصحابي: هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على ذلك ولو تخلل ذلك ردّه.

ص: 75

وأنا أعرضت عن هذا قصداً، فنحن لسنا ملزمين بهذا ولا نسأل عنه، ولهذا لا أرى البحث في مثل هذا، فيعرض الإنسان عن هذا لأنه لن يُسأل، يعرض عن مسألة من الذين ارتدوا من الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ وهل ارتدوا؟ وهل فلان بن فلان ثبتت ردته أو لم تثبت؟ ، نحن نقول الإعراض عن هذا أسلم للإنسان لأنه إن أثبتت صحبته وهو قد ارتد فهذا إشكال، وإن أثبت ردته وهو لم يرتدّ فهذا إشكال أيضاً، الثمرة ماهي؟ هل له حديث نرى صحته؟ هؤلاء مالهم حديث نحتاج إلى البحث في إسناده، ولكن هو تحرير مصطلح للصحابي، يبحثون لتحرير مصطلح الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ، ونحن نحرر مصطلح الصحابة من أجل صحة كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط، إذاً ما يهمنا هذا، أما لو كنت سؤألّف كتاباً في معجم الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ، احتجت أن أحرر هذا المصطلح، لكن أنا الآن لا أحتاج لتحريره فأنا الآن أحرر كلام الرسول صلى الله عليه وسلم لأجل أن أتأكد، لا أجد حديثاً لفلان من الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ اختلفوا فيه هل هو مرتد أو لا.

قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ: " فهو موقوف زكن ".

" زكن ": أي عُلِم، وكثيراً ما تستخدم هذه العبارة ـ أعني " زكن " ـ في المنظومات فقد استخدمها ابن مالك في ألفيته والسيوطي في عقود الجمان ـ رحمهما الله تعالى ـ.

مسألة: هل يشترط الاتصال في الحديث الموقف؟

اختلف في هذا أهل العلم، وأشار إلى ذلك الحافظ ابن الصلاح ـ رحمه الله تعالى ـ وذكر قولين:

القول الأول:

أن الموقوف يشترط فيه شرطان:-

الشرط الأول: أن يكون موقوفاً على الصحابي رضي الله عنه.

الشرط الثاني: أن يكون متصلاً.

فالحديث المنقطع ولو انتهى إلى الصحابي فليس بموقوف.

القول الثاني: أنه لا يشترط الاتصال، وإنما يشترط أن ينتهي الإسناد إلى الصحابي رضي الله عنه، وهذا هو الذي عليه جماهير المحدثين والفقهاء.

ص: 76